عدم التوافق الدراسي: السمات والعوامل والعلاج
عدم التوافق الدراسي : السمات والعوامل والعلاج
إعداد: نهاري امبارك، مفتش في التوجيه التربوي، مكناس
مقدمة
إن عدم التوافق الدراسي مشكلة تربوية ونفسية واجتماعية واقتصادية، تتجلى في عدم انسجام بعض التلاميذ داخل المؤسسة التعليمية وعدم تكيفهم مع العملية التربوية بشكل عام. وقد لفتت هذه الظاهرة أنظار المربيين وعلماء النفس والإدارة المدرسية، فدرسوا أبعادها وأسبابها وطرق علاجها، ويستطيع كل من مارس التعليم أن يقرر وجود هذه المشكلة في كل فصل تقريبا ، حيث يوجد مجموعة من التلاميذ يعجزون عن مسايرة بقية زملائهم في تحصيل واستيعاب المنهج المقرر، وفي بعض الأحيان تتحول هذه المجموعة إلى مصدر إزعاج وقلق للأسرة والمدرسة معاً، مما قد ينجم عنه اضطراب في العملية التعليمية وذلك لما يعانيه بعض التلاميذ من مشاعر النقص وعدم الكفاية والإحساس بالعجز عن مسايرة الزملاء فيحاولون جاهدين التعبير عن هذه المشاعر السلبية بالسلوك العدواني والانطواء أو الهروب من المدرسة أو إزعاج المعلمين، وبهذه الوسائل ، فهم يحققون من خلالها حاجاتهم التي عجزوا عن تحقيقها في مجال المدرسة مثل الحاجة إلى تأكيد الذات والتقدير وغيرها.
وخطط علاج غير المتوافقين دراسيا تهدف إلى استثمار وتنمية طاقات الفرد قدر المستطاع في حالة ضعفه وإحداث تغييرات بيئية مناسبة، وتطوير أسلوب التعليم بما يتناسب مع ظروف وطاقات التلاميذ وأساليب الخدمات العلاجية لغير المتوافقين دراسيا منهم.
ولذا تحتل مسألة عدم التوافق الدراسي مكانا بارزا في تفكير المشتغلين بالتربية والتعليم وعلماء النفس، وتحرص كل الدول أن تتم الاستفادة إلى أقصى حد ممكن من جميع إمكانياتها البشرية والمادية.
I.
عرض نتائج دراسة ميدانية:
وللوقوف واقعيا على هذه الظاهرة المتعددة السمات والعوامل والتي تتطلب علاجا متعدد السبل، قمنا، لاعتقادنا الراسخ بعدم التوافق الدراسي لأغلب تلاميذ الفصل أو المؤسسة التعليمية، (قمنا) بدراسة ميدانية تناولت جميع نتائج التلاميذ المحصل عليها في الأسدس الأول، وذلك في كل مادة وتوصلنا إلى النتائج التالية:
أ) المعدلات الملاحظة
تتوزع المعدلات الملاحظة للتلاميذ المدروسة نتائجهم في المواد المقررة كما يلي:
– أعلى معدل ملاحظ تم تسجيله 12.42 وكان في مادة التربية الإسلامية؛
– أدنى معدل ملاحظ تم تسجيله 5.72 ، وكان في مادة الرياضيات ؛
ب) نسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر
تتوزع النسب المئوية للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر في المواد المقررة كما يلي:
– أعلى نسبة مئوية تم تسجيلها 75% وكانت في مادة التربية الإسلامية ؛
– أدنى نسبة مئوية تم تسجيله 10 % وكانت في مادة علوم الحياة والأرض ؛
ج) ملاحظات وتساؤلات
· سجل التلاميذ، في النتيجة الدورية العامة، حسب المواد، نتائج جد متباينة، تختلف من مادة إلى أخرى؛ حيث إن أعلى معدل ملاحظ (12.42) تم تسجيله بمادة التربية الإسلامية، وأدنى معدل (5.72) وسجل بمادة الرياضيات، وأغلب المعدلات الملاحظة تقل عن المعدل المثالي 10 من 20. كما أن أعلى نسبة للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر75% وسجلت بمادة التربية الإسلامية، وأدنى نسبة للتلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر%10 وسجلت بمادة الرياضيات، وأغلب نسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر تقل عن %50 ؛
· توجد فوارق شاسعة بين نتائج التلاميذ في المواد المقررة، سواء تعلق الأمر بالمعدلات الملاحظة أو بنسب التلاميذ الحاصلين على معدل 10 فأكثر؛
· تمكننا هذه الملاحظات من التساؤل حول أسباب تباين وتدني نتائج التلاميذ في أغلب المواد المقررة. ألا تعود لعد التوافق الدراسي بشكل عام؟
2.
