سلام عليك يا تويسيت 2
كان الفصل ربيعا,وبدء الدفء يخيم على قرية تويسيت,بعدما عانى سكانها من قساوة الجو والقر القارس,ولم نعد نرى ذاك الجليد الذي يصبح كالزجاج على سطح الارض.
انطلقنا نحو مدرستنا في جماعات كما جرت العادة,وبعد انقضاء الحصة الصباحية,ذهبنا كعادتنا لنظل جيئة وذهابا بين الحوانيت,ونحن ننتظر موعد الغذاء,لنصعد الى جبل النفايات المعدنية,لنتناولها,كان اخي الصغير يدرس انذاك في المستوى الثاني,بينما كنت في المستوى الخامس,وبينما هو يتجول بقربنا بين الحوانيت,لقي بعض الاوراق النقدية,لا اذكر ما قيمتها انذاك,لكن مجموعها الاجمالي يساوي 500 درهم,فركض باتجاهي ليطلعني على ما وجد,وكان يظن انها صور لملك البلاد,ولم يكن يعلم انها مبالغ مالية مهمة,فاخذتها منه,وتوجهت بمعيته نحو احد الحوانيت,فابتعت خبزتين ,وعلبتين من سمك التون,وصعدت برفقة اخي الى جبل النفايات المعدنية,لنتناول وجبة الغذاء التي تغيرت بقدرة قادر من رغيف الخبز اليابس,والشاي البارد,الى خبز طري وسمك لذيذ.
بعد تناول الغذاء,نزلنا من اعلى الجبل باتجاه الحوانيت,لاعانق اسود نقطة في حياتي,في غياب المراقبة الاسرية,فاشتريت علبة صغيرة من السجائر,كانت تسمى في ذلك الوقت,كازا الصغيرة,وصرت اقلد الكبار,تقليدا تمنيت انه لم يكن,وهكذا دواليك,العلبة تلو العلبة الى ان اصبحت من المدخنين.
انتهى المبلغ,وانتهى معه الخبز الطري وعلب السمك,وانتهت علب كازا,فعدت بمعية اخي الى ارغفة الخبز اليابس ,وقنينات الشاي البارد,واصبحت ابحث عن بقايا السجائر,او اقوم بتلفيف سيجارة من نبتة فلييو.
وعلى الرغم من تلك النقط السوداء في الحياة,كنا نعيش في طمانينة تامة في دوارنا الهادئ,نلتقي مع الاقران من ابناء العمومة والقرابة,لنلعب العابنا في حبور دافق,فكانت لعبتي المفضلة خلال النهار هي لعبة الخيالة,حيث نبحث على عيدان من القصب او نبتة الكلخ,ونربط احد طرفيها بحبل كانه اللجام,اما البنادق ما هي الا علب حليب نيدو الحديدية,نملؤها بالتراب,وبعد جري ما يقارب المائة متر,وعيدان القصب او الكلخ بين ارجلنا وكاننا نمتطي صهوة الجواد,نفرغ علب الحليب من التراب المتواجد فيها,وكانه البارود الذي يخرج من مكاحل الفرسان.
لم نكن نعلم انها لعبة صحية يتمناها الكثيرون,خاصة واننا كنا نظل طوال النهار بلا كلل ولا تعب ولا ملل,.
وحين يجن الليل,ويرخي سدوله الحالكة على الدوار,نلتقي من جديد لنلعب اللعبة الشيقة الرائعة,والتي لا توجد في قاموس الالعاب في وقتنا الحاضر,انها لعبة //سريلو ما بان//
لم تمر الا ايام معدودات على هذا الجو الاخوي,فقد حان الفراق,بعد اجتيازي الامتحان الاشهادي لنيل الشهادة الابتدائية,ونجاحي باستحقاق,حان الفراق لانني ساتوجه مرغما نحو مدينة وجدة لمتابعة الدراسة الاعدادية,واترك الصحاب يزاولون لعبة الخيالة وسريلو,بينما قدري الزمني بمعرفة اصدقاء جدد,في جو ملئ بالضجيج والحركة واللجب,فكانت محطتي الاولى بحي المقسم,اما الاعدادية التي احتضنتني,هي اعدادية الجاحظ,وحينما اذكر هذه الاعدادية,اذكر هرما من اهرام اللغة العربية,حبب الينا اللغة,وعلمنا اياها حتى صرنا اليوم والحمد لله نتقنها قدر المستطاع,انه المرحوم الذي ادعو له بالرحمة والمغفرة:الاستاذ تزغين.
