سلام على التربية حين تتخذ مصالح الموارد البشرية قرارات دون استشارة المراقبة التربوية
سلام على التربية حين تتخذ مصالح الموارد البشرية قرارات دون استشارة المراقبة التربوية
محمد شركي
من المعلوم أن ما يسمى انتشار أو إعادة انتشار أطر التدريس من اختصاص المراقبة التربوية قبل غيرها إلا أن الجاري به العمل في العديد من النيابات والأكاديميات منذ زمن ليس باليسير هو استئثار ما يسمى مصالح الموارد البشرية بهذا الاختصاص ، والبث فيه مع الأجهزة النقابية دون مجرد استشارة لجهاز المراقبة التربوية، وكأن هذا الجهاز لا وجود له ، وهو آخر من يعلم بما يتمخض عن طبخات مصالح الموارد البشرية مع الأجهزة النقابية . والذي جعلني أثير هذا الموضوع هو ما حصل وما يحصل حاليا بنيابة وجدة أنكاد خصوصا بعد الفراغ الذي خلفته إحالة نائبها على التقاعد في انتظار التحاق النائب الذي كلف بتدبير شؤونها ولما يلتحق بها بعد ، فصار أمرها كما حدث مرتين إلى من يسد مسد النائب كما يسد مسد الفاعل في لغة النحاة . وما حصل في هذه النيابة هو عمليات إعادة انتشار بعض المدرسين مع بداية الدورة الدراسية الثانية على إثر مغادرة بعض المدرسين بسبب الإحالة على التقاعد . فبعد حكاية تلاميذ إحدى الثانويات الذين اعتصموا بمقر النيابة ومقر الأكاديمية احتجاجا على نقل أستاذهم وما وراء هذه الحكاية من نقل وتراجع عنه بعد تدخلات لا أريد الخوض فيها لأنها لم تعد سرا كيوم حليمة ، شاع خبر تكليف أستاذ مادة التربية الإسلامية بثانوية زيري بن عطية ليسد مسد أستاذ متقاعد في مادة اللغة العربية بعد أن قضى المتعلمون زمنا معتبرا في انتظار من يسد مسده . ومعلوم أن أستاذ مادة التربية الإسلامية هو في الأصل أستاذ لمادة اللغة العربية بنفس المؤسسة دعت الحاجة قبل 12 سنة إلى تكليفه بتدريس مادة التربية الإسلامية ،فتطوع مشكورا من أجل ذلك ، وخضع لتكوينات خاصة بهذه المادة ، وفاته قطار التغيير الذي عرفه منهاج مادة اللغة العربية بسبب انشغاله بتدريس مادة التربية الإسلامية بموجب ما يسمى المواد المتآخية . وبعدما صرف من عمره ما يزيد عن العقد من السنين في تدريس مادة غير مادته متطوعا ، وجد نفسه أمام وضعية العائد مضطرا إلى مادته الأصلية بدون تكوين يساعده على مواصلة واجبه بشكل طبيعي . وقرار إعادته لتدريس مادة اللغة العربية طبخ بمصلحة الموارد البشرية التي تعاني من جهل تام بما هو تربوي ، لأنه لو استشارت جهاز المراقبة التربوية لأفادها بأن إعادة هذا الأستاذ إلى تدريس مادة اللغة العربية بعد أن قضى ما يزيد عن عقد من الزمن في تدريس مادة التربية الإسلامية مع غيابه عن سلسلة التكوينات المستمرة لمادة اللغة العربية عبارة عن مجازفة غير محمودة العواقب بمصالح المتعلمين . فما تتوفر عليه مصلحة الموارد البشرية هو التعامل مع هذا الأستاذ باعتبار تخصصه حيث يصنف ضمن أساتذة اللغة العربية حتى لو قضى ما يزيد عن عقد من السنين خارج تخصصه لا يعرف ما جد فيه. فعندما يصير المدرس مجرد رقم تأجير يحسب بحساب الفائض عن الحاجة أو الخصاص فقط دون اعتبارات تربوية، فلا أتردد في القول : سلام على التربية عندنا . ولقد كان من المفروض أن