علاقة النتائج المدرسية بالخصوصيات الشخصية والمدرسية للتلاميذ
يتم الاعتماد في هذه الفقرة على النتائج الدورية في المواد الأدبية والعلمية والنتيجة العامة من أجل دراسة علاقتها بالجنس والسن والتمدرس والتكرار.
o علاقة النتائج بالجنس
– حصل % 24 من الإناث على معدل 10 فأكثر؛
– حصل % 11.45 من الذكور على معدل 10 فأكثر؛
يتبين من خلال النتائج المقدمة أعلاه، أن التلميذات حصلن على نتائج مدرسية أفضل من تلك التي سجلها التلاميذ الذكور، الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل التالي:
ما هي العوامل والأسباب التي تساعد التلميذات، بصفة عامة، على تحقيق هذا الإنجاز؟
v علاقة النتائج بالتكرار
– حصل % 22 من التلاميذ الجدد على معدل 10 فأكثر؛
– حصل % 14 من التلاميذ المكررين على معدل 10 فأكثر؛
يتبين من خلال النتائج المقدمة أعلاه:
o
أن التلاميذ الجدد حققوا نتائج مدرسية أفضل من تلك التي حصل عليها التلاميذ المكررون وذلك في المواد الأدبية والمواد العلمية؛
o
أما التلاميذ فقد سجلوا نتائج أفضل من تلك التي حصل عليها التلاميذ الجدد وذلك في النتيجة الدورية العامة.
فما هي، بشكل عام، السمات والخصائص التي يتصف بها التلميذ غير المتوافق دراسيا؟
وما هي ، بشكل عام، الأسباب والعوامل التي يتصف بها التلميذ غير المتوافق دراسيا؟
وما هي، بشكل خاص، الأسباب التي تحول دون تحقيق التلاميذ المكررين، نتائج أفضل من النتائج التي يحصل عليها التلاميذ الجدد؟
II. السمات والخصائص التي يتصف بها التلميذ غير المتوافق دراسيا:
يتصف التلميذ غير المتوافق دراسياً ببعض الخصائص والسمات مجتمعة أو منفردة والتي أوضحتها بعض الدراسات والبحوث النفسية من أهمها ما يلي :
1
– السمات والخصائص العقلية:
§ مستوى إدراكه العقلي دون المعدل.
§ ضعف الذاكرة وصعوبة تذكره للأشياء.
§ عدم قدرته على التفكير المجرد واستخدامه الرموز.
§ قلة حصيلته اللغوية.
§ ضعف إدراكه للعلاقات بين الأشياء.
2
ـ السمات والخصائص الجسمية:
· صحته الجسمية غير كاملة وقد يكون مريضا نتيجة سوء التغذية؛
· لديه مشكلات سمعية وبصرية أو عيوب أو عاهات أو تشوهات أو …..
3
– السمات والخصائص الانفعالية:
§ فقدان أو ضعف ثقته بنفسه؛
§ شرود الذهن أثناء الدرس؛
§ عدم قابليته للاستقرار وعدم قدرته على التحمل؛
§ شعوره بالدونية أو شعوره بالعداء؛
§ نزوعه للكسل والتهاون.
4
– السمات والخصائص الشخصية والاجتماعية :
§ قدرته المحدودة في توجيه الذات أو التكيف مع المواقف الجديدة؛
§ انسحابه من المواقف الاجتماعية والانطواء.
5
– العادات والاتجاهات الدراسية:
· التأجيل أو الإهمال في إنجاز أعماله أو واجباته؛
· ضعف تقبله وتكيفه للمواقف التربوية والعمل المدرسي؛
· غير متعود على عادات دراسية جيدة؛
· لا يستحسن المدرسة كثيرا أو يكره الذهاب إلى المدرسة.
