Home»International»عودة الروح إلى الجسد العربي

عودة الروح إلى الجسد العربي

0
Shares
PinterestGoogle+

هل فعلا هلّ الصبح العربي بعد بيات شتوي خلناه أبديا سرمديا ؟ هل تباشير الربيع العربي أبت إلا أن تكون هذه المرة ،على غير عادتها في السنين العجاف، ساخنة زاخرة بالمفاجئات؟ فقد تململ الجسد العربي الذي داست عليه أقدام الإستعمار القديم والجديد ونالت من نديته أمام أمم الأرض، محاولات حثيثة من الإنهاك الإقتصادي والتمييع السياسي والهتك الأخلاقي ،فلملم ما تبقى من كرامة واستعان بقليل من عنفوان، فاندفع كالبركان الهادرلإسترداد مجده وجدارته وقد صادرتهما المقاولات السياسية القائمة على استنزاف واستعباد الأقطار العربية.

طبيعي إذن أن ييأس هذا المواطن من خيار تفويض أمره إلى ثلة من النهمين على السلطة والمصرين على تأبيد ولاء الناس لهم عبر الترهيب والترغيب، وعبر ادعاء تفعيل أدوار مؤسسات وهياكل صورية وتدشين مشاريع ورقية لا أثر لها في حياة المواطن

 

لقد بدا صدر الإنسان العربي حرجا أكثر من أي وقت مضى،ولم يعد يتسع لمزيد من الإذلال والحرمان . فقد صبر وزيادة على توالي فصول الإهانة لمسرحية عناوينها الحكمة والتعقل، ومراعاة شروط الإنتماء للوطنية الضيقة،والحفاظ على المكتسبات،والشرعية التاريخية،وما إلى ذلك من المفردات السخيفة التي دأبت الأنظمة العربية على ترويجها ومحاولة ترسيخها في واقع ومخيال الإنسان العربي.

طبيعي إذن أن ييأس هذا المواطن من خيار تفويض أمره إلى ثلة من النهمين على السلطة والمصرين على تأبيد ولاء الناس لهم عبر الترهيب والترغيب، وعبر ادعاء تفعيل أدوار مؤسسات وهياكل صورية وتدشين مشاريع ورقية لا أثر لها في حياة المواطن . وطبيعي أن يعجز هذا المواطن عن مجاراة إيقاع الحياة السياسية على صورتها الحالية،بدساتيرها المفبركة على مقاس الزعيم الذي يكون عادة خالدا ملهما، وأحزابها المهجورة والتي لم تفلح في تأطير المواطنين بسبب لا ديمقراطيتها وتآكل مشروعيتها. ألم تكن النسب المتدنية في انتخابات جرت في الأقطار العربية نذير شؤم على جل الأنظمة العربية وإيذانا بانفلات الوعي الجماهيري من قمقم حرصت هذه الأنظمة على إقفال فوهته بإحكام. لم تنفع السياسات الأمنية الكاتمة للأنفاس ولا تلك القائمة على الإستقطاب أو التذويب. كل الخيارات تقريبا أثبتت محدوديتها وتجاوزتها الأحداث والحقائق المتسارعة في عالم أصبح قرية صغيرة.

 

لقد آن الأوان للشباب أن يعلم أن ممارسة السياسة وتوابعها هي من صميم حقوقه التي صادرها منه من أوهمه أن السياسة عينها هي شأن تخصصي يمارسه الراسخون في العلم

ولعل من نافلة القول التأكيد على أن استفحال واقع الفساد مسنودا بقرينه الإستبداد هو الذي عجل بظهور هذا الجيل الجديد من الإحتجاجات التلقائية من غير تحريض ولا تعبئة حزبية. فقد تمرد المواطن العربي،والشباب في طليعته، على واقع الخوف الذي لفته به الأنظمة المستبدة بشعوبها، المتواطئة مع أندادها والخانعة لأسيادها . فلم يعد له ما يخسره في الواقع،سوى حسرته على التفريط في كرامة أهدرت على امتداد عقود .

عادت الروح إلى هذا الجسد الذي لم يكن موته موتا سريريا محققا لا رجاء في عودتها إليه . إنه ظل تحت مفعول التخذير إلى حدود مطلع السنة الجارية، حيث أفاق على وقع الصدمة البوعزيزية إيذانا بأفول الركح العربي البئيس الزاخر بشتى صنوف التيئيس. لقد آن الأوان للشباب أن يعلم أن ممارسة السياسة وتوابعها هي من صميم حقوقه التي صادرها منه من أوهمه أن السياسة عينها هي شأن تخصصي يمارسه الراسخون في العلم . وعليهم أن يتيقنوا،من الآن فصاعدا، أن التماثيل المسنودة بتحالف المال ونظام الإمتيازات قد تهاوى بعضها والبقية تأتي، وأن قصة هيكل سليمان باتت تكرر نفسها في أكثر من موقع على رقعة الوطن العربي.

توقيع : محمد اقباش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *