Home»National»رسالة طبيب من قلب المعاناة 3

رسالة طبيب من قلب المعاناة 3

0
Shares
PinterestGoogle+

سأحاول تقريبكم من خلال هاته الأسطر إلى ظروف اشتغال الأطباء في القطاع العام و التي لا تختلف عن ظروف باقي الشغّيلة الصحية كما سأوافيكم ببعض الأمثلة عن التعويضات الهَزيلة الممنوحة عن الأعباء و ساعات العمل الاضافية.
إن الاشتغال في قطاع الصحة العمومية أشبه بِمَنْ  يَجلس في فُوَّهَةِ بُركان ثائر، لماذا هذا التشبيه؟، لأن قطاع الصحة العمومية يعاني من كل الآفات، بدأً بالنقص الحاد في الموارد البشرية و توزيعها العشوائي مرورا بنقص البنية التحتية من بنايات و تجهيزات و انتهاء بسوء التدبير المركزي، فضلا عن الغياب شبه الكلي للأمن بالمراكز الاستشفائية، ففي كل يوم يتعرض عشرات الأطباء و الممرضين لاعتدآت لفظيّة و جسدية، وإذا كانت الجروح الجسدية تَنْدَمِلُ بعد حين، فإن الجراح النفسية الناجمة عن السب و القذف في حق العاملين بالقطاع تكون لها نتائج كارثية على نفسيتهم و على أدائهم المهني؛ كما أن الرشوة تعد من الآفات التي تشوه الصُّورة الإنسانيّة للقطاع، سأكون كاذبا إن قُلتُ أنَّه لا يوجد أطباء و ممرضون مُرتَشون لكن أستطيع الجزم بِأَنَّ قطاع الصحة هو أقل القطاعات التي تتفشى فيها هاته الظاهرة المرضية اللّاإنسانية.
القطاع الصحي ببلادنا كبقية بِلاَد المَعمور يتألف من مراكز صحية (م.ص)، م.ص بدور ولادة (هاذان المركزان عمليا لا يمكنهما التكفل بالحالات المستعجلة لأنهما لا يتوفران على الإمكانيات اللازمة لذلك) ثم نجد المستشفيات فالمراكز الجامعية و هاته الأخيرة هي المعدة بأقسام للمستعجلات، المشكل هو أن القائمين على القطاع استوردوا برامج صحية من بلدان تسبقنا بسنين ضوئية في هذا المجال و طبقوها ببلادنا، كما وقع مع مدونة السير المُستَورَدَة من بلاد بها طرقات كتِلك التي نشاهدها في أفلام الخيال العلمي و دَخْلُ الفرد عندهم يضاعف دخل الفرد عندنا عشرات المرات، الخلاصة أن القائمين على القطاع طبقوا المداومة بالمراكز الصحية القروية رغم أنها ليست معدة لذلك و غالبا  ما يكون طبيب واحد معيّن هناك، كيف نطلب من هذا الطبيب العمل 24/24 و 7 أيام في الأسبوع، هل الطبيب إنسان آلي؟؟؟ أم إنه من عظم و لحم له كباقي المواطنين الحق في النوم و في عُطَلِهْ و لِعَائلَتهِ عَليهِ حق الاعتناء بها و لأولاده عَلَيْهِ حق اصطحابهم في خَرْجَةِ نهاية الأسبوع كبقية أبناء المغاربة، و لألخص لكم ما قلته في جملتين فإن سياسة الصحة التي طبقت ببلادنا في السنين الأخيرة هي سياسة البَّاقْ و الأَوراق، سياسة بعيدة كل البعد عن واقعنا المَعِيش،  سياسة كُوبِيِي كُولِي.
أود أن أطلعكم  على فئات المرضى الذين يَفِدُون طلبا للعلاج وهاته أمثلة ولا أوَدُّ من ذكرها أن أُعَمِّمَهَا أو أجعلها قاعدة تسري على الجميع:
1) المرضى الحقيقيون و عائلاتهم الصغيرة و الّذين لولا دعواتهم، بشاشتهم و شكرهم لنا لكان كل العاملين بالقطاع استقالوا و غيروا مهنتهم.
2)مرافقوا المرضى من جيران وأقارب ذووا قرابة بعيدة وهم المسؤولون غالبا عن إثارة المشاكل فبالإضافة إلى تجمهرهم حول المريض و إعاقة عمل الطاقم الطبي نجدهم في أغلب الأحيان يبادرون بسب و شتم العاملين اعتقادا منهم أنه من يسب أكثر هو الأكثر حباً للشخص المريض، كما أنه في غالب الأحيان تجدهم يختفون من حولك إذا ما أخبرتهم أن هناك دواء يجب شراؤه أو أنه لابد لنا من متبرعٍ بِدَمْ
3) ال(مرضى) المسلّحون و غالباً يفدون على مستعجلات المدن الكبرى حاملين أسلحتهم و محاطين بأصدقائهم فتتحول أولويات الطاقم الطبي من اسعاف المرضى إلى إيجاد طريقة للافلات بجلودهم
4)الباحثون عن الشواهد و هم سبب من أسباب استفحال الرشوة بالقطاع و حسب اعتقادهم فالشهادة الطبية تُعْطَى كما تُعطَى شهادة السكنى و في حَالِ رفض الطبيب طلبهم فهم في البَادئ يحاولون إرشاءه و إذا ما رفض فتجدهم يسبونه و يتهمونه بالزبونية و الحيف……إلخ
5)المدمنون على زيارة الأطباء و هم كثر و يترددون يوميا على طبيب الحُومة بسبب أو بغير سبب
6)فئة أخرى من المرضى تأتي لاستشارة الطبيب فإذا بك تجدها تحاول فرض نوع الدواء الذي يَلْزمها على الطبيب و غالبا يطلبون الأكسجين؛ أوالمقويات  او سيرو تيال القوة او الشوكة . شخصيا لم أَدَرَّسْ أن الأكسجين دواء كما أن ما يسمونه سيرو تيال القوة لا يحتوي على أي مواد منشطة و لا توجد شوكة لأي داء.
كل ما ذكرته هو فقط صورة تقريبية و لم أشأ الخوض في تداخل الصحة بالحملة الانتخابية و كيف تجد عدد المتبرعين على المراكز الصحية يتوافدون عليها مع اقتراب الانتخابات و كيف تجدهم ناقمين عليها إذا ما رسبوا في اختبار الصناديق، فهاته التصرفات أصبحت مألوفةً لدى عامة الناس شأنها شأن تزفيت الطرقات…….إلخ
و قبل أن أختم سأعطيكم نبذة عن تعويضات الأعباء و الساعات الاضافية للأطباء
1) التعويض عن التجوال و الصحة المدرسية و البرامج كلها مجموعة في تعويض واحد: التجوال و يعني قيام الطبيب بخرجات لأجل تلقيح و عيادة ساكنة المناطق البعيدة عن المركز الصحي هناك 4 خرجات سنويا تتألف كل خرجة من 4أيام على الأقل م ما يعني على الأقل 16 يوم تجوال سنوياً؛ الصحة المدرسية و تعني زياتة المدارس، الإعداديات و الثانويات والكشف عن التلاميذ وتتم في في كافة المؤسسات التابعة لتقسيم المركز الصحي الاداري. يمنح عن هته الأعباء الإضافية تعويض سنوي جزافي قيمته تتراوح بين 400 و 600 درهم؟؟؟؟؟؟؟ تْيَالْ آآآآآشْ آآعباد الله، صعود الجبل أو ثمن البنزين المصروف على الصحة المدرسية!!!!!!!! في حين نجد أن هناك في بعض الوظائف تعويض يبلغ 3600درهم عن يوم عمل عن الأعباء. أليس بظلمٍ هذا؟؟؟؟
2)التعويض عن المداومة و الالزامية: التعويض موحد عن الساعات الصباحية كالليلية و كل أيام الأسبوع سَوَاءْ؛ 2،25درهم للساعة للطبيب العام و 4دراهم للساعة للأخصّائيين؛ فكيف تريدون منّا إن نكون دائما مبتسمين إننا مقهورون……………..يتبع