III. أساليب تشخيص عدم التوافق الدراسي:
من الضروري الاهتمام بدراسة أسباب عدم التوافق الدراسي التي ترجع إلى أسباب قوية فعالة تعوق نجاح التلميذ قسرا أو اختياريا ويمكن تقسيم الأسباب إلى ثلاثة عوامل :
*
عوامل بيئية وعوامل شخصية وعوامل صحية جسمية؛ نعرض لها كما يلي:
1. العوامل البيئية:
ü
عوامل منزلية :على مستوى الأسرة الاقتصادي وذلك من ناحية:
§ التغذية اليومية من حيث النوع والكم؛
§ الأمراض العابرة أو المزمنة وعدم القدرة على العلاج الطبي؛
§ قيام التلميذ القيام ببعض الأعمال المنزلية لمساعدة أولياء أمره؛
§ القيام بأعمال مقابل أجرة لدى أشخاص آخرين لمساعدة الأسرة ماديا؛
ü عوامل منزلية: على المستوى الثقافي للأسرة:
§ كيفية متابعة التلميذ ومراقبته داخل المدرسة وفي البيت ومع رفاقه؛
§ إيلاء عناية تامة بأدائه وواجباته المنزلية بعد أخذه قسطا من الراحة؛
§ تعاون الأسرة مع المدرسة وإقامة جسر مستمر للتواصل وتبادل المعلومات.
ü الجو المنزلي:
– علاقات الأبوين مع بعضهما، بحيث لا يتمكن الأطفال من ملامسة أي نزاع بين والديهما؛
– علاقات الأبناء مع بعضهم، بحيث يسهر الوالدان على تنقية الأجواء بين الأطفال وتربيتهم على المحبة والحنان والتآخي والتعاون … ؛
ü عوامل مدرسية:
§ سوء توزيع التلاميذ على الفصول، بحيث يجب أن يكون هذا التوزيع عادلا من حيث العدد الجنس والسن والتكرار ومستوى التحصيل والانتماء الاجتماعي؛
§ عدم الانتظام في الدراسة وعدم الاستمرارية بوتيرة عادية، حيث يتخلل السنة الدراسية عدة توقفات تِِؤثر سلبا على الاستيعاب والمردودية المدرسية؛
§ تغيير المدرسين وعدم استقرارهم بالفصول المسندة إليهم؛
§ تغيبات المدرسين وعدم تعويضهم يخل بسير الدروس؛
§ نقص كفاءة بعض المدرسين، الناتج عن عدم تحيين معلوماتهم، أو عن عدم استفادتهم من دورات تكوينية؛
§ ضعف الإدارة المدرسية وعدم مراعاتها إشباع ميول التلاميذ؛
§ كثرة المواد وكثرة الحفظ والأعمال المنزلية؛
§ بعد المدرسة وقطع التلاميذ مسافات طويلة؛
§ عدم فهم واستيعاب الدروس؛
§ غياب الأنشطة الموازية والتظاهرات الرياضية والثقافية؛
§ عدم القيام بأنشطة التثبيت والأشغال التطبيقية الميدانية لدعم الدروس النظرية؛
§ بعد البرامج والمقررات عن الواقع المعيش للتلاميذ من حيث الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية….؛
2
. العوامل الشخصية أو الذاتية:
§ عدم قدرة التلميذ على الفهم أو ضعف قدراته واستعداداته نتيجة قلة التمرن والعمل الدؤوب؛
§ نفور التلميذ من مادة دراسية أو أكثر نتيجة تصرفات المدرسين المكلفين بتدريس هذه المواد؛
§ نفور التلميذ من مدرس أو أكثر نتيجة تصرفاتهم وعدم تمكنهم من آليات وضوابط التربية السليمة؛
3
. العوامل الجسمية أو الصحية:
§ اضطراب النمو الجسمي نتيجة تغذية غير متوازنة؛
§ ضعف الصحة العامة لعدة أسباب؛
§ الأمراض العابرة أو المزمنة؛
§ إعاقة جسمية مثل حالات اضطراب تصيب أجهزة الكلام.
