بغداد – غزة – البارد وتصفية القضية الفلسطينية
بغداد – غزة – البارد وتصفية القضية الفلسطينية ** سامي الأخرس
المتتبع للمشهد الفلسطيني بدرك أن ما يدور حالياً ما هو سوى مخطط ممنهج لتدمير وتصفية القضية الفلسطينية ، وتحويل مسارها من قضية وطنية وشعب محتل إلي قضية لاجئين تحت رعاية وكالة الغوث الدولية وأسير لخدماتها ، والمنح التي تقدمها تحت مسميات الإنسانية .
فالمشهد الفلسطيني أصبح مشهد درامي مترابط سواء بالعراق وتصفية الوجود الفلسطيني بُعيد انهيار السلطة والدولة العراقية ، ومن ثم بدأت التصفية تحت ستار الفلتان الأمني والاقتتال الطائفي ، الذي استغل لاجتثاث اللاجئ الفلسطيني وقتله وتهجيره بمبررات القاصي والداني يدرك إنها لا تمت للحقيقة بصله ، فحمل اللاجئ همومه وآلامه وعاد لخيمته الأولي على الحدود الصحراوية العراقية – الأردنية ، والعراقية – السورية مترقبا مصيره المجهول ، مستغيثاً بأمة تغض النظر عن الصوت المشرد .
وما يحدث الأن في لبنان وبمخيم البارد بالذات ما هو إلا جزء من نفس المشهد الذي يحاول الانقضاض على أهل المخيمات وتصفيتهم واجتثاث قضيتهم تحت ذرائع الفلتان الأمني ، الذي فيما يبدو أصبح التجارة الرائجة والنغمة السائدة للقضاء على كل ما هو فلسطيني ، وغرقت مخيماتنا بالدماء والموت ، وحمل اللاجئ همة وجرحه وأطلق العنان لصرخته التي لا يسمع لها صدي في صحراء الصمت العام ، وتبعثرت صرخاته بين القصف والموت العبثي المتبعثر على جثث أهلنا في حواري المخيمات اللبنانية.
وليس ببعيد عن العراق ولبنان لا زالت مخيمات غزة تأن من نفس الموت والجرح ، القتل المجاني والقصف تحت مبررات وذرائع الفلتان الأمني ، والتجاذبات بين القوي السياسية والحزبية ، ويستكمل ما لم ينجح به عرابوا الفلتان ، حيث تدك الطائرات الصهيونية المنازل والمقرات والسيارات ويقع شعبنا تحت مطرقة الموت المحلي ، وسنديان الموت الصهيوني ، فتحولت غزة لمقبرة جماعية الحي فيها ميت خوفا ورعبا من مصيره المجهول .
إن ما يحدث لا يدلل سوي على حقائق ثابتة ومؤشرات خطيرة عنوانها تصفية القضية الفلسطينية وإعادتها من حيث بدأت ، وهذا ما خطط له وما تم تنفيذه من خلال إضعاف سيطرة الدولة أو السلطة التي تحمي القضية وتدافع عن وجود شعبها مثلما حدث بالعراق حيث بدأت المؤامرة بتدمير الدولة العراقية ومن ثم الانقضاض على الجسد الفلسطيني المتمثل باللاجئين وتهجيره وقتله ، وخطفه ، وهو نفس ما حدث بلبنان من إضعاف سيطرة الدولة اللبنانية وتهميش دورها وها هي ملامح الجولة الثانية من الانقضاض على الوجود الفلسطيني وقتله ، وتهجيره ، ونفس الشيء حدث في غزة حيث تم تدمير جميع مؤسسات الوطن وتهميش دور القانون ، وإضعاف هيبة السلطة ومؤسساتها من خلال نشر الفساد بها ، وحصارها ، وتدمير رموز سيادتها ، حتى أطلت علينا المرحلة الثانية من تصفية القضية بذرائع الفلتان الأمني ومسميات أخري اقتحمت عالمنا وثقافتنا الفلسطينية ، وحولتنا لساحة مشتعلة بالموت والقتل والخطف .
الواقع الفلسطيني أضحي واقعا يعاني من معالم التصفية التي حرفت البوصلة عن مسارها من قضية وطن وشعب محتل ، وحقوق مشروعه أقرها القانون الدولي واعترف بها إلي قضية فلتان أمني وحماية دولية ، وهو ما يروج له العديد من ضرورات حل السلطة الوطنية ، وطلب قوات عربية أو دولية للفصل في غزة ، وهنا الفصل بين من ومن ؟!
