اقتراح إنشاء خلية للترجمة المتحركة..بالتلفزيون المغربي
اقتراح إنشاء خلية للترجمة المتحركة..بالتلفزيون المغربي
عزيز باكوش
سبق أن اشرنا في إحدى مقالاتنا المنشورة منذ أكثر من عشر سنوات الى أهمية الدبلجة ونجاعة توظيفها في المجال الإعلامي الوطني كالتلفزيون بقناتيه ، وقد اعتبرنا الفكرة لحظتئذ محفزة وواقعية بالنظر الى التطور السريع والمتواتر الذي تعرفه تيكنولوجيا الاتصال والتواصل عبر العالم .
الترجمة او الدبلجة ، او التعريب حتى ، من أهم الأنشطة التواصلية الفكرية والأدبية في ثقافة الإنسان المعاصر . ليس لأنها أداة للتثاقف والتواصل بين المواطن الإقليمي ، ومؤسسته الإعلامية ، فهذا على قدر كبير من المصداقية ، وإنما بسبب كونها نافذة مشرعة على نظم عادات وثقافات أمم وشعوب المعمور .
وإذا كان لظهور الترجمة خلال السنوات العشر الماضية أحدث تراكما لا يستهان به شمل بعض أجناس الأدب من شعر قصة ورواية إضافة الى عدد هائل من الأبحاث والدراسات فان الشاشة الصغيرة كخطاب ثقافي بصري ظلت بمنأى عن هذا التحول إذا ما استثنينا بعض التجارب المد بلجة للمسلسلات والأفلام المكسيكية التي تم عرضها على الشاشة خلال التسعينيات ، وتميزت بطابع تجاري محض (دبلجة لبنان نموذجا).
تاريخيا ووطنيا، أفرزت حقبة ما بعد الاستقلال تجربة مميزة و متقدمة غي آن ،ويتعلق الأمر بجماعة الفنان المغربي إبراهيم السايح ، الذي استطاع صحبة عدد من رجالات المسرح الأحياء منهم والأموات ، أن يفلح في دبلجة عدد مهم من الأشرطة السينمائية ، ذات جنسيات محددة (الهندية والباكستانية )مثل: الصداقة / اليتيم/ أمنا الأرض…
على أن هذه التجربة ، ظلت الأولى والأخيرة حسب ذاكرتي المثقوبة ، تجربة شكلت الدارجة العامية المغربية أهم دعامتها ، وبالنظر الى السياق الثقافي والمجتمعي والتاريخي فقد حققت نجاحا تجلى بشكل أساسي في شد أنظار قطاع واسع من عشاق الفن السابع.أقول ظلت الأولى والأخيرة.
من هذا المنطق و تأكيدا على دور الدوبلاج او الترجمة وأهميتهما في بناء ثقافة منفتحة ومتفتحة ،نتقدم بمقترح يرمي الى تدعيم هذا التوجه ،وذلك بإنشاء خلية ثقافية للترجمة والإبداع يعهد إليها أمر ترجمة ودبلجة أشرطة وثائقية او سينمائية من جنسيات مختلفة ،الى اللغة العربية ،سواء باعتماد الكتابة على الشريط أو التسجيل الصوتي المصاحب ، على أن يطمح هذا الجهد الى الظهور تجريبيا مرة كل شهر ،و ذلك في اتجاه ترسيخه تقليدا فنيا و ثقافيا كما هو الشأن بالنسبة لبعض الشاشات في العالم، إذ لم يعد من المستساغ أن يشاهد النظارة شريطا وثائقيا يحكي عن "ثورة الملك والشعب " بغير لغة الشعب ، ولأن لغتنا العربية قادرة على تمثل معظم الثقافات و إغنائها، و لأن ساحتنا الفكرية تزخر بالعديد من الأسماء والتجارب. فإننا نأمل أن يتولى أمر هذه القفزة طاقم كفء متخصص من سماته الأمانة وسعة المدارك والدراية الكافية بأمور اللغة ، فكم هو أن يتم التواصل عبر لغة الذات /الهوية والتاريخ…فهل نتأمل من الآن فيما تستلزمه الخطوات الأولى لتطبيق الاقتراح من إجراءات تقنية وفنية ؟ أم نترقب شريط الأخبار المتحرك أسفل الشاشة ،على القناة الثانية كبادرة حسن النية تجاه المشاهد المغربي الثابت والمتحول.
لنتفاءل ، ونعلن حسن نيتنا ، خاصة وان ظهور أول شريط "مدبلج" مع مطلع الشهر القادم بالدارجة المغربية لا يحتاج الى كبير عناء ، وإبراهيم السايح سابقة ؟ من جهتنا لا نرى أن الفكرة تحتاج الى مزيد من التأمل والتأهيل والاختمار؟؟.
عزيز باكوش
Aucun commentaire