أولى دروس التغيير …تقديم وزارة التربية …
ما زال المغاربة يحلمون بمغرب جديد يعلو فيه القانون على كل أعراف الزبونية والمحسوبية التي مازالت تجري في بلدنا الحبيب مجرى الدم في العروق، ما زلنا نحلم بمغرب عادل يعطى فيه الحق لكل ذي حق، ويحاسب فيه الفاسد حسابا عادلا…وقد ظن الكثيرون أن هذا التغيير آت آت بعد ما عرفته الشعوب العربية من ثورات، حققت ما كان يعد حلما لا ينال إلا في المنام، لكن وا أسفاه على أحلام التغيير في مغربنا الحبيب !! فمازالت تسفه في كل حين وآن، ولنضرب مثالا على ذلك من وزارة التربية والتعليم، التي ينبغي أن تكون مثالا يحتذى في النزاهة والعدل واحترام مشاعر أهلها، لأنها وزارة تهتم بالتربية على الأخلاق والقيم النبيلة التي تبني وطنا قويا… لقد أعطت الوزارة درسا لن ينسى، حرق كل أحلام التغيير العذبة، فبينما رجال التعليم ونساؤه غارقون في ألم مرير بعد خيبة أملهم في الحركة الوطنية، إذا بالوزارة تصعقهم بحركة سرية للغاية.
هذا هو الدرس الأول في التغيير؛ عنوانه ( ينتقل الأحباب والأصحاب، ويبقى أولاد الشعب ينتظر تحقق شعارات » تكافؤ الفرص » » والشفافية » و » المسؤولية والمحاسبة »…)هكذا استقبل أهل التعليم العام الدراسي الجديد مُطْرِقِين، حائرين، يتهامسون، يمشون إلى مدارسهم وإحساس « الحكرة » يحرق ما تبقى من عزيمة وصمود. إن هذه النازلة لا تشكل استثناء ولا مفاجأة لعدد غير يسير من المغاربة، الذين يعرفون أن الزبونية والمحسوبية هما القاعدة والاستثناء هو العدل والنزاهة، لكن وقع الصدمة كان شديدا لأننا كنا نظن أن مغرب اليوم ليس كمغرب الأمس.
وقد كانت الوزارة معذورة، لأن هذه الانتقالات سرية، لم تكشف عنها، ولم تكن تنو الكشف عنها، وفي ذلك تستر محمود، بحيث على من ابتلي أن يستتر، لكن لما انكشف أمر هذه الفضيحة، تبين أن الوزارة لم تكن إلا منفذة لضغوطات من ذوي النفوذ في قطاعات أخرى، حسب ما راج من أخبار. وهذا درس آخر في التغيير، يتعلق باستقلالية القرارات؛ معناه أنه يمكنك أن تنتقل حتى إذا لم تكن مقربا من مسؤول كبير في وزارة التربية الوطنية، أو الأكاديمية أو النيابة، إذ تسطيع أن تنتقل إذا كنت محسوبا على حزب من الأحزاب، أو أخا أو ابن أخ أو من بني عمومة أو خؤولة مسؤول في وزارة السياحة أو الاقتصاد أو الخارجية…وما الانتقال إلا مثال، وقس على ذلك ما تبقى من الخدمات التي تخولها لك القرابة الدموية والحزبية …
هذا واقع مغربنا الذي لا ينكره أحد، فالوزارة نفسها اعترفت فيما راج من أخبار أنها خضعت لهذه الضغوط. وهو واقع مرّ يحطم الثقة في مؤسساتنا، واقع يزرع روح البؤس والتشاؤم، واقع يشجع الأنانية والمصلحة الشخصية على المصلحة العامة للبلاد. فبأي روح سيقف رجل تعليم أمام جيل المستقبل ليعطيهم درسا في النزاهة والعدل و جعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار ؟؟؟؟ وبأي روح سأقبل على التصويت يوم الانتخاب وفي نفسي هذه الصواعق والكوارث؟
ولم يكن موقف أكثر النقابات » الأكثر تمثيلية » مفاجئا، فقد تمثلت النازلة بسرعة البرق، وهوّنت من فداحتها، ثم اتفقت ،في البداية، على إجراء حركة استثنائية استدراكية، وهي حركة لن تكون إلا شكلية إرضاء لخواطر النقابات لا جبرا لضرر آلاف المدرسين والمدرسات، ولي ظن قريب من اليقين أن هذه الحركة الاستثنائية الاستدراكية التي يختزن عنوانها غموضا وتضليلا للشغيلة التعليمية، لن تكون إلا تقسيما للكعكة، ولن يستفيد منها إلا المقربون والزبناء، وهكذا سينتقل الأحباب والأصحاب و سيبقى أولاد الشعب…
