Home»Régional»تاوريرت : الجنـــــــــدي المجهول استراحة المحارب

تاوريرت : الجنـــــــــدي المجهول استراحة المحارب

0
Shares
PinterestGoogle+

توفي حسن بلقاسمي وهو في التاسعة والأربعين من العمر . بعد أن سقط من جرف جبل زولـــــف زوال الأربعاء 05 دجنبر 2007 . بدوار اموناين بني شبل جماعة واد زا عمالة إقليم تاوريرت . وكان حسن قد خرج صباح هذا اليوم من منزله بتاوريرت في اتجاه الدوار الذي يبعد عن المدينة ب خمسين كلم ليلتحق بالشباب المتطوع في التـْــِويـــــــــــزَة التي تقام بشكل دوري كل أسبوع من أجل إسقاط الجبل وشق الطريق على جنباته .. .. لكن حسن لم يكن يعرف ما يخبؤه زولـــــف . وصل إلى سكان القرية الذين كانوا يتجمعون على مشارف الجبل وبدأ اليوم عاديا مع الشباب والشيب بأتعابه ومرارة العزلة والشقاء الممزوج بالنكتة وبعض الأهازيج … لكن حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر وبعدما كان موعد الشــاي قد وصل ، لم يهدأ حسن ولم يلتحق بالأكل كأصدقائه ، بل كان يجهد نفسه مع بعض الأحجار اللعينة للجبل ، فانزلق وهــــوى مع بعضها لمسافة تفوق 80 مترا أسفل الجرف الذي كان كله منحدرا صخريا ..

كان المشهد رهيبا ومرعبا للشباب الذين هرعوا بقراءة اللطيف والتكبيرات لكن المنون لم تمهل حسن و أسلمت على عجل روحـــه

مِـــــن " بنــــي اشبـــــل " إلــــــى" بـــــــــــــورقوس "

بعدما تـَخـَلـَّتْ الدولة المغربية كليا عن أبناء الفلاحين الفقراء

في البوادي ، لم يكن أمامهم من خيار سوى اللجوء إلى الضفة الأخرى وكان حسن بلقاسمي من بين مجموعة كبيرة محضوضة تسربت إلى اسبانيا ، الدولة التي تعرف من أين يــــؤكل كتف الشباب المعطل بالقرى المغربية.. تزوج حسن منذ أزيد من عشر سنوات ورزق بأبناء ثلاث أصغرهم ابن السنتين ونيف ..و هو إنسان بسيط وطيب … منذ أسابيع كان يتردد على الرحيل إلى اسبانيا مكان عمله .. و ما كان لهَ أن يتـــــأخرَ عن ذلك لو كان يعرف ما يدس له زولـــــف .

كان مستقرا بمدينة بورقوس Burgos ..المعروفة بكاتدرائيتها والتي بنتها الــــدولة الاسبانية بسواعد العمال ولم تتركها معزولة أو مهمشة … لم يتحمل حســــن وزر عزلة أهلـــــــــه ببني اشبل ، وتطوع معهم لفتح الطريق ، فمات بها ولم تهرع أجهزة الدولة إلى موقع سقوطه إلا َّ بعدما فارقت الروح جسمه بساعات ..

رحم الله حسن و " ليس لدينا من الوقت ما يكفي لتأنيب دواعي الندم "

" خَـللـِّي وَذ ْنِيــــــكْ امْعَــايَا "

لنتعــرف على الحكاية من البداية

إموناين وإعساين فخذتيــن من قبيلة بني اشبل الامازيغية . يضمان دوواوير مهمة على ضفاف واد زا معزولة تماما . وتنعدم بها البنيات التحتية لا مسلك أو طريق ولا ماء غير ماء النهر ولا كهرباء غير ضوء القمر أو الشمس …

استبشر سكانها خيرا لما سمعوا بمبادرة التنمية البشرية لكن سرعان ما اكتشفوا بان مشروعهم المتعلق بشق مسلك بجبل زولف لم يبرمج بحجة انه يحتاج إلى رصيد مالي ضخم .. أما مسؤولي وزارة التجهيز فلم ينطقوا ببنت شفة ، بمبرر استحالة شق هذا الطريق الجبلي وكفى .