تفكر الجهة ونياباتها في توفير العدد الكافي من مدرسي مادة التربية الإسلامية منذ السنة الأولى التي كلف فيها مدرسو مادة اللغة العربية بتدريس هذه المادة الإسلامية التي يبدو أن قدرها هو أن تظل عالة على مادة اللغة العربية لأكثر من عقد ولعقدين من السنين حيث توجد حالة أخرى لمدرس لمادة اللغة العربية بنفس المؤسسة قضى عقدين كاملين أو يزيد في تدريس مادة التربية الإسلامية ، وهو مدرس تجمعني به صداقة ،وقد عاينت عن كثب كيف تحولت مكتبته الخاصة من مكتبة لمادة اللغة العربية إلى مكتبة أغلب مصادرها ومراجعها عبارة عن كتب إسلامية ، وقد فاته أيضا قطار تغيير مناهج وبرامج مادة اللغة العربية مرتين ، وصار لا يصلح لتدريس مادة اللغة العربية إلا بعد خضوعه لتكوين مستمر في مدة زمنية معتبرة إن لم نقل لتكوين أساسي في مركز تكوين الأساتذة . وأنا شخصيا أعرف من أساتذة اللغة العربية بنيابة جرادة عددا لا يستهان به من أساتذة مادة اللغة العربية الذين كلفوا بتدريس مادة التربية الإسلامية في إطار ما يسمى المواد المتآخية لسد الخصاص بهذه المادة ، وهو خصاص طال عهده واستفحل أمره ،الشيء الذي يجعل التساؤل عن النوايا وراء هذه الخصاص في هذه المادة بالضبط مشروعا وملحا ،وهو : ألا يعتبر هذا الخصاص مقصودا من طرف الجهات المسؤولة باعتبار هذه المادة هي أساس ترسيخ هوية الأمة في الناشئة ؟ فكيف يعقل أن يقضي أساتذة مادة اللغة العربية ما بين عقد وعقدين من السنين في تدريس مادة التربية الإسلامية دون أن تفكر الجهات المسؤولة في تعويضهم عن طريق توفير العدد الكافي من الأساتذة المختصين في هذه المادة ؟ وإلى جانب هذه الأسئلة الملحة ألا تفكر الجهات المسؤولة في الخسارة التي يسببها تكليف أساتذة اللغة العربية بتدريس مادة التربية الإسلامية لمدد معتبرة كما ذكرنا لمادة اللغة العربية ، وهي خسارة لا يمكن أن تشعر بها مصالح الموارد البشرية التي ليس بينها وبين الجانب التربوي سوى الخير والإحسان على حد تعبير العوام . فأنا ـ وأعوذ بالله من قول أنا ـ من موقع اختصاصي كمراقب تربوي في مادة اللغة العربية أستطيع أن أقدر الخسارة التي تلحق بهذه المادة من جراء تكليف أساتذتها بتدريس مادة التربية الإسلامية لمدد تعرف تغييرات في مناهجها وبرامجها ومقارباتها وأساليب تقويمها ، ولن يستطيع مجادلتي في هذا الأمر من لا صلة له به ، ولا هو من أهل مكة العارف بشعابها. ومن السخف أن تتعامل مصالح الموارد البشرية مع مسطرة المواد المتآخية في اتجاه واحد حيث يكلف مدرسو اللغة العربية بتدريس مادة التربية الإسلامية ولا يحدث العكس ، فيصير التآخي بين المادتين بلا معنى . ولقد كان الأجدر بالجهات التي فكرت في إعادة من اشتغل أكثر من عقد من الزمن في تدريس مادة غير مادة تخصصه أن تعتبره مكسبا للمادة التي يدرسها خصوصا وقد خضع لتكوينات فيها ، وشهد له أهل الاختصاص من رجال المراقبة التربوية بأنه صالح لتدريسها ،بل أكثر من ذلك موفق في مهمته ، ويبلي فيها البلاء الحسن إلا أن مصالح الموارد البشرية لا تفكر بمنطق الربح أو الخسارة تربويا ،بل تريد أن يقال عنها أنها وجدت حلا بعد شغور منصب وليكن شاغل المنصب ممن لا محل