التعليم الإبتدائي وهجرة الأدمغة
حينما دخل النظام الأساسي لسنة 2003 حيز التطبيق استبشر به معظم أطر وزارة التربية الوطنية خيرا ، لما فتحه من آفاق كانت إلى حين موصدة بإحكام .الأمر الذي جسد فعلا ثورة غير مسبوقة في مجال تدبير الموارد البشرية وتحفيزها .ولكن إذا الأمر على هذا النحو من الشروع الفعلي في أجرأة الرغبة الكامنة في نفوس الفئات الواسعة من العاملين في الحقل التعليمي ،فإن البعض ممن صفا لهم الجو، بعد هبوط درجة حرارة "حمى الترقيات" التي أسالت في حينها مدادا وعرقا كثيرا ،وبعد انقشاع الضباب المفتعل الذي رافق صدور النظام الأساسي الجديد، وجدوا أنفسهم مطوقين بواجب البحث عن الذات في وضع جديد . وهكذا انبروا إلى تحريك مسطرة الترقي بالشواهد ومنها الإنتقال عبر الأسلاك التعليمية ،بدءا بالإبتدائي فالثانوي والعالي .وهنا أستحضر فئة الأساتذة بالإبتدائي الحاصلين على دبلوم الدراسات العليا والدكتوراه الوطنية. فهؤلاء ممن أينع طموحهم وتيسرت لهم سبل المعرفة،آثروا إلا ان يستخدموا "ذخيرتهم الحية" في تسلق السلاليم والعبور عبر الأسلاك ولسان حالهم يقول: ٌاقضينا حاجتنا الله يلعن جارتنا ٌ .لست طبعا ضد حق أي كان في الترقية الأوضاع المادية والمعنوية، والطموح المشروع أقوى من أن تزعزعه أهواء كائن من كان.فقط يجب أن يكون هذا الطموح مستندا إلى الكفاءة والجدارة ،حتى لا تختل المعايير وتعم العفوية ،كترجيح مبدأ المكافأة على مبدأ الكفاءة مثلا .
وعلي أن أسأل هؤلاء جدلا :هل دخلوا الميدان وفي نيتهم تقديم شيء لهذا الوطن،من قبيل التضحية بالعمل في السلك الأدنى،بموازاة مع المطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والمهنية..؟ شخصيا أشك في ذلك ،فما نيلهم لتلك الشواهد إلا على حساب الزمن المدرسي ، ولا أتوقع إلا فئة’ شاذة ‘ قد تكون وزعت وقتها بشكل منصف بين واجباتها المهنية وتحصيلها الأكاديمي. إن معظمهم ،وهذا هو الواقع، يريد من التعليم الإبتدائي أن يكون مجرد قنطرة عبور وليس مجالا للتنافس العلمي والبيداغوجي ، لتحسين المردودية وتطوير الممارسة،وكأن هذا التعليم في مرحلته الإبتدائية لا يستجيب للتأثير الأكاديمي،والذي يرد حماته أن يقصروه على حلقات البحث العلمي في مدرجات الجامعات ومراكز البحث.
ماذا يفعل هؤلاء أكثر من تفقير التعليم الإبتدائي وإفراغه من كفاءاته عبر هذا الطموح الماكر.؟ ألم يكن من الأجدى بالنسبة لهؤلاء الدفع في أتجاه تحسين الأوضاع وهي في سلكها الأصلي اي السلك الإبتدائي . فيحصل لهم شرف الإرتقاء بمنظومة التعليم عبر استثمار معارفهم وهالتهم الرمزية،كدكاترة ومثقفين ،قد يكون في تجربتهم وحضورهم إسناد كبير لمهنة التدريس في مستواها الإبتدائي. وكيف نفهم منطق تأهيل المدرسة الإبتدائية إذا عدنا بها إلى سالف الأزمان، أيام كان العمل بها هو مجرد" ترانزيت" إلى مواقع أخرى في الوظيفة العمومية، إذ غابت وقتذاك المهنية الصادقة والتفرغ الخلاق.
وإذا كانت الوزارة، زمن الخصاص في الأطر والكفاءات، قد سلكت هذا المسلك وجعلت من القفز عبر الأسلاك التعليمية رياضة مألوفة، فإن الزمان غير الزمان ،والمؤسسات التعليمية نالت حضها وزيادة من الإشباع عموديا وأفقيا ولن تقبل أي مبرر لملء فراغ مفترض.
إن التأهيل،وبالمختصر المفيد، يجب أن يصار،في سبيل تحقيقه،إلى تفعيل آليات الكفاح والتضحية. وأعتقد أن زملاءنا من الحاصلين على شواهد عليا لا تعوزهم هذه الملكة أو يتجاهلون هذا التوجه الذي من المفترض أن يكون في صميم تكوينهم ومن أسس جدارتهم.
7 Comments
فعلا وزارة التربية الوطنية تحتقر التعليم الابتدائي رغم مايتطلبه من تكوين وهي بهذا عندما تفتح المجال لاصحاب » الشواهد العليا » على حساب تلامذة الابتدائي الى الترقي الى اسلاكا اعلى انما تعطي الانطباع بدونية التعليم الابتدائي كما انها تهين التعليم الاساس . ومقارنة مع فرنسا التي هي بتالنسبة لنا تحن المغاربة » النموذج » لا يمكن التدريس بالابتدائي الا بعد اربع سنوات من التكوين الجاد سواء على المستوى النظري والتطبيقي وهذا ما يؤكد اهمية هذه المرحلة من التعليم لأن التعليم الابتدائي يحتاج تكوينا خاصا كما يحتاج الى ثقافة معينة . في المغرب القاعدة مقلوبة والتعليم هو تعليم » كوكوت مينوت » سنة واحدة او سنتين على الاكثر مما يعتبر عند الكثير مجالا وعتبة نحو التسلق الى مراتب عليا باستغلال الشواهد التي تحصل على حساب الزمن التعليمي وعلى حساب التلاميذ مما جعله من بين الاسباب التي ساهمت في تدني المستوى التعليمي وكان الاجدر تحفيز رجال التعليم على الترقي من خلال التكوين في المجال التعليمي الميداني اي ان الترقي يجب ان يكون حسب العطاء لا بالشواهد المشكوك في قيمتها وفي اثرها على التعليم .
فهل يعقل ان رجال التعليم الذين تلقوا تكوينا خاصا بالتعليم الابتدائي وحين اكتساب التجربة والممارسة ينقلون الى التعليم الثانوي لتدريس مواد قد يجدون صعوبة في تدريسها لأنه يلاحظ ان بعض التعينات لتدريس بعض المواد لا تناسب الشهادة التي تحصلوا . فما معنى ان يدرس استاذ الفلسفة وهو حاصل على ديبلوم في الادب العربي تخصص الرمزية في الشعر الحديث … وكيف يدرس استاذ حاصل على ديبلوم في علم النفس اللغة العربية … اليس هناك عشوائية ستزيد من تدهور المنظومة التعليمية وان الوزارة رضخت لاصحاب الشواهد العليا على حساب التلميذ وعلى حساب المنظومة التعليمية وارضاء هؤلاء على حساب التعليم الابتدائي الذي لا زال ينظر اليه نظرة دونية » سلك بالي كاين » » او معليش هذا غي التعليم الابتدائي » . فلماذا يحرم هؤلاء الاطفال الصغار الابرياء من حقوقهم في تعليم جيد ؟؟؟؟؟
أقدر للأخ صاحب المقال غيرته عن التعليم الابتدائي، و لن أناقش انعكاس الدراسة على التلاميذ الذين يتزامنون مع سنتي دبلوم الدراسات العليا المعمقة و ما تتطلبه هاتين السنتين من جهد فكري و جسدي و حضور الى الجامعة، لأن الأمور نسبية و تختلف من معلم الى آخر حسب الضمير المهني. و قد ركز صاحب المقال على جوانب سلبية و هي نفس الأفكار التي كانت تروج كأسباب لاغلاق الآفاق أمام المعلمين في عقد التسعينيات.
أخي الكريم قد أتفق معك، فدراسة و تكوين المعلمين الذين آثروا التعب على الراحة، ليست من الضرورة سببا كافيا لاخلاء التعليم الابتدائي من هذه الكفاءات، ولكن من جهة اخرى ما العمل مع ادارة تثقل كاهل المعلم فهو المدرس داخل القسم، و هو الحارس في الساحة، و هو المدرب في الملعب، و هو المنشط في التظاهرات، و هو المشرف على المطعم، وهو الذي يشتغل 30ساعة…
يجب انصاف المدرسة الابتدائية و المعلم، و جعل المدرسة قطبا جذابا للكفاءات، لا مكان متاعب، ثم أليس من حق المعلم تغيير الاطار، أم أن الأمر هو بدأت معلما فلتكمل معلما، بغض النظر عن ظروف المهنة.
أتفق مع الاخ »ب.حسن » في توصيفه المركز لأحوال العمل في المدرسة الإبتدائية التي لاتبعث على الإرتياح . وفي هذا الباب يجدر بالإدارة تحمل مسؤولية ضياع جهد المعلم وتشتته بين مهام التدريس
والحراسة والإشراف على المطعم و.و….ولكن ألا ترى معي أخي اننا إذ عانقنا هذه المهنة حبا وطواعية، أفلا نملك نصيبا من التضحية والرغبة في التغيير الذي لن يكتب له النجاح بدوننا ، عوض ان ننتظر ريثما تجود الوزارة بوزير مصلح.
