مقاربة النوع في الوظيفة العمومية المغربية / بحث قيّم وفريد من نوعه لنيل شهادة الماستر بكلية الحقوق بوجدة
ناقشت الطالبة الباحثة فاطمة راشيد يوم 13 نونبر 2010 على الساعة التاسعة صباحا بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة ، أمام لجنة المناقشة المكونة من الدكاترة الأجلاء كل من الأستاذ محمد زروالي مشرفا ورئيسا، والأستاذ عبد الله إدريسي، والأستاذ عبد الحق الجناتي الإدريسي، والأستاذ حميد اربيعي، أعضاء، بحث لنيل شهادة الماستر بعنوان « مقاربة النوع في الوظيفة العمومية المغربية »، وقد اختارت الطالبة الباحثة خوض غمار هذه البحث نظرا لما يكتسيه موضوع مقاربة النوع الاجتماعي من أهمية بالغة، إذ استرعى اهتمام الكثير من الباحثين سواء على مستوى الساحة الدولية أو الوطنية، بالإضافة إلى المكانة المتميزة التي يحتلها ضمن البرامج الإصلاحية التي تقوم بها الدولة، تدعيما لإرساء دولة الحق والقانون، وكذلك تدعيما للتوجهات الملكية السامية في هذا الشأن.
وقد أشارت الطالبة الباحثة خلال عرضها لمحتويات البحث أثناء المناقشة، إلى أن العالم يشهد تحولات جذرية متلاحقة على مختلف المستويات، ويسير بوثيرة متسارعة نحو تجسيد مفهوم القرية الكونية بكل ما تحمله من معاني ودلالات، وتوجد الإدارة بصفتها الأداة التي تنفذ بها السياسات العمومية في قلب هذه التحولات، وهي التي يرجع إليها أمر نجاح السياسات المتبعة أو فشلها.
واستجابة لمتطلبات المحيط الدولي وتغيراته أقبلت الإدارة المغربية على توظيف المفاهيم الحديثة المتمثلة في الشفافية والحكامة والمقاربة التشاركية ومقاربة النوع…، هذه الأخيرة التي تعد آلية مهمة لكونها تحرص على تحقيق التقارب والتشارك والتكامل بين الجنسين لكونهما يسهران معا على تحقيق مخططات الإدارة، وبالتالي تنفيذ أهداف السياسة العمومية.
« وبذلك اهتمت في الآونة الأخيرة جميع القطاعات العمومية بإدراج مقاربة النوع في سياساتها المنتهجة، ومن جملة هذه القطاعات نجد قطاع الوظيفة العمومية الذي كان محل الدراسة من خلال ربطه بمقاربة النوع، وقد طرحت الباحثة في هذا البحث إشكالية مركزية: هل هناك فعلا مقاربة النوع بالوظيفة العمومية؟ والتي تفرعت عنها إشكاليات فرعية تمثلت في: ماهو موقع المرأة الموظفة بالوظيفة العمومية؟ وإلى أي حد استطاعت الوصول إلى مراكز القرار بمختلف أشكاله داخل القطاعات العمومية؟ وما هي المعيقات التي تحول دون ذلك؟ وكيف السبيل إلى تجاوز هذه المعيقات؟ ».
وقد تمت معالجة هذه الإشكاليات وغيرها من خلال محورين مركزيين، يتجلى المحور الأول في وضعية المرأة في الوظيفة العمومية التي تطرقت فيه صاحبة البحث إلى شتى مظاهر مقاربة النوع بالإدارة العمومية مع دراسة لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية من حيث منع التمييز في تقلد الوظائف العليا ومناصب المسؤولية، بالإضافة إلى منع التمييز في الحقوق والواجبات.
ولكي تضفي طابع التحليل والتشخيص قامت بدراسة للتقييم الكمي للجنسين بالإدارة العمومية، حيث كان من اللازم الوقوف عند الأرقام والمؤشرات التي تنطق وتكشف بوضوح عن مكامن الضعف في وضعية الموظفة، وعن الفوارق التي تتطلب مجهودا كبيرا ومشتركا من أجل تجاوزها.