وما كان على أبناء القبيلة إلا َّ التشمير على الساعد لمواجهة الجبل الذي يفصلهم عن الطريق المعبدة . وفعلا نهضوا وأعلنوا التحدي …

كان المنادي ينادي بسوقـــيْ أزكـــا وعبيدة ومسجد العرعار ليعلن للعموم من أبناء القبيلة عن أيام التطوع ، وكان الكل من دون استثناء يلبي النداء .. حيث كانوا هناك وحدهم يتوغلون إلى الأمام نحو إلحاق الهزيمة بجبل زولـــــف ، كانوا إخوة كالنمل يتعاونون يكدون بلا ملل ، يتعبون ويفرحون كلما هشموا الصخر العملاق الذي يصل إلى 36 متر مكعب … بالياتهم اليدوية العتيقة ، معاول وبعض القضبان الحديدية وإشعال النار في العجلات المستعملة من اجل تسخين الصخر ليسهل تكسيره .. وفعلا زحف رجال بني اشبل مسافة أربع كيلومترات ونصف من أصل ستة على جنبات هذا الجبل الذي استعصى اختراقه من طرف وزارة التجهيز والنقل المغربية… وأصبحت القوة الجماعية لأبناء المنطقة تتوالد و تتصاعد لتسحق الصخر وتتحدى الوزارة …

رايتهم وعرفتهم عن قرب ، أناس بسطاء طيبون ورائعون يكدون ويعملون بنشاط منقطع النظير .. وكان على حســــن أن لا يفارقهم بهذه السرعة ، وهم على مشارف استكمال شق الطريق .. كان عدد المتطوعين يصل إلى الخمس مئة متطوع ، نساءا ورجالا ، الكل يعمل بتكامل منضبط وبحميمية واحترام متبادلين . النساء يهيئون الشاي والطعام ووجبة الغذاء الجماعي أما الرجال تراهم يحملون المعاول… ويسيرون كأسراب النمل على طول المسلك وعلى امتداد الجبل اللعين نحو اختراقه ..

قد لا يتصور وزير التجهيز والنقل متعة اللقاء بهم وكم هـــو لذيذ طعامهم الشعبي الجماعي الذي لا يقارن بالجلسات وسط القاعات المكيفة والأكل بأطباقه المتنوعة.. فالأول يكون بتلقائية مفتوحة ، خالية من البروتوكولات وغيرها من كل ما يفسد عن الثانية مذاقها وطعمها …

الجنــــــدي المعـلـــــوم

مات حسن في معركة فك العزلة والتهميش عن أهله. شيع جثمانه في موكب رهيب ظهر الخميس 06 دجنبر 2007 بالمقبرة الجديدة لمدينة تاوريرت . حضر مراسيم الدفن المئات من الشباب سواء من أصدقاء المرحوم المتطوعين أو من عموم أبناء الشعب المتأثرين. وكان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حاضر يوثق للوطن وفاة هذا الجندي المعلوم، ويطلب من وزارة التجهيز وسلطات الدولة التي غابت كليا عن التشييع، ربما بسبب انتظارها موعد تدشين افتتاح هذا الطريق الوعــــــر. بان تقيم لحسن قبر الجندي المجهول …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. ل.ع بوعرفة
    19/12/2007 at 01:13

    رحم الله الشهيد وأسكنه فسيح الجنان ، وألهم أهله الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون،وحسبنا الله ونعم الوكيل في دولة تخلت عن مسؤولياتها…

  2. صديق المرحوم
    16/01/2008 at 20:26

    حسبي الله ونعم الوكيل في دولتنا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *