المغرب والانتقال الديمقراطي السياسي
ثمن الشعب المغربي بكل أطيافه وتوجهاته المبادرتين الملكتين الأخيرتين ، يتعلق الأمر بتنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، ثم بالدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي حول تعديل دستوري مرتقب يؤذن بتحول حقيقي سيعرفه المغرب قريبا يتمثل في الانتقال من النظام الملكي الدستوري إلى النظام الملكي البرلماني حيث ستعطى للغرفتين التشريعيتين صلاحيات أكبر في سن القوانين ومساءلة الحكومة على تنفيذها وفي تتبع إنجاز الحكومة التي ستشكل من الأغلبية وستمنح لرئيسها أي للوزير الأول سلطات أكبرواختصاصات أوسع .لكن الانتقال من الديمقراطية السياسية إلى الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية يقتضي في نظرنا المتواضع إعادة ترتيب المشهد السياسي الوطني من خلال سن قانون هيئات سياسية جديد يلغي التفتيت الحزبي الراهن ويرتكز على مقاربة الأقطاب السياسية على قاعدة الاديولوجية السياسية الحزبية المختلفة وتصور المشروع المجتمعي المتفرد والبرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتميز و المتناغم مع مرجعية القطب الاديولوجية بحيث يسهل على المحلل السياسي التمييز بين اديولوجيات الهيئات السياسية ومشاريعها المجتمعية وبرامجها عندما تقول صناديق الاقتراع كلمتها وتفرز الانتخابات الحرة والنزيهة خلال شوط أو عدة أشواط قطبا سياسيا واحدا يتولى تدبير الشأن العام خلال عهدة واحدة تتراوح مابين ثلاث إلى خمس سنوات. لأن الافراط الحالي في تقدير الحريات أثناء تأسيس الأحزاب ساهم في تنفير القوة الحية البانية في البلاد أي قوة الشباب من الممارسة السياسية والتعبير عن الاختيار وما نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة المتدنية إلا دليلا على ذلك. يضاف على ذلك تشبيب الأطر المشرفة على الأقطاب السياسية التي ينبغي ألا تتجاوز بحكم معيار الاختلاف أربعة أقطاب سياسية هي قطب الليبرالية الديمقراطية و قطب الليبرالية الاجتماعية الديمقراطية والقطب الاسلامي وقطب البيئة كما يتعين على الفاعلين السياسيين- الذين ينبغي أن يتوفروا على تكوين سياسي وتزكية الرموز الوطنية والكتل الناخبة – دمقرطة النشاط السياسي القطبي داخل القطب الواحد واستبعاد الاعتبارات العائلية أو القبلية أو الحسابات المصلحية الآنية الضيقة وإرساء مبدأ الجهوية داخل تنظيم القطب الواحد على المستوى اللامركزة السياسية والمالية والادارية .
إن إحداث هذه التغييرات العميقة في قانوني الانتخابات وتكوين الأقطاب السياسية لمن شأنه أن ينجح المبادرة الملكية الحكيمة ويؤمن شروط استنبات الجهوية المتقدمة وفق منظور وطني يؤمن بالتعدد داخل الوحدة ويستفيد من تجربة النموذج الألماني أو الايطالي أو الأمريكي اللاتيني …في الانتقال المتدرج السلس من النظام المركزي على مستوى التدبير السياسي والاداري والمالي إلى نظام لامركزي لاتركيزي حقيقي على الصعد الثلاث ومن شكل برلمان وطني إلى شكل برلمان فيدرالي متناغم مع برلمانات جهوية وقس على ذلك باقي المؤسسات الدستورية ومن صيغة الأداء الحكومي المركزي إلى صيغة حكومة فيدرالية مشرفة على حكومات محلية داخل الجهات التي ينبغي مراجعة نظام تقطيعها الحالي وفق اعتبارات جديدة تراعي مبادئ التوازن السكاني وتكافؤ الموارد و اعتبارالموقع والقرب من المركز …ولن يتأتى ذلك إلا بتحقيق انتقال ديمقراطي اجتماعي واقتصادي بين مكونات الجهة الواحدة وفيما بين الجهات.
Aucun commentaire