غياب مؤازرة المواطنين للطاقم الطبي بمستشفى الفارابي بوجدة في احتجاجه على الأوضاع المزرية به
غياب مؤازرة المواطنين للطاقم الطبي بمستشفى الفارابي بوجدة في احتجاجه على الأوضاع المزرية به
محمد شركي
تجمع ساكنة مدينة وجدة على أن أوضاع مستشفى الفارابي قد ساءت كثيرا حتى صارت مزرية . وكل من اضطر للجوء إلى هذا المستشفى يصدم بواقعه المؤسف، فلا تجهيزات ، ولا أدوية ، ولا نظافة ، مع قلة الموارد البشرية … ومن تدني وعي بعض الذين يرتادون هذا المستشفى صب جام غضبهم على الطاقم الطبي الذي يعاني من ظروف عمل سيئة للغاية، وكـأن هذا الطاقم هو المسؤول عما آل إليه حال المستشفى . ويتعرض الأطباء خصوصا في قسم المستعجلات للنقد العنيف بل للتهديد والسب والشتم أحيانا من طرف بعض مرافقي المرضى أو الجرحى والمعطوبين، الشيء الذي يؤثر على أدائهم الطبي إذ كيف يمكنهم العمل وهم يتعرضون للإهانة بسبب مشاكل تتحمل مسؤوليتها الوزارة الوصية على القطاع الصحي ؟ وكيف يمكن لأطباء هذا المستشفى القيام بواجبهم في ظروف قلة طاقم التمريض ، و غياب التجهيزات اللازمة والضرورية أو عطلها ،بل غياب أبسط المستلزمات التي يضطر المواطن لاقتنائها من أجل العلاج وإلا كان عرضة للهلاك . ولقد عكس البيان الصادر عن الأطباء العاملين بهذا المستشفى عن تذمرهم الشديد من ظروف العمل السيئة للغاية التي يعانون منها . ومن العار أن يطالب الأطباء في هذا المستشفى الوزارة الوصية بمستحقاتهم المتأخرة والهزيلة لسنوات مقابل الحراسة الإلزامية، وبالمعدات الضرورية ، وبالعدد الكافي من الأطباء والممرضين وتقنيي التخدير. ونظرا لهذه الظروف المزرية يهدد هؤلاء الأطباء بإيقاف العمل بمركز التشخيص بالنسبة لكل التخصصات ، وبرفض استقبال الحالات المرضية العادية ، وبرفض ضرب مواعيد مع المرضى مع الاقتصار على استقبال الحالات المستعجلة .
ومن المؤسف أن يتظاهر المواطنون في عدة مناسبات لأسباب عدة قد لا تكون في مستوى أهمية وخطورة الصحة العمومية التي هي حق للمواطنين واجب على الدولة . والمفروض أن يمارس المواطنون حقهم في التظاهر من أجل الضغط على وزارة الصحة لمراجعة أسلوبها في تدبير شأن الصحة العمومية في البلاد . ومن العار أن يحرص المسؤولون عن هذا القطاع على إعداد مستشفى الفارابي قبيل كل زيارة ملكية ثم يعود إليه الإهمال من جديد بعد ذلك، وفي ذلك مخادعة لجلالة الملك وخيانة له وللمواطنين . وما دام الوضع على هذه الحال فلا بد من جهاز مراقبة عتيد يسهر على تتبع أوضاع هذا المستشفى باستمرار ومحاسبة المسؤولين عن كل خلل يلحق بمرافقه . وإذا كانت الدولة تراقب المواطنين ، وتطبق عليهم الإجراءات القانونية في حال المخالفات،
فمن الواجب عليها أن تنهج نفس النهج في مراقبة ومحاسبة المسؤولين عن المرافق العمومية . ويميل الرأي العام الوطني إلى أن الدولة تسير في اتجاه التخلص من المستشفيات العمومية وهو ما يبرر إهمالها ليضطر المواطنون للجوء إلى المصحات الخصوصية التي أصبحت تنتشر باطراد والتي لا يطيق سواد الشعب اللجوء إليها نظرا لارتفاع كلفة العلاج فيها. ومن المعلوم أن بعض الأطر الطبية أطباء وممرضون بالمستشفيات العمومية يعملون أيضا بالمصحات الخصوصية نظرا لتقصير الوزارة في تحسين ظروف عملهم بما في ذلك الرفع من رواتبهم ومن مستحقاتهم على ما تلزمهم به من حراسة . وإذا كانت وزارة التربية الوطنية قد اتخذت إجراءات زجرية في حق المدرسين العاملين بالتعليم العمومي والذين يقدمون دروسا مؤدى عنها في التعليم الخصوصي ، فإن وزارة الصحة لم تلجأ إلى هذه الإجراءات لأنها على وعي بتفريطها في حق الأطباء والممرضين لهذا تغض الطرف عنهم. وقد يقصد بعض المرضى الأطباء العاملين بالقطاع العمومي ، فيقترحون عليهم معالجتهم في المصحات الخصوصية بسبب انعدام ظروف العلاج بالمستشفيات العمومية . ويعاني المرضى المعوزون الأمرين لجمع المبالغ المالية الباهظة التي يقتضيها العلاج بالمصحات الخصوصية ، وغالبيتهم يجدون أنفسهم بين سندان المستشفيات العمومية ، ومطرقة المصحات الخصوصية، ويستسلمون للهلاك حيث صارت المقابر تستقبل يوميا عشرات الهالكين ومعظمهم مرضى حرموا من ظروف العلاج المناسبة بسبب تراخي الوزارة الوصية على القطاع الصحي في أداء واجبها تجاه المستشفيات والموارد البشرية العاملة بها . فهل سيتحرك المواطنون لمؤازرة الأطباء أم أنهم سيجعلونهم هدفا للنقد غير المسؤول ،و يسكتون عن تقصير وزارة الصحة في واجبها ؟ ونأمل أن نرى وعي المواطنين قريبا بمعضلة مستشفى الفارابي وبمعاناة الأطر الطبية العاملة به .
Aucun commentaire