الجناية على شخص العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة هي استهداف لمشروع يفضح تهافت الفكر الخراب
الجناية على شخص العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة هي استهداف لمشروع يفضح تهافت الفكر الخراب
محمد شركي
لم يكن آخر من تجنى على فضيلة العلامة مصطفى بنحمزة في جريدة الأحداث هو أول الجناة، ولن يكون الأخير، لأن الجناية لا تستهدفه بل تستهدف مشروعا حضاريا يقف وراءه باستماتة لا يثنيه عنه إحداث الأحداث المحدثين في جريدة الأحداث أو غيرها مما يكثر حدثه . والمشروع الحضاري الذي ندب فضيلة العلامة نفسه لخدمته هو مشروع أصيل ضارب بجذوره في التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية الشريفة ، ذلك أن أول لبنة في الحضارة الإسلامية الكونية هي بناء بيت الله الذي كان مصدر كل إشعاع حضاري استجابة لقوله عز من قائل : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) . ولقد ختم الله تعالى الرسالات السماوية بأفضلها ، وهي رسالة » أقرأ » التي جعلها جديرة بصفة الكونية خلاف الرسالات السابقة التي قنن زمانها ومكانها في أجناس وأقوام ، بينما شملت رسالة » اقرأ » البشرية قاطبة . وأذكر أن أوائل الذين تجنوا على فضيلة العلامة بدءوا بانتقادهم له لبناء المساجد ، وكان ذلك زمن المد الفكري المعادي للإسلام ، وكان نباح النابحين يومئذ يريد أن تستبدل المساجد بالمعامل على حد تعبيرهم، لأن التغيير عندهم كان يكمن حسب النظرة الماركسية في ثورة العمال، في حين كان فضيلة العلامة الرجل العصامي يراهن على أن التغيير وليس الثورة يبدأ من حيث بدأ في بداية البعثة النبوية ،لأنه يؤمن بأن أمة الإسلام لا يصلح أمرها إلا بما صلح به أمر أولها . ولقد راهن فضيلة العلامة على مشروع بناء المساجد انطلاقا من أثر الوازع الديني في النفوس ، ولم يخرج يوما شاهرا سلاحه الأبيض على أحد ليرغمه على المساهمة في مشروع بناء المساجد ، بل كان سلاحه هو التوكل على الله عز وجل وعلى كتابه الكريم وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم يفسرهما للناس بعدما تمكن من علوم الآلة وعلوم الدين كما تشهد بذلك شواهده التي حازها باعتماد عصاميته الفذة . واستطاع أن يستهوي قلوب العقلاء الأكياس المثقفين المتزنين في فكرهم، و الذين لا يقوى على إقناعهم إلا صاحب الفكرالثاقب الراشد والمنطق المفحم بالحجة والدليل والبرهان . ولقد أصاب فضيلته بمشروعه الحضاري الرائد ، وهو مشروع انطلق من بيوت الله عز وجل وبشعار : » اقرأ » في الصميم محز كل أنواع الضلالات سواء ضلالات الجهل والفكر الخرافي الذي كان يعشش في أوكار الجهة الشرقية ، ويستغفل الناس باسم الدين المغشوش ، ويستغلهم ماديا ومعنويا ، أو ضلالات الفكر الإلحادي والمغترب الذي كان يغرر بالأغرار خصوصا في المؤسسات الثانوية ، وفي الجامعات التي كانت حكرا على هذا الفكر حتى أن مؤلفات بعينها تمثل هذا الفكرالضحل فرضت على الناشئة فرضا ، وويل لمن لم يستوعب زبالتها هضما ثم يقيؤها ، ثم يبلعها من جديد كما يعود الكلب في قيئه . فكيف لا يعادى هذا الرجل الذي اقتحم على الجهل والخرافة والضلالة أوكارها من خلال مشروع اقتنع به أخيار الناس ، واحتضنوه ، وأنفقوا عليه من أموالهم ، كما فعل الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف لا يحارب هذا الرجل الذي تبنى مشروعا تنويريا طرد ظلمات الجهل والضلال طردا ؟ ولا نستغرب أن يكون التجني الأكبر من قبل أصحاب المشاريع المخربة والفاشلة الذين تاهوا بين الشرق والغرب ، والتمسوا الخلاص هنا وهناك ، ولم يجدهم ذلك نفعا لأن انطلاقتهم كانت خاطئة وباطلة ، و ما بني على باطل بطل ، ورهانهم كان خاسرا خصوصا عندما أخذت مرجعياتهم الفكرية الفجة تتهافت وتتبخر، وكذب الواقع ما كانت تبشر به المؤلفات التافهة المفروضة على الناشئة فرضا . وكم كان فضيلته ذكيا ومقنعا يوم كان يقال له : » هلا استبدلت بمشروع بناء المساجد مشروع بناء المعامل ؟ » فيجيب : » إذا كنت أبني المساجد، فعليكم ببناء المعامل ، وإذا كنت أعد لكم البشر الصالح في دينه وعقيدته فسيكون ذلك أفضل لمعاملكم حيث لا تنفع إلا الاستقامة التي مصدرها الخوف من الرقابة الإلهية بعدما ثبت أن الرقابة البشرية عاجزة عندما يغيب الوازع الديني » .
