وزير سابق لدى البوليساريو: الوضع الديمقراطي في المغرب وراء عودتي إليه.. والمخابرات الجزائرية موجودة في «حساء» الصحراويين
الرباط: محمد بوخزار
امتنع حماتي رباني، الوزير السابق في حكومة جبهة البوليساريو، الذي عاد اخيرا الى المغرب، عن اعطاء تفاصيل عن الكيفية التي غادر بها مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر)، والطرق التي سلكها والتي قادته الى الوطن الام، وعزا ذلك الى كونها طرقاً قد يتبعها عائدون لاحقون، رافضا في ذات الوقت ذكر اسماء وهوية الوسطاء الذين اقنعوه باتخاذ قرار العودة النهائي الى المغرب، لكنه اثنى على الاطر (الكوادر) المغربية، واجزل لها الشكر لأنها كانت في مستوى التحاور والتفاوض وتبادل وجهات النظر معه الى ان تحققت النتيجة الايجابية، مستسمحا الحضور عدم استطاعته ذكر بيانات اكثر عن الجهة التي ينتمي اليها محاوروه ومقنعوه
.
واستعرض رباني الذي كان يتحدث صباح امس في مؤتمر صحافي بالرباط، محاطا بعدد من مسؤولي جبهة البوليساريو الذين عادوا في غضون السنوات الاخيرة الى المغرب، الاسباب التي حملته على العودة وضمنها الوضع الديمقراطي الحالي في المغرب، الذي اذكى القناعة لديه بالعودة، اضافة الى كون جبهة البوليساريو نجحت نسبيا في ظروف الحرب، بيد انها اخفقت في ظروف السلم. وقال «السلام عندي اقوى واهم من الحرب
».
اما سبب العودة الثالث في نظر المسؤول السابق في جبهة البوليساريو فيكمن في التحول الهائل الواقع في الكرة الارضية والمتمثل في العولمة والقطبية الواحدة، حيث لم يعد معهما مكان للكيانات الصغيرة، وقال «ان الاصح هو الابقى
».
واعرب رباني عن قناعته ان اي حل للمشكلة الصحراوية لا يمكن ان يتحقق خارج اطار الجهوية (المناطق) التي اشترط ان تكون مدروسة ودقيقة وفعالة، وتتطور في اطار السيادة المغربية على المحافظات الجنوبية، نحو الحكم الذاتي، موضحا ان الجهوية المأمولة التي فكر فيها بعمق ستكون قوية اذا اخذت بعين الاعتبار رأي سكان المنطقة، واستغلال الطاقات اللانهائية التي يمتلكونها من اجل بناء وتقوية المغرب
.
وانتقد رباني سلوك عناصر البوليساريو الذين يتاجرون في المساعدات الانسانية التي يحصلون عليها من المنظمات الدولية، واصفا «رفاقه» السابقين بأنهم تحولوا الى «مافيا»، وشبه ما يقع بينهم من صراعات وتكالب على المال، بالاحداث التي يرويها فيلم «العراب» الشهير الذي اخرجه المخرج الاميركي، فرانسيس فورد كوبولا. ومضى رباني شارحا الوضعية داخل مخيمات البوليساريو نتيجة التكالب على الاموال والاغتناء من المساعدات الدولية، وقال على الخصوص «ان المال السائب يؤدي الى السيبة»، وشكك في الارقام التي تقدمها جبهة البوليساريو بخصوص عدد سكان المخيمات، مبرزا انهم يضربون سياجا على المخيمات يستحيل معه على منظمة انسانية اجراء احصاء دقيق للمستفيدين من المساعدات. واشار حماتي الى ان عناصر بعثة الامم المتحدة (المينورسو) لا يدركون الحقيقة داخل المخيمات لانهم مراقبون، ومؤطرون من طرف البوليساريو
.
وجوابا على سؤال حول حقيقة احداث الشغب الاخيرة التي وقعت في بعض مدن الصحراء، والتي تدعي البوليساريو، انها انتفاضة ضد المغرب. اوضح رباني، انه لا يعرف بالضبط ما جرى هناك، لكنه واثق من ان جبهة البوليساريو اضعف قدرة على خلق انتفاضة في «العيون»، خاصة انها غير قادرة على توفير مياه الشرب في المخيمات، لكنها تعرف كيف تستغل اوضاعا انسانية لصالحها، فأن يقف مواطن امام البلدية في الرباط او الدار البيضاء او العيون، ويطالب بحقه في الشغل او يحتج على اوراق ادارية لم يتوصل بها، لا يعني ان ذلك المواطن المحتج اصبح نصيرا للبوليساريو، كما تدعي الحركة الانفصالية. وبخصوص الخلافات القائمة بين عدد من القادة العسكريين للجبهة مع وزير الدفاع، محمد الامين البوهالي، قال حماتي «ان القرارات داخل الجبهة لا تتخد بطريقة ديمقراطية، لكن هناك وعيا وقناعة بأن بعض الاقطاب المتنفذين في البوليساريو يعرقلون كل الحلول باعتبار ان كل حل ليس في مصلحتهم». واشار الى ان القادة الاربعة الذين تمردوا على البوهالي «هم اصدقاء واعرف درجة تمردهم وتذمرهم
».
