تندرارة : صرخة من أعماق أهل الخيام
اكتست مدينة تندرارة بحلة بيضاء إثر تساقط الثلوج التي استبشر بها السكان خيرا بعد انتظار ، فهذه المدينة تعرف ببرودة طقسها ففصل الشتاء يمتد بها من شهر نونبر تقريبا إلى غاية شهر أبريل فتعيش على صفيح بارد طيلة هذه المدة فتنخفض بذلك درجة الحرارة لتصل درجة إلى ما تحت الصفر ، ويعتبر سكان البلدة في غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود إن لم نقل المنعدم ، فالسواد الأعظم يعيش تحت عتبة الفقر المذقع بما تحمله الكلمة من معنى .
كيف يمكن لهذه الفئة المقصية والمهمشة أن تحارب برودة الجو في غياب تدفئة وملابس مخصصة لهذا الغرض وأغذية متوازنة تحتوي على فيتامينات وذهنيات وسعرات حرارية وأدوية خصوصا وأن هذا الفصل يعرف بنزلات البرد التي لا تستثني أحدا ، أما السكن فهو بعيد كل البعد عن معايير السكن اللائق ، فإما نجده عبارة عن منازل قديمة آيلة للسقوط سقوفها من قصدير أو خيام منتشرة هنا وهناك على جنبات المدينة .وسكان هاته الخيام هاجروا من البادية إلى المدينة خلال توالي سنوات الجفاف التي لم تترك لهم من أملاكهم إلا تلك الخيام المنصوبة التي أكل عليها الدهر وشرب والتي لاتقي من الحرارة ولاتحمي من البرودة للبحث عن العمل ، فهم لا يجدون للصبر بديلا في تخفيف معاناتهم التي تمتد على طول الأيام ، صيفا وخريفا وشتاء وربيعا في انتظار بريق أمل في مستقبل أفضل . فباستثناء الإعانة التي تقدمها مؤسسة محمد السادس للتضامن خلال شهر رمضان من كل سنة لايجدون من يخفف معاناتهم ويمد لهم يد العون .
فمن ينظر إلى هؤلاء المعوزين بعين الرحمة ؟ في الوقت الذي لايجد فيه هؤلاء الفقراء المحتاجين ما يسدون به رمقهم سوى من الأكلة المشهورة عندهم والتي تتضمن الخبز والشاي والألبسة الرثة والأغطية القديمة التي مزقها كثرة الإستعمال تجد من ينغمس في ملذات الحياة طولا وعرضا همه الوحيد هو جمع المال ومواكبة الموضة العالمية وإنفاق الأموال الطائلة في سبيل إشباع رغباته ولو على حساب غيره .
إن مانراه اليوم من تبذير للأموال في شراء السيارات الفارهة التابعة للدولة والتي أصبحت تستعمل لقضاء المآرب الشخصية ، وما يتم إنفاقه في المهرجانات والحفلات وتلك الحوافز التي يتمتع بها موظفون دون غيرهم والأجور الخيالية التي يتقاضاها الموظفون السامون والمرتبات التي يتقاضاها البرلمانيون بعد نهاية الخدمة والمأذونيات التي تمرر عبر الزبونية والمحسوبية … تجعلنا نطرح سؤالا عريضا وهو :
أليس من بين الأولويات الملحة إنفاق هذه الأموال على هاته الشريحة المسحوقة عوض تشتيتها هنا وهناك دون حسيب ولارقيب ؟
كتبه عبد الجبار بوعزيز .
Aucun commentaire