من طبيعة تربيتنا أن نسخر من الآخرين
,ونستهزئ ونحط من قيمتهم ونحطم أفكارهم
وتفكيرهم ونستصغر مواقفهم .إنها ثقافة
الجحود الإقصاء والتهميش والإلغاء
للآخرين .
نحن في حاجة إلى تغيير في التفكير
والعقليات وما يتبعه من تغيير في
الأخلاق والعواطف والمواقف.بل نحن في
حاجة إلى ترسيخ ثقافة الاعتراف بالأخر
وتقديم الشكر لمن يستحقه، ولمن قدم خدمة
للمصلحة العامة ’أو تفانى في عمله
وجعله عبادة أو جزءا منها، ومن أفنى
عمره فيه.بل جعل عمله ليس موردا للرزق
فقط بل أيضا علاجا  من هموم الحياة
اليومية كما يفعل اليابانيون .ومن كان
في خدمة الآخرين مسهلا لهم سبل الحصول
على المعرفة .أو مقترحا عليهم منهجيات
في العمل والتفكير ،أو مدربهم على مواقف
أخلاقية سامية .ومن يجد في عمله عشقا
للحياة ومتعة لا تقدر بثمن لاج لان يكون
الآخرون سعداء.
وفي سبيل ترسيخ وتطوير هذه الثقافة
،اقترح أن تقوم جمعية الآباء باعتبارها
الأقرب إلى الطاقم الإداري
والتربوي،ليس بالاحتفال بالتلاميذ
المتفوقين في آخر السنة ،بل أيضا أن
تكون نهاية السنة هي لحظة احتفال
بالإداريين والأساتذة الذين يبذلون
جهدا مضاعفا في عملهم ،ويتفانون بإخلاص
ونكران ذات في خدمة الآخر.ويصبرون على
الاهانات من هنا وهناك ،وعلى المتاعب
والمشاكل الصحية والمالية ،ويبذلون من
وقتهم وراحتهم من اجل إدخال السرور على
المتعلمين المتعثرين …
إنها المعاناة التي يتطلبها العمل
اليقظ والمستمر بدون كلل أو ملل ،إنها
صعوبات التعليم والتعلم التي يفرزها
اليوم الدراسي بحصصه المتنوعة وبالفروق
الفردية الصارخة،وصعوبات التغلب على
التهذيب والتأديب لؤلئك الذين توجهوا
ليتعلموا.
إني اقترح أن تخصص جوائز رمزية في شكل
شواهد اعتراف وشكر من لدن الآباء لؤلئك
الذين نذروا  أنفسهم ليكونوا في خدمة
المواطن،ولا ينتظرون شكرا من احد ولا
إحسانا. لا يسعون وراء ثروة أو ثراء سريع
يأتي من ابتزاز التلاميذ وآبائهم
بأسماء وتبريرات مختلفة كالساعات
الإضافية أو الساعات
الخصوصية….وبأثمان خيالية وبجهد اقل من
المال الذي يطلبونه ..أليس هذا هو المال
الحرام ؟ ولا يسعون وراء شهرة خادعة أو
منصب أعلى .إنهم آتوا صالحين مصلحين
ليقوموا بواجبهم فقط ارضاء لضميرهم
وللخالق…
إلى أولائك الذين قد يقابلهم بعض
تلاميذهم و بعض أباء التلاميذ بالجحود
ونكران الجميل ،إنهم جنود الخفاء الذين
يعملون على إخراج الناس من ظلمات الجهل
إلى نور المعرفة ،إنهم يحررون العقول من
سجون التبعية وسلاسل الانقياد والسذاجة
والغفلة وأيضا البلادة .
إلى صانعي الأزهار والازدهار والتقدم
الاجتماعي والحضاري للأمة …إلى أولائك
الذين يحترقون في كل لحظة من اجل إنارة
الدروب المظلمة …الذين لا ينتظرون أحدا
يقول لهم ..شكرا معلمي.