ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: (ألبير) و (جرمان) عياش ـ الحلقة 16 ـ
بدر المقري
سأخص هذه الحلقة بالتعريف بعلمين من أعلام المعرفة بوجدة ذاع صيتهما في المغرب و خارجه، ليس فقط لإشعاعهما العلمي و لكن أيضا لإحالتهما على قيمة إنسانية سامية ميزت المجتمع المغربي: إنها قيمة التسامح. و يتعلق الأمر بالباحثين الأكاديميين اليهوديين (ألبير عياش) و ابن عمه (جرمان عياش). و ليس نافلة التذكير بأن أصولهما من قبيلة (آيت عياش) المغربية الأمازيغية.
1- (ألبير عياش):
هاجرت أسرته من المغرب إلى الجزائر حوالي 1875، و ولد بتلمسان سنة 1905. و قد عادت الأسرة إلى المغرب حوالي 1919 و استقرت بمدينة وجدة. و لما اقترنت حياة (ألبير عياش) بمدينة وجدة، فإنه حرص بعد مساره التعليمي في تلمسان و الجزائر العاصمة و باريس على تدريس التاريخ و الجغرافيا في ثانوية الفتيان (عمر بن عبد العزيز لاحقا) ما بين 1932 و 1939. و مما يجب التنبيه عليه أن هذه الثانوية كانت مصنفة إداريا ضمن أكاديمية (بوردو) بفرنسا.
و لما كان (ألبير عياش) مناضلا في الحزب الشيوعي الفرنسي و مناصرا للحركة الوطنية المغربية، فقد انخرط كلية في النسيج الاجتماعي و الثقافي لوجدة و نواحيها ما بين 1948 و 1950 و تفرغ لمشروعه المعرفي الذي اشتهر به إلى غاية وفاته: تاريخ الحركة النقابية في المغرب على عهد الحماية الفرنسية. و محقوق بي الإشارة إلى أن النواة الأولى لهذا المشروع هي تاريخ الحركة النقابية في مناجم جرادة ابتداء من منتصف الأربعينات.
و قد طردت الإدارة الاستعمارية (ألبير عياش) من المغرب سنة 1952 بسبب مواقفه السياسية المناهضة للحماية. فكرس مسيره الأكاديمي في جامعة باريس الأولى لتأريخ الحركة النقابية في المغرب على عهد الحماية، حتى أصبح بلا منازع عمدة في بابه. و توفي (ألبير عياش) بباريس يوم الأحد 5 يونيو 1994.
1- (جرمان عياش):
هو ابن عم (ألبير عياش). و قد ولد بمدينة بركان سنة 1915. و بعد أن أنهى دراسته الابتدائية بتلمسان عاد إلى مدينة وجدة. و قد ظل (جرمان عياش) إلى آخر حياته ينوه بالدور الطليعي الذي لعبته مدينة وجدة في مستقبله المهني و الأكاديمي. فقد تابع دراسته الثانوية في ثانوية الفتيان (عمر بن عبد العزيز لاحقا) و بها نال شهادة الباكالوريا بامتياز سنة 1932. و قد أهله هذا الامتياز للالتحاق بمعهد الدراسات العليا المغربية بالرباط (جامعة محمد الخامس لاحقا) و عين أستاذا بثانوية المارشال ليوطي بالدار البيضاء سنة 1937. و طردته الإدارة الاستعمارية الفرنسية من المغرب سنة 1950 لأنه كان مناضلا في الحزب الشيوعي المغربي و مناوئا لنظام الحماية. و قد عاد إلى المغرب سنة 1956 و التحق بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1960.
و إذا أردنا اختصار المشروع المعرفي للأستاذ (جرمان عياش) فإن العنوان الجامع هو: تأصيل الكتابات التاريخية الخاصة بالمغرب بالمقاربات الموضوعية. و توفي (جرمان عياش) بعد وعكة صحية ألمت به في بداية غشت 1990 بمدينة (نيس) الفرنسية.
Aucun commentaire