المفتش- فوبيا : الحلقة المفقودة في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه
المفتش-فوبيا : الحلقة المفقودة في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه
بقلم: السيد نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي مكناس؛ بتاريخ 23 مارس 2012؛
لما تناولنا بالدراسة والتحليل التراتبية الإدارية، وضربنا لذلك أمثلة صارخة معبرة عن سير طبيعة أي عمل كان، وإبراز فعاليته، وركزنا على المشهد الهرمي للتراتبية الإدارية، خصوصا في مجال التوجيه التربوي. ولما وقفنا مليا، وبشكل جلي على الفجوة السحيقة التي لا تفتأ أن تزيد إلا اتساعا وعمقا بين قمة الهرم الإداري وقاعدته، فإن الصورة، بكل موضوعية، أبرزت واقعا ملموسا ومعيشا وعبرت بجلاء عن مختلف المشاكل والعراقيل التي تنخر منظومة التوجيه التربوي من التأطير والتنطيم والمواكبة والتتبع وإنجاز التقارير والمساهمة في اقتراح حلول لمشاكل محلية طارئة، وغير ذلك كثير يندرج ضمن مهام المفتش/ منسق بالمنطقة التربوية، التي شلت للاختلالات ما، أو أريد لها عطالة إلى إشعار آخر.
فمن ناحية، وزمانا، قمنا ولسنوات عدة، وبشكل سلس، بتطبيق مذكرات تنفيذية، وتم بإنجازات، وتحققت النتائج المرجوة دون أدنى عرقلة. ومن ناحية أخرى أنجزت عدة عمليات بمبادرات فردية وأعمال تشاركية جماعية أفضت، دون نزاعات ولا شنئانات ولا معارضات، ولا تشنجات، ولا نزوات ذاتية، ولا تشبث بآراء أحادية إلى نتائج مرضية في إطار دراسات وبحوث وأعمال مختلفة، يشهد بها حاليا الشرفاء والغيورون من الإطار.
لكن، وا أسفاه، كل هذا وذاك أصبح في خبر كان، وفي شكل ذكريات تتداولها ألسنة من عاشوا وعايشوا تلك الأحداث والأعمال النبيلة وساهموا فيها. فيتساءلون بعفوية وفطرية: ما الذي تغير؟ وما هي العناصر المتدخلة حاليا والمحددة لمواجهة كل مذكرة تنظيمية؟ وكل عملية يراد إنجازها ولم يوضع لها تصور بعد، ولم يحدد لها إطار عمل بعد، تواجه بالرفض والتعنت؟
فترى بعض المعارضين يبدون شراسة، متشنجين متعصبين، متلفظين بكلام بذيء، مضطربين، تتغير سحناتهم في كل لحظة، متقلبي المزاج والمواقف…لا لشيء إلا إرضاء فقط لنزوات وأغراض شخصية، تترجم عدوانية اتجاه العمل الجماعي وتحقيق أغراض المصلحة الجماعية العامة.
¨ فما معنى رفض بنود المذكرة 113 بتاريخ 21 شتنبر 2004، حول تنظيم العمل المسترك في هيئات التفتيش؟
¨ وما معنى رفض بنود المذكرة 117 بتاريخ 21 شتنبر 2004 حول تنظيم التفتيش في التوجيه التربوي؟
¨ وما معنى رفض العمل ببعض توصيات المذكرة 19 بتاريخ 18 فبراير 2010، خصوصا منها، الفقرة الثانية القاضية بتنظيم العمل بالقطاعات المدرسية للتوجيه، وعلى الأخص منها البندين » يعد كل إطار في التوجيه التربوي، عامل بالقطاع المدرسي، برنامج عمل دوري خاص بكل سلك تعليمي ثانوي على حدة، انطلاقا من البرنامج السنوي، وذلك بتنسيق تام مع مؤسسات القطاع المدرسي ضمانا لإنجاز الأنشطة المسطرة في ظروف ملائمة؛ يقدم هذا البرنامج لمفتش المنطقة التربوية، والنائب الإقليمي للتأشير عليه… »
فأين إطار التوجيه، ودون تعميم طبعا، من كل هذا؟ وما هي مبررات بعضهم الذاتية والموضوعية لمواجهة هذه التوصيات بالرفض والتعنت؟ ودون تكرار، فإذا ظهر السبب، بطل العجب.