رفقا بحالك سيدي المحترم فلقد صرت وزاريا أكثر من الوزارة نفسها.ألسنا نحن _نساء ورجال التعليم _من كان يطالب الوزارة سابقا بفسح المجال أمام المدرسين للدراسة؟ ألسنا نحن من كان يطالب بإلغاء رخصة طلب الدراسة؟ ثم هل تظن أن الوزارة قدمت ما قدمت لحاملي الشواهد على طبق من ذهب؟ ثم أذكر لي إن كنت ممن يتبعون النهج العلمي عددهم في التعليم بأسلاكه جميعها؟ إذ ذاك فقط إجعلهم سسبب التدني.ثم كم عدد الأساتذة الذين لم يحصلوا إلا على الباكلوريا أو أقل ا؟؟؟ فهل هؤلاء هم سبب التدهور والتدني.أنظر إلى المسألة بعمق أرجوك.فالتدني لم يكن الأستاذ يوما سببه بل السياسات التعليمية المتعاقبة التي لم توفر الجو الملائم للجميع ففضل البعض، وهم قلة، ركوب الصعب للنجاة من ظروف أقل ما يقال عنها أنها سيئة. وتحدثني عن فرنسا.يا سلام ما وجه المقرنة بينهما إلا كوجه المقارنة بين الفأر والفيل.دعنا ،يرحمكم الله،من هذه المقارنات التي لاتتوفر فيها أبسط الشروط.وإن شئت أن تقارن فقارن بين الدول المتخلفة وحدها حتى تكون موضوعيا (اقرأ بتدبر ما ورد في التعليق رقم:2. ) فلو وجد في نظري حاملو الشواهد الظروف المواتية في مقرات عملهم الأصلية لما فكروا في الهجرة.وأنت نفسك لو كنت محلهم وجاءتك فرصة كهاته أكنت ممن سيظلون مكتوين بظروف الخريطة المدرسية وبالتدريس لتلاميذ نجحوا؟؟ بللا معدل؟؟؟كن موضوعيا يا أخي كن موضوعيا.
ان تردي التعليم بكل اسلاكه يا اخي ليس بيد المعلم وكلنا نعرف هدا فلمادا تعلمتم سياسة القاء اللوم على الغير بدل التفكير في ايجاد الحلول لهدا الموظف المسكين الدي اصبح في نطر الكل هو المسؤول عن كل ما يصيب التعليم… لم تكن الشهادات يوما معرقلة للتقدم ولم يكن الترقي هدف رجل التعليم ..اللهم ما جد في الميدان من تقسيم لهده التركة حسب الاهواء والمحسوبية جعلت من لديه القدرة على بدل الجهد يسعى الى تحسين طروفه بطرق شرعية بدل اللجوء الى طرق ملتوية …وهدا ليس عيبا وليس كل واحد يستطيع الحصول على الدكتوراه او ادنى شهادة جامعية…
اسمحي اخي الكريم ان اقول لك بكل صدق ان نظرتك التقيمية لما آلت غليه اوضاع السلك الابتدائي شبيهة إلى حد ما بالمثل المحفوظ » طاحت الصمعة علقو الحجام » ، فحق هذه الفئة في تحسين اوضاعها حق مشروع ومصون بموجب ما بذله هؤلاء في درب البحث و المعرفة فتجشموا عناء التنقل و التوفيق بين العمل و لدراسة ، وكون البعض يحقق اهدافه على حساب الواجب المهني ليس بالأمر الصحيح دائما لأن من تشبع بروح العلم و البحث و المعرفة فلن نستبعد ان يبلغ قتار علمه هذه الفئة من المتعلمين ليغرفوا منه ماشاء الله ان يغرفوا ، و توخيا للموضوعية و حتى لا ندر الرماد في العيون فالجناة الحقيقيون هم من يتخلفون عن المواعيد الدراسية و لايخلصون النية لله في عملهم و الأدهى و الامر من هذا و ذاك من يربض في ركن ركين لا يجدد مداركه بل يكتفي فقط بشتم الظلام و تعميم الكلام والأحكام.
عندما يتعذر على الذئب الوصول الى العنب يقول أنه حامض
لو كنت تحمل شهادة عليا هل كنت ستقبل قدم الترقي بها او الترقي بها في نفس الاطار؟ الجواب طبعا لا و اتحداك ان تقول العكس تتحدث عن الدكتوراه و انت لا تعرف فيها الا الاسم و انا اجزم بذلك
و اخيرا اقول لك البركة فيك لكي لا يحرم هؤلاء الاطفال الصغار الابرياء من حقوقهم في تعليم جيد
ملاحظة تبين انك تجهل الكثير فيما يخص سلك الدكتوراه :
دبلوم الدراسات العليا الذي تتحدث عنه انتهى العمل به قبل اكثر من خمس سنوات