له من الإعراب على حد قول النحاة ، فالأمر لا يعنيها لأن مبلغ علمها هو إحصاء الفائض والخصاص أما التربية فلتذهب إلى الجحيم في نظرها . والغريب أن يقضي بعض المدرسون سنة واحدة في العمل الإداري مكلفين به لضرورة ليصيروا بعد ذلك متصرفين بقدرة قادر ، وليس بينهم وبين التدبير الإداري إلا الخير والإحسان ، وبعضهم صار يتبجح بإطار المتصرف الذي لم أر إطارا استبيح كما استبيح هذا الإطار حتى صار إطار من لا إطار له، وتهافت عليه المتهافتون الذين استعذبوا الراحة والاستجمام ولا أستثني منهم إلا قلة مخلصة من الأفاضل ، حيث عرفت منهم من لا يميز كوعا من بوع ومع ذلك صار متصرفا أو بتعبير دقيق عالة على الإدارة. فمقابل هذا الامتياز لمن قضى سنة واحدة في مهمة إدارية يقضي مدرسو مادة اللغة العربية ما بين عقد وعقدين من السنين في تدريس مادة التربية الإسلامية ، ولا يشفع لهم ذلك ليكونوا أساتذة هذه المادة عن طريق الأقدمية كما صار خلق كثير متصرفون ، وحتى مفتشون بفعل الأقدمية ولما يجتازوا امتحانات كما اجتازها غيرهم. إنه العبث في وزارة غائبة عما يحدث فيها من كوارث . ولا أستغرب هذا في وزارة يعود مصيرها إلى من لا صلة له بالتربية ، وقد صدر منه لحد الساعة ما يكفي للحكم على أدائه ، وصارت حكاياته حديث الألسنة في أوساط التربية ، وربما جمعت في مجموعات قصصية تروى للتندر بها ، لأن قطاع التربية آل أمره إلى غير أهله ، فحانت ساعة خرابه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
3 Comments
اظن ان على المفتشين ان يختاروا بين امرين :
اما ان ينخرطوا في مجال التدبير وبشاركون مثلا في تدبير الموارد البشرية واعادة الانتشار…
اما ان يمارسوا اختصاصاتهم التقويمية والمرتبطة بالمراقبة.
في الحالة الاولى يجب ان ينتظروا من يقوم مشاركتهم واعمالهم في اطار لجن اتدبير الموارد البشرية
وفي الحالة الثانية عليهم اثارة الاختلالات ان وجدت.فب اطار القنوات الجاري بها العمل
وفي الحقيقة لا اجد ايه اهمية لتكليف اطر حاصة بتدبير مصالح الموارد البشرية اذا كان كل شسء يتم بالتراضي او في اطرااللجن الموسعة او يمشاركة كل الفاعلين.
ان من يتحمل المسرولية الادارية والمؤسساتية لتدبير الموارد البشرية هي مصلحة الموارد البشرية في شخص موظفيها وعلى المفتش و النقابي والمتضرر ان يلجأ لكل الاشكال القانونية للتعبير عن ملاحظاته. ..
شكرا.
شكرا للأستاذ شركي على إثارته لموضوع المواد المتآخية التي جنت على جودة التعليم شخصيا كلفت بتدريس التربية الإسلامية مع أنني أستاذ اللغة العربية و لحسن حظي كنت أدرس اللغة العربية بالموازاة معها و قد طلبت من المراقب التربوي أن يعينني لتديس المادة المتآخية لكنني لم أتلق جوابا من جنابه الموقر
كلامك يتوافق مع المنطق غير أنه بعيد كل البعد عن الواقع الذي يطغى عليه الخصاص المهول وفي شتى المواد هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن مصالح الموارد البشرية في النيابات والأكاديمية مرغمة على سد الخصاص وبأية طريقة واعتبار الأستاذ كرقم تأجير لأنها هي بدورها تواجه ضغوطا وشحا مفرطا من طرف مديرية الموارد البشرية بالوزارة أثناء ضبط الحاجيات