§ عوامل انفعالية مثل الخجل والانطواء والقلق.
v بعض العوامل الأكثر انتشارا المسببة لعدم التوافق الدراسي انطلاقا من معاشرتنا التلاميذ ، وهي:
§ الضعف في الصحة العامة وهو أكثر العوامل انتشارا؛
§ ضعف البصر والنطق والسمع؛
◄ ◄كل هذه العوامل، منفردة أو مجتمعة، تعيق التلميذ عن التحصيل الدراسي.
IV. الطرق العلاجية:
يختلف علاج عدم التوافق الدراسي باختلاف الأسباب:
§ فإذا كان السبب ضعف حيوية التلميذ وجب عرضه على الأطباء؛
§ وكذلك الحال بالنسبة لضعاف البصر، فيكون العلاج الجلوس في الفصل في أماكن مناسبة مع التأكد من أن الضوء كاف ويمكنهم من رؤية السبورة؛
§ وقد يكون عدم التوافق الدراسي نتيجة عوامل نفسية معقدة:
– ناتجة عن فقدان أحد الأبوين أو هما معا؛
– ناتجة عن انفصال الأبوين؛
– ناتجة عن عوامل أخرى استطاع المدرسون أو الإداريون اكتشافها؛
◄ فيجب اللجوء إلى العيادة النفسية وبخاصة أمراض الكلام ومشكلات السلوك؛
· حالات يقع على المدرسة والمدرس عبء العلاج:
– قد تكون طريقة التدريس؛
– قسوة المدرس خاصة في الأقسام الأولى في المرحلة الابتدائية؛
◄ ولذا فإن على المدرس أن يعاملهم معاملة تساعدهم على تفهم مشكلاتهم ونفسيتهم.
▲علاج عدم التوافق الدراسي:
· اهتمام المدرس بمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ من حيث العمر – الذكاء- القدرة التحصيلية؛
· ألا يكون عدد التلاميذ مرتفعا في الفصول الضعيفة نظرا لحاجة هؤلاء التلاميذ إلى رعاية خاصة كما يجب اختيار أفضل المعلمين؛
· الاهتمام بالتوجيه التربوي أي مساعدة التلميذ لكي يصل إلى أقصى نمو له في مجال الدراسة؛
· الاهتمام بالنواحي الصحية وفحص التلميذ فحصا شاملا بشكل مستمر؛
· الاهتمام بالنواحي الاجتماعية وذلك بتعاون البيت مع المدرسة والتأكد من خلو حياته الأسرية من أي متاعب أو مؤثرات؛
· تعمل المدرسة من جانبها على تهيئة الجو المدرسي الذي يشجع رغباته وميوله ويحبب إليه المدرسة؛
· الاهتمام بإعادة النظر دوريا في المناهج وطرق التدريس وإعداد المعلمين؛
· تنفيذ بعض البرامج الخاصة مثل مجموعات التقوية، دروس صباحية أو مسائية مجانية لهذه النوعية أو تنفيذ بعض البرامج الخاصة؛
· قيام المستشار في التوجيه التربوي بدور ايجابي، بمساعدة الإدارة التربوية وجمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، في رعاية هذه الفئة رعاية خاصة وفق خطة علمية مدروسة ومستمرة، بتنسيق مع أولياء أمر هؤلاء التلاميذ والأخصائيين النفسانيين والاجتماعيية وهيئات المجتمع المدني؛
· كما ينبغي التأكيد على المدرس بمراعاة ما يلي عند التعامل مع التلاميذ:
– عدم إجهاد التلميذ بالأعمال المدرسية؛
– عدم إثارة المنافسة غير الشريفة أوالمقارنة بين التلاميذ بشكل مستفز؛
– عدم توجيه اللوم بشكل مستمر عندما يفشل التلميذ في تحقيق أمر ما؛
◄◄خاتمة:
إن مراقبة التلاميذ والاعتناء بأحوالهم النفسية والصحية، من أوجب واجبات جميع الفرقاء التربويين: آباء وأولياء التلاميذ والأطر الإدارية والتربوية وكل من له صلة بالتلميذ في المجال التربوي والتكويني.