ما اروعها من ذكريات خالدة,اندثرت بتغير التاريخ والعقليات,وما اروع الجو الاخوي الذي نفتقده الان,وكان القلوب اليوم تحجرت الا من رحم ربك.
6 Comments
رغم عدم معرفتي الشخصية بك إلا أنني أشكرك جزيل الشكر على هذا السرد الجميل من مخزون ذاكرتك عن قرية أو مدينة تويسيت وخصوصا (المدرسة التطبيقية للمعادن ) التي كان لي بها أصدقاء خلال حقبة السبعينيات من القرن الماضي عشت وإياهم أجمل فترات حياتي ، نسأل الله لهم دوام الصحة والعافية … أما عن السي محمد تزاغين رحمه الله فقد كان هرما في اللغة العربية – كما ذكرتَ – وهرما في الأخلاق الرفيعة كذلك لأنه كان جارا لنا بمدينة وجدة ونِعْمَ الجـــار هو
قصص وروايات ممتعة تشبه الى حد بعيد رواية الكاتب الهرم محمد شكري = الخبز الحافي = ليت تستمر في اتحافنا بمغامرات طفولية اخري من التاريخ المشرق لتويسيت لانها مفيدة وممتعة جدا اننا في انتظار مغامرات اخرى من ارشيف تويسيت وطفولة علي حيمري
لقد ذكرتني بسنوات خلت وعدت بي إلى ماضي الطفولة وأيام الصبا في قريتنا الحبيبة التي كانت تستثمر بها الشركة الملكية أستريان البلجيكية.وأشكرك على ذكر أستاذنا الكبير محمد تزغين الذي عمنا فضله في مادة اللغة العربية، لأنه هو الذي حسن مستوانا في هذه المادة، والفضل يرجع له في إتمام دراستنا. لقد كنت دائما أذكر هذا الرجل بالخير وأترحم علية كلما تذكرت فضله علي وما اكتسبته منه من معرفة وعلم. وكم تمنيت لو قمت بإيصال ترحمانتي عليه للأحد أبنائه وبالفعل تمكنت من ذلك حيث كان أحد حفدته نلميذا في المؤسسة وعن طريقة اتصلت بإبن أستاذنا المسمى امحمد تزغين وعبرت له عن امتناني لأبيه واعترافا بفضله. أذكركمن الممكن أن أكون قد درسنا سويا لأنني حصلت على الشهادة الإبتدائية سنة 1972 بمركز الإمتحان بسيدي بوبكر ومن ذكريات الإمتحا كنا نقضي منتصف النهار بعد اجتياز مواد الفترة الصباحية تحت شجر الصنوبر نتناول الغذاء المكون من خبز وعلبة سردين ومشروب غازي من نوع مونادا لاسيكون ـ الحرشة ـ
السلام وشكرا على تدكيرنا بقرينا وسلام للاخ جبار جمال صديق القسم
شكرا جزيلا على كتاباتك عن توسيست وسلامي الى جمال جبار صديق القسم واتمنى المزيد عن قريتي
قرأت ما كتبت وضننت أنني أنا الذي أحكيه… لأنني ولدت ودرست الإبتداءي بهذه القرية وأكلت التوت في ديور النصاري ووجدت الدراهم أنا وصديقي عبدالعالي قرب ملعب كرة القدم واشترينا الخبز والطون وأكلناه فوق لاديك كذالك وذهبت فوق الحمار لأطحن القمح في سيدي بوبكر مارا بسيدي اعمر وواد ستوف. ماأجمل ذكريات تويسيت ومسطلحاتها (الكرطي. الويلام . الخوانة. اديار النصارى. السي عبد السلام. الشيخ عبد العزيز. كار الكوري. الفلاج البالي. الفلاج الجديد. و و و).
ذكريات دامعة و لاسيما من بعيد عن تويسيت 2500 كلم