وتعليقا على التهديدات التي تطلقها البوليساريو في المدة الاخيرة، بالعودة الى السلاح وشن الحرب على المغرب، سخر رباني من هذا الادعاء قائلا «كيف يمكنهم القدرة على ذلك وقد تخلى عنهم حوالي ستة آلاف من الكوادر المدربة والمجربة، الذين عادوا الى المغرب». وبخصوص تقرير مصير السكان الصحراويين، اوضح المسؤول السابق في البوليساريو ان ذلك يمكن ان يتحقق بمختلف الطرق، داعيا المغرب الى تجنيد كل طاقته لان الصحراويين وكلوه الدفاع عنهم وايجاد حل لمشكلتهم
.
وتطرق رباني الى أشكال تدخل الجزائر والسيطرة التي تمارسها المخابرات العسكرية، على عناصر البوليساريو، قائلا باللغة الاسبانية «انهم موجودون حتى في الحساء». مؤكدا اجواء السخط التي تشهدها المخيمات سواء تعلق الامر بالدعوة الى اسقاط زعيم البوليساريو او المطالب بالعودة الى الوطن الام، مبرزا ان جميع انواع الطروحات التي يمكن تصورها بالبال موجودة في صفوف البوليساريو
.
وختم رباني لقاءه مع الصحافة بتوجيه نداء الى زملائه واصدقائه الذين تركهم في المخيمات، والذين يعرف مدى احساسهم بتأنيب الضمير، مخاطبا اياهم: «ان الزيادة في الانتظار عبث وان السماء لن تمطر ذهبا، ولا معنى للاستمرار في الاحلام الدونكيشوتية (نسبة الى دون كيشوت)، وبالتالي فقد حان الوقت لكي يتخذوا موقفهم»، طالبا من المنظمات الانسانية الكف عن تقديم المساعدات «حتى يوضع حد للوهم والسراب». يذكر ان رباني اسندت له، على مدى فترتين، حقيبة وزير العدل والشؤون الدينية في صفوف البوليساريو (ما بين 1986 ـ 1988 و1995 ـ 1998). كما تولى رباني المتحدر من قبيلة تندغة العريقة، والذي كان قد التحق بمخيمات تيندوف عام 1975، منصب كاتب عام (وكيل) لوزارة الداخلية عام 2000 ومسؤولا عن ما يسمى «جاليات البوليساريو» في موريتانيا ما بين 1985 و1999، اضافة الى مناصب مهمة اخرى. وعلى صعيد آخر، قال ميغيل انخيل موراتينوس، وزير خارجية اسبانيا، ان بلاده تدافع عن الشرعية الدولية بخصوص نزاع الصحراء، وان ذلك الموقف كان دائما واضحا، لكنه يجب عدم نسيان انه يوجد طرفان هما المغرب وجبهة البوليساريو، ولذلك لا بد من الاعتماد على الجانبين لايجاد حل نهائي للنزاع، الذي يترتب عنه استتباب الأمن والسلام في سائر المنطقة التي هي حيوية ومهمة بالنسبة لاسبانيا
.
واضاف موراتينوس الذي كان يتحدث امس لمحطة اذاعية اسبانية «اوندا ثيرو» ان الانتقادات الموجهة لحكومة بلاده بخصوص اسلوب تعاطيها مع المشكلة الصحراوية، غير دقيقة وتعتمد زرع منطق الشك. وقال «انه ما دامت قد مرت حوالي ثلاثين عاما على النزاع، من دون ان يولى العناية اللازمة، فانه من الطبيعي ان تبرز الشكوك
».
واوضح موراتينوس ان غاية الدبلوماسية التي تنهجها بلاده هي تقريب وجهات نظر الاطراف المعنية التي تتبنى مواقف ما زالت متباعدة، وبالتالي فان اسبانيا راغبة في اقامة حوار سياسي بين الاطراف المعنية من اجل التوصل الى حل باشراف الامم المتحدة
.
جريدة الشرق الأوسط
Aucun commentaire