وتجنبا لكل لبس، وجب تسمية الأشياء بأسمائها، فإطار مفتش هو الأكثر تشددا لمواجهة هذه التوصيات والعمليات والأنشطة بالرفض التام.
وقد بدأت تستتب هذه الوضعية منذ بعض السنوات، جراء ما أفرزه النظام الأساسي لسنة 1985، وما زاد الطين بلة النظام الأساسي لسنة 2003، الذي قلب بين عشية وضحاها إطار مستشار في التوجيه التربوي إلى أطر تختلف رتبا ودرجات، قاضيا بضرورة استمرارية المفتشين بالقطاعات المدرسية، ما طرح عدة أسئلة استفهامية؛ فدبت الخلافات بين صفوف الفئة، وما زاد من حدة الخلافات نوعا مفتش التوجيه، ذاك المتخرج من مركز التوجيه والتخطيط بدبلوم، وذاك المترقى إلأى درجة مفتش بالأقدمية سواء جراء توصيات نظام 1985، أو جراء ما ترتب عن نظام 2003. وما عقد الوضعية أكثر، تداعيات المغادرة الطوعية التي تركت إرثا ثقيلا لكل من المستشار في التوجيه التربوي، والمفتش في التوجيه التربوي بمختلف درجاتهما، حيث نتج عن ذلك تهافت حول القيادة والتربع على كرسي سلط وهمية كانت آنذاك، كما لا تزال ضبابية ويكتنفها كثير من الغموض، المقصود منه وغير المقصود. وما أغرق المجال التوجيهي بأطر التفتيش التربوي المرسوم الحديث العهد 622 الذي ساهم في رفع عدد المفتشين بشكل صاروخي، دون التفكير في المهام اللائقة بمقامهم كمفتشين ممتازين أو مفتشين خارج الدرجة، هم وزملائهم الذين سبقوهم، ويتخبطون قبلهم في وضعية ملتبسة لم تنل من الأهمية ما يسهم في حل المشاكل التي يتخبطون فيها.
فترددت على جميع ألسنة أطر التوجيه التربوي أو أغلبها، نحوا وصرفا » أنا مفتش، أنت مفتش، أنت مفتشة، نحن مفتشون » وصمت الآذان سمفونية » من يفتش من؟ ومن يؤطر من؟ ومن يراقب أعمال من؟ » وعلت صيحات « من الأكفأ ليفتش ويؤطر ويراقب؟ ».
فانهارت على الوضع الهش أصلا، أجوبة، أغرقت الوضع، منها الذاتية تترجم مصالح ومواقف شخصية محضة، ومنها والموضوعية ترى المصلحة العامة والسير العادي للعمل. فطرحت الأقدمية في الإطار والدرجة، وطرحت أقدمية دبلوم التكوين بسلك المفتشين بمركز التوجيه والتخطيط التربوي. والقليل من يطرح الكفاءة التي تعتبر الدعامة الأساسية لتقلد أي مسئولية.
¨ لكن ما معيار أو معايير هذه الكفاءة؟
¨ ألا يتم تنظيم مباريات انتقاء كتابية وشفوية تفرز المتميزين حكامة ومعرفيا وأكاديميا وخبرة وتجارب…؟
لكن قبل هذا وذاك، وجب التفكير في نظام مناطق التفتيش وحيد وموحد ينطبق سير عمله ويستجيب، في ذات الآن، لخصوصيات كل هيئات التفتيش في جميع المجالات والاختصاصات وفي مختلف الأسلاك والمجموعات، ابتدائي، ثانوي، توجيه، تخطيط، مصالح مادية ومالية.
كما وجب التفكير في تقليص عدد مناطق التفتيش التربوي، وتعيين، حسب المعايير المحددة أعلاه، بناء على مباراة ومساطر دقيقة ، مفتشا كفئا متفرغا على رأس كل منطقة تربوية مع تسطير حدود واضحة المعالم بين الإطار والمهمة لتجنب أي اصطدامات محتملة، والتي على كل حال، تبث المساطر القانونية في أمورها، وفي حال حدوثها.
إنجاز: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي ، مكناس.
Aucun commentaire