هل أصبح طموحنا قوات تفصل بين الفلسطيني والفلسطيني ، هذا الفلسطيني هو نفس الهدف لصواريخ الاحتلال وطائراته ، وهو نفس الهدف للأجندة المتآمرة التي تخطط لتصفية وجوده وقضيته ، وهو نفس الفلسطيني الذي يستغيث من أجل حماية نفسه ووطنه وقضيته ، وشعبه.
فربما ما يحدث بلبنان وما يحدث الأن في غزة يضع الجميع أمام مسئولياته التاريخية والوطنية ويعيد رسم الخارطة الداخلية من جديد ، وتحديد معالمها وخطوطها العريضة ، وتنقية جبهتنا الداخلية مما أصابها من شوائب ، وما أملي عليها من أجندة خارجية لا تعبر عن أصالة شعبنا وثقافته الوطنية.
ورغم كل ذ1لك لن يتحقق شيء وستبقي الأمور تنزلق لمنحي أشد خطورة إن لم يهب شعبنا ويقول كلمة الفصل في حسم ما يدور من مؤامرات ضده ، وضد قضيته ، ونضاله ، وتضحياته .
فالمسيرة لا زالت ببداياتها ، والمعركة متواصلة والعدو يتربص بنا ، ويحيك أفظع المؤامرات وأشدها وأقذرها في تاريخ ثورتنا وتاريخنا الشعبي والوطني .
فإما فلسطين الوطن والقضية ، والانتصار ، وإما التصفية والتشرد ، والاكتفاء ببطاقة اللجوء .
فالرسالة الآتية من العراق هي ذات الرسالة الآتية من لبنان وهي ذات الرسالة الآتية من غزة ، فمن يقرأ جيداً ؟ ويفك طلاسمها هو حتما من سيبقي رافعا هامته منتصرا ، متحديا كل المؤامرات .
سامي الأخرس
23/5/2007
1 Comment
المقارنة ليست في محلها لأن الواقع العراقي ليس هو الواقع الفلسطيني .مايجري في داخل فلسطين أو في لبنان لا يمكن إطلاقا ارجاعه الى فكر المؤامرة . ثم لماذا نظل دائما نبحث عن المبررات لتبرير وضع مأساوي ، تكمن مأساوية الفلسطيني في الوهم الذي يعيشه ،وهم ريادة ما يسمى الأمة العربية ، رمز النضال والمقاومة ، علما بأن الواقع الفلسطيني غير ما تصوره وسائل الإعلام . إنه واقع العصابات والتنظيمات المتعددة التي تقتات ممن يدفع أكثر وكل تنظيم يكن بالولاء للجهة الدافعة ويتحرك وفق أجندة صاحب الدفع . فهنية على رأس عصابة وعباس على رأس عصابة ودحدوح على رأس عصابة وهكذا تتعدد العصابات بتعدد المسؤولين وتعرف هذه العصابات تراتبية تتناسب مع الموقع السياسي الذي يحتله زعيمها وتختلف الولاءات باختلاف جهات الضغط . ولا أحد قادر إطلاقا على التحكم في عصابته وبين الفينة والأخرى تتواجه العصابات للحفاظ على موقع القرار . وما يقع في لبنان هو تمرد عصابة وسعيها الى بسط نفوذها وفرض الأمر الواقع تحت مسميات متعددة فلتكن الدين . إن الفلسطيني هو صانع مأساته . وعلى الفلسطيني فقط أن يقرأ واقعه ويفك رموزه ليعرف ماذا يريد . وليتوقف عن الظهور بمظهر الضحية ، وليتوقف عن البحث عن المبررات الوهمية للريادة ، وليسقطوا صورة العصابات عن واقعهم اليومي ، وليعالجوا ظاهرة الزعامة التي أصبحت حالة مرضية . ألم يقل خالد مشعل بأن الوجود الإسرائيلي أصبح أمرا واقعيا ؟ فاليبحثوا عن الحل في بيتهم : 1 تحديد المخاطب 2 تركيز القرار السياسي 3 القضاء على العصابات 4 التخلي عن وهم قيادة الأمة . إن ما يجرى في لبنان هو تنبيه لكل البلدان الناطقة بالعربية التي استضافت الفلسطنيين ؛ ولم تضع لهم حدودا واضحة حتى لا يتصرفوا وكأنهم أصحاب حق . وجعلوا من القضية بضاعة تسوغ لهم فعل ما يشاؤون وما لا يشاؤون تحت ذرائع مختلفة . تصدير العنف ، تصدير الفكر الغيبي والخرافي ، تصدير الوهم ، تصدير الفكر الطائفي ، تصدير فوضى التنظيم وعدم الإنضباط… تصدير الوجود المشوه لكيان يسوق النموذج المشوه للحرية ، وللمؤسسة . هذا هو الواقع الذي يجب فضحه لا الإختفاء وراء القضية والبحث عن مبررات لتسويغ ما يحدث .