ويلاحظ أن عوامل اللاتوافق الدراسي تؤدي بالتلاميذ بشكل مباشر إلى الرسوب والفشل وربما الانقطاع عن الدراسة ومغادرة الأسلاك الدراسية ليتضخم الهدر المدرسي وتهدر جميع الطاقات البشرية والمادية.
وقبل الختم سنتناول، في مواضيع لاحقة، مختلف العوامل والسمات المقدمة أعلاه بالدرس والتحليل مع التطرق لآثارها السلبية على التلاميذ وكيفية إقامة تعاون فاعل من حيث الجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية والطبية بين جميع الفرقاء التربويين لتجنيب التلاميذ ظاهرة الهدر المدرسي التي أصبحت تطال كل سنة عددا لا يستهان به.
4 Comments
لقد أخطأ الاخ امبارك نهاري مرة أخرى في مقاربته للموضوع وفي واضحة النهار. ولن ابارك له هذا التحليل. لقد انطلق الاخ نهاري وكأن منظومتنا التربوية تخضع لمنطق البحث التربوي المتعارف عليه دوليا و لو بحثنا بواسطة « الحاج كوكل » GOOGLe لوجدنا ان الصورة النمطية التي توصل اليها « البحث » المشار اليه في المقال هي من باب الخيال. واطرح على السيد مبارك بارك الله فيه ان يتمعن في المعطيات التالية:
1-هل تعلم ان بعض التلاميذ يفرض عليهم و بنسب تكاد لا تصدق الانتقال من مستوى إلى آخر دون الحد الادنى من الكفايات المطلوبة؟
2-عدد الحاصلين على الشواهد الاشهادية بدون معدل يفوق الحاصلين عليها بالمعدل « مع التحفظات التي يمكن تسحيلها هلى هذه المعدلات »
3-هل تعلم انه في بعض النيابات ينجح تلامسذ بمعدل 7/20 و يفصل آخرون ب9/20
4- هل يعلم سي مبارك ان التعامل بمنطق الاماكن الشاغرة و اعتبار التلاميذ مجرد ارقام لملء تلك الاماكن يزج بمجموعة من التلاميذ في النفق المسدود.
5- هل يعلم دا مبارك انه امام منطق الكوطا المعمول به في منظومتنا التربوية رغم أنف الميثاق ارسى لذا الاساتذة و رؤساء المؤسسات منطقا غريبا »كلما كانت النتائج كارثية كلما ارتاحوا »
6-……..7……..
فهل يحق لنا أن نتكلم على عدم التوافق الدراسي في ظل هذه الخصائص الواقيعة و الواضحة للعيان؟ فبناء على كل الملاحظات السالفة لا يمكن الا أن يكون عدم التوافق القاعدة و الاستثناء هو التوافق الدراسي. ولا داعي للخوض في تحليل نتائج المواد لأنها مبنية على نفس المنطق.
و اقترح على الاخ الكريم مبارك أن يفكر نهارا وليلا في فتح جبهة لإنقاد منظومتنا التربوية و يبدأ بطرح منظومتنا التقويمية للتشريح لأنها ستكون مفتاحا لإبراز الاختلالات و تصحيح المفاهبم لأن الارتكاز على معطيات من المؤكد انها غير صحيحة لا يمكن الا ان يصل الى استنتاجات غير مجدية.
و لسنا بحاجة الى دراسة لكي نستنتج ان جل التلاميذ يوضعون رغم انفهم في مواقف عدم التوافق الدراسي و يمكن ان نكتفي بإحصائهم للوقوف على حجم الكارثة. والمدخل للتقليل منهم يكون ببساطة ارجاع المصداقية للتقويم و تحميل المجالس مسؤوليتها التربوية.
فهل حاول الاخ مبارك أن يتعرف على ميكانيزمات التقويم بالإبتدائي؟ وهذا من مهامه على ما اعتقد. ولو تمعت في ذالك سيكون تحليلك بصيغة أخرى و للحديث بقية. الى اللقاء
اشكر الاخ كاتب المقال جزيل الشكر و اتفق معه فاسباب عدم التوافق الدراسي عديدة متعددة كما تفضل. جزاك الله عنا كل خير يا استاذ.