صحيح لا يمكن وضع النقابات، والأشخاص النقابيين، ولا المكاتب الجهوية والإقليمية في سلة واحدة، إذ نجد في كثير من الأحيان أن هذا المكتب الجهوي أو الإقليمي يندد ويرفض ويتملل، لكنه لا حيلة له ولا قوة له لتغيير منكر ولو بأضعف الإيمان، لأن المتحكمين وطنيا أو جهويا لهم رأي آخر…و بهذه المناسبة فإني أحيي تحية خالصة المكتب الجهوي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم (UMT) الذي أصدر بلاغا يثلج الصدر، خاصة فيما يتعلق بمسألة الحركة موضوع المقال، فقد أدان ما عرفته وتعرفه الحركة من فساد، والذي يتمثل على الخصوص في التستر على المناصب الشاغرة، و تنقيل وتكليف الأهل والأحباب، فقد جاء في بيان المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم بالجهة الشرقية ما يأتي :
« – إدانته للحركة الانتقالية السرية التي أقدمت عليها الوزارة الوصية خلال العطلة الصيفية ضاربة بذلك مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة وتثمينه لموقف المكتب الوطني منها المتضمن في بيان جامعته الصيفية بتاريخ 13 شتنبر 2011 .
– استنكاره للنتائج الهزيلة للحركة الانتقالية الوطنية والتي كانت مخيبة لآمال وانتظارات كثير من نساء ورجال التعليم، واستغرابه حرمان فئات عريضة من الأسرة التعليمية من حقهم في حركات انتقالية وطنية وجهوية وإقليمية .
– تنديده الشديد لحرمان العشرات من نساء ورجال التعليم من حقهم في الانتقال في إطار الحركتين الوطنية و الجهوية من خلال التستر المقصود على المناصب الشاغرة . »
وعلى مستوى الجهة الشرقية جاء في البيان نفسه.
» – تذكيره بوجوبية العمل التشاركي في تدبير الشأن التعليمي بالجهة و استغرابه إصدار الأكاديمية لتكليفات خارج اللجنة الموسعة خلال الموسم الدراسي السابق و دعوته الإدارة إلى التراجع عنها .
– دعمه اللامشروط لنضالات الأسرة التعليمية بالجهة في إطار تنسيقيتها الجهوية المطالبة بحركة انتقالية منصفة و عادلة وبمعايير و شروط تحقق تكافؤ الفرص في التباري على المناصب الشاغرة المفروض الإعلان عنها من طرف النيابات »
إني أحيي المكتب الجهوي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم على هذا البيان الذي كشف بعض مظاهر الفساد التي تنخر جسد التعليم ببلادنا، وفي المقابل أستغرب صمت باقي النقابات في الجهة الشرقية، فهل مظاهر الفساد تلك، لا تستدعي بيانا تنديديا أو أن السكوت علامة الرضى؟؟؟
وقد كان الكثير يمني نفسه بحركة استدراكية عامة يشارك فيها الجميع، بمعايير نزيهة وعادلة، تعلن فيها المناصب الشاغرة جميعها، وهذا ما فهمنا من بلاغ الاجتماع الأول الذي حضرته النقابات مع الوزارة، حيث اتفقت على إجراء حركة وطنية استدراكية، ولم يمر سوى أسبوع على تلك « البشرى » ليضاف – في اللقاء الثاني- اسم » اجتماعية »، هكذا تبخرت أحلام الناس، وتبين أن الأمر ليس إلا ذر الرماد في العيون، فهذه الحركة ما هي إلا جزء من مسلسل » حركة الأهل والأحباب ». والحركة الاجتماعية ما هي إلا تكريس للزبونية والمحسوبية…اسأل من شئت من رجال التعليم ونسائه سيكون الجواب واحدا موحدا، فهذا النوع من الحركة حيلة للانتقال خارج إطار قانون العدل ومبدأ الشفافية والنزاهة، فحتى وإن كانت هناك حالات اجتماعية تستحق الانتقال – والمدرسون جميعا متضامنون مع هذه الفئة الاجتماعية التي تعاني حقا وحقيقة من مرض أو من مشكل اجتماعي حقيقي- فمن حولها حالات اجتماعية كاذبة، تستغل قرابتها السياسية أو النقابية أو الدموية للانتقال. وبهذه المناسبة فإني أتمنى أن تعلن أسماء هذه الحالات الاجتماعية للناس وأن تبين حالاتهم التي استدعت نقلهم، ابتغاء النزاهة والشفافية.