ومباشرة بعد مشروع بناء المساجد ، وهو مشروع لا زال يؤتي أكله ، انطلقت المشاريع الموازية له في المجالات الفكرية و العلمية والاجتماعية ، من قبيل بناء المدارس والمعاهد والمراكز العلمية ، ودور الطلبة والطالبات ، وحتى الأحياء الجامعية ، ومؤسسات تأهيل الفتيات اللواتي كان نصيبهن الإهمال والأمية والجهل ، ومؤسسات إيواء الأيتام والعجزة ، فضلا عن تأهيل أو تجهيز الإصلاحيات والمستشفيات والمراكز الصحية والثقافية ، ودعم الفئات المعوزة والمريضة، وغير ذلك من المشاريع الناطقة والتي لا تحتاج إلى من ينطق باسمها ، وشهادتها أعدل من كل شهادة . وما كان لهذه المشاريع أن تنطلق لولا انطلاق مشاريع المساجد التي قدحت زناد الوازع الديني في كل فئات المجتمع حتى تلك الفئات التي لم يكن يخطر ببال أحد أن يحركها هذا الوازع الديني في يوم من الأيام لتتفرغ للإحسان . فالذين ينتقدون اليوم الفئات التي تقف إلى جانب فضيلة العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة من مقاولين وأطباء وصيادلة وأساتذة وتجار ومثقفين …. وغيرهم لم يكونوا يحلمون أن يروا مقاولين لا تشغلهم مقاولاتهم عن الانخراط في مشروع حضاري وازن ورائد ، أو أطباء وصيادلة لا يشغلهم طبهم أو صيدلتهم عنه ، أو أساتذة لا تشغلهم شواهدهم عنه، أو تجار لا تشغلهم أرباحهم المادية عنه. كان المقاولون والأطباء والتجار يعيشون في أبراجهم العاجية ، وينفقون على لهوهم وسياحتهم على حساب الفئات الفقيرة المعوزة ، وكانوا يومئذ ينظر إليهم بخوف، ويحترمون ويهابهم الذين ينتقدون اليوم فضيلة العلامة . ولما لان جانبهم بسبب الوازع الديني من خلال انخراطهم في المشروع الحضاري البناء الذي قدح زناده فضيلته صاروا هدفا للنقد المجاني لأنهم تركوا أبراجهم العاجية ، وصار همهم اليومي هو هذا المشروع بكل آفاقه المختلفة ، وما كانوا من قبل يتحلقون حول عالم من أجل المحافظة على أرصدتهم من الوازع الديني الذي صار محركهم لفعل الخيرات والإحسان. ولقد كان المقاولون والتجار أهداف الطامعين من أهل الشعوذة والدجل يتقربون منهم طمعا في مالهم ، فصاروا أمام رجل يخاطب فيهم أريحيتهم من أجل الإقبال على أعمال الخير والإحسان رغبة في الأجر عند الله عز وجل ، لا طمعا في مالهم. والذين ينتقدون التفاف المحسنين من المقاولين والتجار والفلاحين حول فضيلته لم يطلعوا على التاريخ الإسلامي الذي ذهب فيه أهل الدثور بالأجور. هل كان بإمكان المساجد والمعاهد والمدارس وكل المشاريع الخيرية أن توجد دون هؤلاء المحسنين ؟ لماذا يجب أن يبتعد العلامة عنهم كما يريد أصحاب النقد المجاني من أجل أن يعطوه شهادة حسن سيرة بمفهومهم القاصر ؟ومن المعروف أن أغنياء الصحابة دعموا دعوة الإسلام بأموالهم ، ولم يقدح ذلك فيهم ولا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قربهم وحبب إليهم الإنفاق في سبيل الله . فلماذا يعاب على رجل يحاول أن يحيي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال تحبيب الإحسان للمحسنين ؟ وأي الأمرين أفضل لذي عقل راجح ولا أقول لذي إيمان راسخ : هل إنفاق أصحاب الأموال أموالهم في مشاريع خيرية أم إنفاقها في اللهو واللعب ومشاريع خراب القيم والأخلاق ؟ إن أصحاب النقد المجاني يستهدفون مشروعا حضاريا راقيا ورائدا من خلال استهداف من يقف وراءه سواء كان قادح زناده كفضيلة العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة أم كان من الذين يحتضنونه ماديا أو معنويا . ولقد عودنا فضيلته ألا يلتفت بشموخه إلى سفاسف القول الصادر عن السفهاء ،وما غضب يوما لشخصه بل هو يبتسم عندما تصله إساءة تمس شخصه ، ولكنه يثور ثورة بركان غاضب عندما يمس المشروع الحضاري الإسلامي لعلو همته. وما أظنه وهو صاحب ذوق شعري رفيع إلا مرددا قول الشاعر سعية بن العريض : » رب شتم سمعته فتصاممت » . ولن تزيده شتائم السفهاء إلا رفعة وعلو شأن ، ومحبة في نفوس خيار الناس .
3 Comments
لا تعقيب على هدا الباسل والمتطاول على علامتنا الفاضل سوى قول شاعر الشعراءابو الطيب المتنبي
وادا اتتك مدمتي من جاهل / فهي الشهادةلي انني كامل
كناطح صخرة يوما ليوهنها فل يضرها وأوهى قرنه الوعل
« رجل بحجم مدينة » عبارة تتبادر إلى الذهن كلما ذُكر العلامة. يتساءل المرء كيف كانت ستبدو وجدة اليوم لولا هذا الرجل الذي دخل التاريخ وستخلد الجغرافيا ذكره.
الناعقون لن يتخلوا عن خبثهم أبدا فقد تجرؤوا حتى على خير البرية وعلى شرع الله .