الحياة المدرسية : بين التشريع و التنفيذ
بإجماع المتتبعين، وأمام مبادرات محتشمة لأصحاب القرار وذوي الاختصاص الذين يتعاقبون في غياب السلاسة والاستمرارية للقرارات المصيرية، فقد أصبح القطاع التعليمي يعيش حالة تراجعات خطيرة دامت لفترات طويلة، فانعكست على مستوى المردودية والجودة، فباتت تعيش وضعية الركود و القصور على مستوى الأداء، فبدأ القطاع يسلك مسارا يهدد بالأزمة الحقيقية .
من جملة المشاكل التي اكتسحت هذا المجال الحيوي :غياب مشروع بيداغوجي قادر على إخراجه من وضعية المأزق وبإشراك المهتمين الفعليين، انعدام الارتباط بين النظري والتطبيقي، فرض قرارات عرجاء ومحاولة تنزيلها من فوق، بيد أن الحكمة تقتضي اعتبار البيئة من الأولويات، وكدا محاولة إسقاط تجارب الغير التي استهلكت في ظروف سسيوبيئية مختلفة. لقد عرفت المدرسة العمومية تراكمات عدة ساهمت فيها عوامل كثيرة دفعت بالسياسة التربوية للبلاد إلى محاولة إخراجها من عنق الزجاجة وبأقل التكاليف، وهو أمر يكاد يكون من المستحيلات.
في غياب تام لإشراك حقيقي للكفاءات ودوي الخبرة الميدانية، وتبني مشروع متكامل يهدف إلى تصفية الرصيد التاريخي الذي تسبب في تشابك خيوط العملية فاستعصى الحل الأني، بل استحال، لانعدام ألية التدرج، وخيار طول المدى الذي يفرض نفسه بإلحاح شديد، وأمام الكم الهائل من الإشكالات الوظيفية، ومطالب الفئات التي تعمقت وتجذرت وتناسلت، فتم إهمال الحلول لعدم اقتناع المسؤولين بجديتها، فأحدثت الهوة بين الحقوق و الواجبات كطرفي معادلة الحسم .
فأما إن غصنا في دهاليز الإدارة الوصية : إقليميا، جهويا، وطنيا، فالمصيبة أعظم، فبتنوع المصالح، المكاتب، والأقسام، تتعدد الإشكالات والإكراهات، فمن أين نبدأ ؟
الموارد البشرية والمالية ؟ أم التخطيط ؟ أم الحياة المدرسية؟ أم التربية غير النظامية؟ …….. في واقع الأمر، فإن هذه المصالح تعمل في تنسيق تام، والبعض يكمل الأخر، تحت إمرة رئيس مباشر يراقب العملية عن كتب و يسهر على ضمان سيرورة المرفق العام، على اعتبار ما يجب أن يكون، كما يعمل على تنزيل التشريعات والبرامج ويسهر على تفعيلها و أجرأتها، وضمان ازدواجية الأدوار: إداري، بيداغوجي، سيكولوجي .
إن تدرج النظام التربوي أفقيا وعموديا، وتنفيد التوصيات، الغايات و المرامي، وإيجاد الحلول للقضايا الكبرى، هي مسؤولية الجهاز المؤسساتي الوصي عن الشأن التعليمي، بدء من مرحلة التشريع إلى التنفيذ ، ولا مجال لإسقاط الفشل والاختلالات العميقة على أكباش الفداء التي تؤدي كل مرة ضريبة الإخفاقات، وتحمل لها المسؤولية كاملة، لتصريف الأنظارعن الجنات الحقيقيين الذين أفرزتهم ظاهرة تسييس القطاع، توزيع الحقائب، وإرضاء الخواطر، وخدمة الانتماءات الضيقة، ولو على حساب المصلحة العليا للوطن .
لقد دخل الكتاب المدرسي، هو أيضا، غمار المنافسة الشرسة للمستثمرين، فولج السوق بدون حدود، مما أفرز ارتباط المدرسة بالمقاولة، في محاولة للتغلب على مغالطة عدم إنتاجيته، كما يعتبره البعض، في حين تناسوا إنتاجيته للعنصر البشري، الذي يعتبر قطب الرحى العملية التنموية، و المساهم في الرفع من المردودية و الجودة في كل شيء .
Aucun commentaire