قصة صغيرة لِلْعِبْرَة
دخل جراح الى المستشفى بعد ان تم استدعائه على عجل،لاجراء عملية فورية لاحد المرضى، لبى النداء بأسرع مايمكن… … …
وحضر الى المستشفى وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية .قبل أن يدخل الى غرفة العمليات، وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه وما أن راى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا :
علام كل التأخير يادكتور ؟ الا تدرك أن حياة ابني في خطر ؟ اليس لديك اي إحساس بالمسؤولية ؟
ابتسم الطبيب برفق وقال :أنا اسف يا أخي فلم اكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع مايمكنني والآن ارجو ان تهدأ، وتدعني اقوم بعملي وكن على ثقة ان ابنك سيكون في رعاية الله وأيدي امينة.
لم تهدأ ثورة الاب وقال للطبيب : أهدأ ؟ ما أبردك يا أخي لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ ؟
سامحك الله .ماذا لو مات ولدك ما ستفعل ؟
ابتسم الطبيب وقال : اقول قوله تعالى   » الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون  » وهل للمؤمن غيرها ؟ يا أخي، الطبيب لايطيل عمرا ولايقصرها والاعمار بيد الله ونحن سنبذل كل جهدنا لأنقاذه ولكن الوضع خطير جدا وأن حصل شيئ فيجب ان تقول إنا لله وإنا أليه راجعون، اتق الله وأذهب الى مصلى المستشفى وصل وادع الله ان ينجي ولدك .
هز الاب كتفه ساخرا وقال : ما اسهل الموعظة عندما تمس شخصا اخر لايمت لك بصلة .
دخل الطبيب الى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات خرج بعده الطبيب على عجل وقال لوالد المريض : ابشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله وسيكون أبنك بخير
وألان اعذرني فيجب ان أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل .
حاول الاب ان يوجه للطبيب أسئلة اخرى ولكنه انصرف على عجل
انتظر الأب دقائق حتى خرج أبنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الاب : ما بال هذا الطبيب المغرور لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟
فجأة اجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له : لقد توفي ابن الدكتور يوم امس على اثر حادثة وقد كان يستعد لمراسم الدفن عندما اتصلنا به للحضور فورا، لأن ليس لدينا جراح غيره وهاهو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك …
اللهم أرحم نفوس تتألم ولا تتكلم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *