تلاميذ عين بني مطهر بين لفح الحر ولسع القر
مع حلول فصل الشتاء تبدأ معاناة التلاميذ الحقيقية مع التنقل إلى المؤسسة والبقاء فيها.برد يأبى إلاّ أن يزور العظام رغم أكوام الملابس التي تلف الأجسام. البرد هو البرد وإن كان هنا في النجود العليا يبلغ درجاته الدنيا. يدل البرد هنا على شيء مخالف لما هو مُعرَّف في المعاجم. الدّالُّ واحد لكن المدلول مختلف لا يعرفه إلا من شعر بوخز إبره. فقد قال أحد الزهاد حين سئل عن التصوف أنه حلو كالعسل لا تُعرف حلاوته إلاّ بتذوقه.
التلاميذ القادمون من دوار الفقراء و أولاد قدور و عوينة الريان يعانون الأمرين للوصول إلى مؤسساتهم في رحلة الصيف والشتاء مع كل صباح ومساء. تبقى تلميذات ثانوية ابن خلدون التأهيلية وحدهن المحظوظات لوجود سيارة النقل المدرسي التي تخفف عنهن معانات الذهاب والرجوع أربعة أيام في الأسبوع. فالمركبة تتحول يومي الثلاثاء والجمعة إلى سيارة إسعاف تنقل مرضى القصور الكلوي إلى وجدة للعلاج.
هذان اليومان يشكلان فرصة للمساواة بين الذكور والإناث في قطع المسافات. مصائب الفتيات عند الفتيان مساواة تعرف فيها نساء المستقبل الفرق بين مقاربة النوع ومقاربة المنع.
ليس بعد البرد إلاّ برد مثله. فبعد هذا السفر اليومي الذي يدوم على الأقل نصف ساعة مشيا على الأقدام وبخطى حثيثة يجد التلميذ نفسه في ثلاجة بنوافذ تصطك لولوجها النواجد. يتلقى مواد عسيرة الهضم. فلا يشعل جذوة الفهم إلاّ الفحم.صحيح أن ثانوية ابن خلدون محظوظة بوجود مدافئ (مع وقف التنفيذ لأنها لا تستعمل).لكن المؤسسات التي بنيت في ما بعد كإعداديتي عمر بن جلون وعبد الكريم الخطابي لا تتوفر على هذا « اللّوكس ». وأذكر هنا أنه حين بنيت مؤسسة النجود ,التي ستسمى فيما بعد عمر بن جلون ,أُبلغ المكلف آنذاك بالتجهيز أنه تم ارتكاب خطأ بعدم بناء مدافئ فأجاب مزهوّا أنها لم تسقط سهوا بل تُركت عمدا لأنها متجاوزة وأن هناك نوعا جديدا. دار لقمان على حالها إلى الآن باقية أما صاحبنا فلم يعد هنا بعد أن أسعفته الحركة الإنتقالية.
شُيدت بعد ذلك ثانوية عبد الكريم الخطابي الإعدادية و بالطريقة نفسها وكأن لا أحد يعرف خصوصية المنطقة وطقسها القاسي وما يسببه للمتمدرسين من معانات ومآسي: كم حاجة قضيناها بتركها . نتمنى هذه المرة أن يتدارك الأمرَ رجل رشيد مع ثانوية علي ابن أبي طالب قبل أن ينتهي التشييد.
ذكر المدافئ يجرنا إلى الحديث عن الفحم الحجري ,الذي يجب أن يكون بالقدر الكافي ,وعن المسئول عن إشعال الفحم. فإذا كانت هذه المهمة لا تدخل في اختصاصات المساعد التقني والمكلف بالنظافة فيجب التفكير في حل ربما يكون بإشراك جمعية آباء وأمهات و أولياء التلاميذ لحل المشكل على الأقل في شهري دجنبر ويناير موسم الجليد الذي يشيب لبرده الوليد.
Aucun commentaire