وأشار البحث إلى أن نسبة الموظفات بالإدارة العمومية حسب إحصائيات لوزارة الاقتصاد والمالية برسم سنة 2009، تصل إلى 36,8% مقابل 63,2% من الموظفين الذكور، غير أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة إذا ما قورنت بما كان الوضع عليه في بداية الاستقلال إذ كانت تمثل 1,5%. والملاحظ أن النسبة الإجمالية لمساهمة المرأة تعتبر شبه قارة مابين سنة 2004 و 2009.
ومما توصل إليه البحث أن توزيع موظفي الدولة حسب السّنّ والنوع الاجتماعي، يبين أن نسبة الذكور الموظفين تتعدى نسبة الإناث بالنسبة لكل فئات السن، باستثناء فئة السن من 20 سنة إلى 30 سنة التي تشكل فيها نسبة الإناث 59,4% من أعداد هذه الفئة. وأما بخصوص الأقدمية فالموظفات يتوفرن على أقدمية أقل من الموظفين الذكور حيث تبلغ نسبتهن 26,2% لأقدمية تزيد عن 30 سنة.
وفيما يتعلق بمناصب المسؤولية، فالموظفة تعرف تمثيلية شبه ضعيفة، فعلى سبيل المثال تصل نسبة مشاركة الموظفة بمناصب المسؤولية ببعض الوزارات إلى 22% بوزارة تحديث القطاعات العمومية، و13% بوزارة الاقتصاد والمالية، و21% بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، و9,3% بقطاع التعليم العالي، و19% بوزارة السياحة، و34,3% بوزارة العدل. وخلصت الطالبة في بحثها إلى أن هذه النسب التي تخص بعض القطاعات العمومية تكشف بوضوح ضعف حضور الموظفة بمراكز اتخاذ القرار، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل متعددة ومترابطة فيما بينها منها ما هو قانوني وإداري واجتماعي وثقافي، ونتيجة لهاته العوامل التي تم دراستها في هذا البحث خصصت الباحثة المحور الثاني إلى آليات وأساليب تحقيق مقاربة النوع في الوظيفة العمومية عن طريق تفعيل السياسات الموازية لمقاربة النوع في الوظيفة العمومية من خلال دراسة للإستراتيجية الوطنية للإنصاف والمساواة بين الجنسين، والميثاق الوطني لتحسين صورة النساء في الإعلام، وإدماج مقاربة النوع في الميزانية، مع وقوفها على أساليب تكريس مقاربة النوع في الوظيفة العمومية بالاعتماد على تدعيم الآليات القانونية والتدبيرية وذلك بإعادة النظر في الأنظمة المؤطرة للوظيفة العمومية، وإصلاح منظومة التوظيف، وكذا هيكلة الأطر، مع اعتماد التدبير التوقعي للوظائف والكفاءات في شتى مراحل المسار المهني، بالإضافة كذلك إلى تدعيم القدرات والمؤهلات النسائية بغية تمكين الموظفة من إثبات كفاءتها وتشجيعها للانخراط في مناصب المسؤولية.
وخلاصة القول، إن مقاربة النوع قضية مركبة تتداخل فيها عدة عناصر سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية وإدارية، ومع ذلك حقق المغرب قفزة نوعية في هذا المجال، ومازال يعمل على تكريس وإنجاز المزيد في ميدان مقاربة النوع الاجتماعي.
يشار إلى أن الطالبة الباحثة فاطمة راشيد الحاصلة على الإجازة في القانون العام ودبلوم تكوين المكوّنين الاجتماعيين ودبلوم أستاذ الدعم، مُنحت دبلوم ماستر مسلك التدبير الإستراتيجي للموارد البشرية بكلية الحقوق بجامعة محمد الأول بوجدة، بميزة حسن جدا ونقطة 17 مع تشجيعها بالاحتفاظ بنفس الموضوع وتعميق البحث لنيل شهادة الدكتوراه.
1 Comment
lah ywafa9ha 7ta twsal ldak chi libghat.