وما يجري على المستوى المركزي تجد نظيره على المستوى الجهوي والإقليمي، فالحركات الانتقالية السرية على قدم وساق، وملفات الحالات الاجتماعية لا تخلو من منطق الزبونية والمحسوبية، ومنطق تقسيم الكعكة مع الشركاء الاجتماعيين هو المسيطر، وإخفاء المناصب الشاغرة تمهيدا لمنحها للأهل والأحباب عادة ما أصعب فطامها ! وهلمجرا… ففي الجهة الشرقية مثلا ظهرت خروقات واضحة في الحركة الانتقالية الجهوية، هناك احتلال المناصب بالقوة، إلى درجة أن البرنام المعالج لملفات الحركة، سها أو أخطأ عن عمد، فقد انتقل أستاذ ب86 نقطة إلى وجدة، ولم ينتقل صاحب 96، وفي أحفير بنيابة بركان، منصب للغة العربية بقي شاغرا منذ بداية الموسم وما زلنا ننتظر المحظوظ الذي سيحتله رغما عمن طلبه في الحركة الجهوية، وذكرت مصادر من عين المكان أن هناك ثلاثة مناصب أخرى شاغرة ولا ندري من سيشغلها؟؟؟ ثم ما بال أستاذة الرياضيات التي كانت حارسة عامة ببركان، فإذا بها بين عشية وضحاها مدرسة للرياضيات، في قلب وجدة، بثانوية محمد السادس؟؟؟ وما خفي أعظم…
و أمام هذا الوضع يتساءل الكثيرون عن جدوى الانخراط في نقابات لم تستطع أن تحق الحق الواضح وتبطل الباطل الفاضح؟؟ وصُدم الجميع حين تقبلت تلك الانتقالات ولم تطالب بإلغائها، ولم تطالب – ولو مازحة- محاسبة المسؤولين عنها؟؟؟ ومتى تنتفض هذه النقابات إذا لم تنتفض الآن وقد ظهر الفساد الفاضح ؟ أ لا إن صبر المغاربة يوشك على النفاد، وإن عاقبة الظلم وخيمة، وإن غدا لناظره قريب.
كم أشتاق إلى مغرب جديد، أذهب إلى عملي مرفوع الرأس بشوشا معتزا بوطنية جديدة لا تحابي أحدا، أقدم للمتعلمين دروسا – ببيداغوجيا الإدماج- في النزاهة والعدل، وأنا واثق أن وطني نزيه عادل. كم أشتاق إلى مغرب جديد شفاف، لا مكان فيه للوساطة، نقابية كانت أم عائلية أم سياسية… صحيح، هذه أحلام يقضة لا ندري هل ستصبح واقعا في يوم من الأيام؟؟ ولا ندري بأي وسيلة ستتحقق هذه الأحلام؟؟
احميدة العوني. kassajanjali@hotmail.com
2 Comments
كم أشتاق إلى مغرب جديد، أذهب إلى عملي مرفوع الرأس بشوشا معتزا بوطنية جديدة لا تحابي أحدا، أقدم للمتعلمين دروسا – ببيداغوجيا الإدماج- في النزاهة والعدل، وأنا واثق أن وطني نزيه عادل. كم أشتاق إلى مغرب جديد شفاف، لا مكان فيه للوساطة، نقابية كانت أم عائلية أم سياسية… صحيح، هذه أحلام يقضة لا ندري هل ستصبح واقعا في يوم من الأيام؟؟ ولا ندري بأي وسيلة ستتحقق هذه الأحلام؟؟
أثلجت صدري أخي الركريم احميدة العوني بارك الله فيك
il y a aussi un cas extreme qui montre la complicité de l administartion.une femme professeur de frçs a nador lycée mohamedv a été mutée a la délégation d oujda sous prétexte qu il s agit d un rapprochement du conjoint et avec 22 points.or son mari exerce a jerada et elle n a exercé que deux ans donc elle doit avoir a peine 12 points. le responsable des ressources humaines a l academie est au courant de cette fraude ainsi que les syndicats. et personne n a rien fait.