الْمَخْزَنْ يَدُّو بَاسْطَة عْلِينَا ..
ينتابني شعور بالحزن والأسى كلما نظرت لهذه الجيوش من العاطلين من شباب بلدنا خريجي المعاهد والجامعات، يجوبون الشوارع، تنهش أيامهم العطالة ويمضي بهم العمر دون أن يظفروا بلحظة فرح أو يغنموا وينالوا نصيبهم من هذه الدنيا الفانية… والحديث لا ينطلي هنا على بدعة اسمها « سد الخصاص » أو « سد شي حاجة »، لأن أولائك يريدون إلباس الحق بالباطل ويعيدوا مأساة التوظيف المباشر، وكأن نساء المغرب لم يلدن غيرهم، فالشغل من حق الجميع، وهو حق وليس امتيازا، لكن بطرق مشروعة عبر مباراة تتكافأ فيها الفرص وتكوين يخول للموظف القيام بالمهام الموكولة إليه. وقبل كل ذلك ديبلوم يخول لصاحبه حق التباري، أما وأن يتحول الواحد إلى موظف بمجرد كونه « تعاقد » للعمل ساعات إضافية تقاضى عنها أجرا، فذاك والله من عجائب هذا الزمن الرديء، وقد عجبت لما صدر عن عمالة تاوريرت التي صارت تنظم مدحا وترشق هؤلاء المدعوين لغوا « أساتذة سد .. »، من قول فيه كثير من المحاباة المجانية بدل أن تهتم مصالحها بحال مدينة عبث بمصيرها المتلاعبون(انظر المقال بجريدة وجدة سيتي من توقيع حميد عبادي في 19/02/2014).. ألا يعلم هؤلاء ومن سعى لجعلهم سدادا لثقب في système أن البقاء للأصلح وأن الدوام لله؟
المهم، [الْحَنَّايَا عَمْشَة وْلَعْرُوسَة فِيهَا بُوتَفْتَافْ] …
إن سياق الكلام هو عن شباب سطت على أحلامهم يد نخبة متعفنة، لا تحمل من صفة النخبة سوى الإسم الأجوف، كالشجرة التي نخرها السوس. فمنذ جلاء عسكر الاحتلال عن أرض المغرب وآباؤنا، ثم نحن من بعدهم وصولا إلى أبنائنا، نتطلع لغد أفضل، فكان حالنا كمن يحاول أن يقبض على السراب… أجدادنا كانت معاناتهم مزدوجة مع الاستعمار والمخزن، حين كانت بلاد السيبة وبلاد المخزن. حين كان الْقَايَدْ يَحْكَمْ بَحْكَامُو والنَّاسْ تَسْمَعْ لَكْلاَمُو … أيام لـَﯖـْلاَوِي وعيسى بن اعمر وبوكبوط … زمن القايدية، على حد تعبير بول باسكون … تعلمون حفظكم الله، أنه من بين الأشياء التي ابتدعها قياد المخزن، وهم قياد الاستعمار، ابتدعوا الشيخات، لأنهم سطو على تراث أمازيغي وحرفوه ليخلقوا لأنفسهم فرجة رخيصة مجانية، كان الغرض منها تشويه أصول وأصالة الأمازيغ..
ثم من بعد الأجداد كان الجيل الذي شهد خروج جنود الاستعمار وسار في درب طويل معتم، تارة يسمونه التضحية وتارة في طور البناء وتارة المغرب الفتي، وما إلى ذلك من الوصفات والفتوى التي اضطر معها المخزن فتح المعتقلات ليسكت صوت الشعب، فكانت تازمامرت وقلعة مكونة وعلي الشريف والمعتقلات السرية التي لا يعلمها إلا الله وأصحاب الحال والذين قضوا فيها .. لأن [الْمَخْزَنْ حْبّالُوا طْوَالْ] .. و[الْمَخْزَنْ اهْرَبْ لْعَنْدُو لاَ تَهْرَبْ مَنُّوا] .. [إِلَى جَاعْ الْمَخْزَنْ جَوَّعْنَا] .. [شْكُونْ يـْﯖُـولْ لَلْقَايَدْ رَجْلِيكْ خَانْزِينْ] .. و[شْكُونْ يـْﯖُـولْ لَلسْبَعْ فَمَّكْ خَانَزْ] .. و[الِّلي مَا رَبَاوَهْ وَالِيدِيهْ يْرَبِّيهْ الْمَخْزَنْ] .. [كَسْوَتْ الْمَخْزَنْ فِيهَا 12 شَاهَدْ] ..
أعتقد أن المصالحة الحقيقية يجب أن تكون مع شباب هذا البلد من خلال الاستفادة من قدراته المعرفية والفكرية، لأن الاستثمار الحقيقي هو في الموارد البشرية، عبر توفير فرص الشغل لاستشراف المستقبل، لأن أجيالا قدمت ما يكفي من التضحية لبناء الوطن، ولينعم هذا الشباب بظروف عيش مريحة، لكن هناك من يصر دائما على حجب نور الشمس .. « إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ » (غافر44)، صدق الله العظيم.
1 Comment
VOUS AVEZ UN STYLE CONTINUEZ BRAVO