تبعا للموضوع المعروض أعلاه، وتوخيا للواقعية والموضوعية، أستسمح إثارة القضايا التالية:
1- بخصوص التعاليق:
إن اختلاف الآراء مسألة محمودة، إلا أنه تمت ملاحظة في أكثير من مناسبة أن الملاحظات التي يتفضل بها بعض القراء الكرام مشكورين تنأى عن الموضوعية والواقعية وبذلك لا تروم مناقشات جادة تمكن من السير قدما نحو تحسين نوعية البحوث والدراسات ومضامينها للتوصل إلى نتائج ملموسة وواقعية تسهم في تطويرها وتجاوز الصعوبات والعراقيل الموضوعية والذاتية التي تعترض سير العمليات التربوية والتعليمية اليومية للرفع من المردودية المدرسية لدى أطفالنا وضمان مسايرتهم الدراسة حتى لا يكونوا لقمة سائغة للضياع والهدر المدرسي الذي تذهب معه الطاقة البشرية والمادية سدى.
فالمرجو التفضل باقتراحات وملاحظات بناءة.
2- بخصوص منظومنتنا التربوية:
إن منظومتنا التربوية منظومة قائمة بذاتها وفق توجيهات الميثاق الوطني للتربية والتكوين ومختلف التشريعات، تتسم بما يمكن تحسينه وتطويره وبما يمكن تصحيحه وإصلاحه بإصلاح مختلف المكونات البشرية والمادية والمعنوية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إنكار بنية قائمة بذاتها كمكون سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي وحضاري كما هو قائم في العالم بأسره.
أما دراسة واقع منظومتنا التربوية والبحث في آليات إصلاح العملية التربوية من أجل تجاوز مختلف الإشكالات فلا يكتنفه أي عيب، فالعيب كل العيب هو الانتقادات الهدامة والمواقف السلبية.
3- بخصوص اجترار الفراغ
إن تكرار، في كل مناسبة، مصطلحات وتعابير محبطة لن يسهم بأي شكل من الأشكال في إصلاح أحوال منظومتنا التربوية.
إن الجميع يعلم وبشكل جلي ومنذ زمان، أن أعدادا من التلاميذ ينتقلون من مستوى إلى آخر بمعدلات تقل عن عشرة من عشرين. وقد شعرت بالحسرة والأسف وأنا أقرأ في أحد التعاليق تساؤلات بهذا الصدد.
وللعلم:1- إن النقطة مقدار نسبي لا تترجم بشكل موضوعي مستوى التحصيل عند التلاميذ ولا الكفايات التي تم تحقيقها؛ 2- إن عملية التقييم التربوي لا تتسم بالمواصفات المطلوبة(سأنشر دراسة في الموضوع)؛ 3- إن ظروف التقييم التربوي لا تتوفر بالشكل المطلوب داخل حجرات الامتحانات؛4- إن النجاح هدف الدراسة ورغبة التلاميذ وآبائهم وأولياء أمورهم؛
ملحوظة: لقد تمت دعوة أسرالتلاميذ الحاصلين على نقطة ضعيفة السنة المنصرمة إلى التقدم بطلب التكرار، فكم أسرة أقدمت على ذلك؟
عندما نتحدث عن عدم التوافق المدرسي فإننا نتحدث عن خيبتنا في التعليم ذلك أن من أسباب عدم التوافق بالإضافة إلى الأسباب الاجتماعية والنفسية والوجدانية والعاطفية التي خطت بلدان أخرى خطوات حثيثة في معالجتها …نجد أسبابا خطيرة تكمن في طبيعة تعليمنا والتقاليد والأعراف التي كرستها التجارب والممارسات التعليمية السابقة في بلادنا وهنا أريد أن أضيف إلى ما جاء في المقالة ما يلي : ان تعليمنا حاليا هو تعليم التلميذ الذي يحسن الاستماع بإمعان للأستاذ في القسم ويتقبل ويستوعب جيدا ما يقال إليه وبدون أن يبدي أي تصرف يقلق الأستاذ … وفي البيت يحفظ دروسه وينجز تمارينه .…ويوم الواجب يكون على استعداد ليجيب على ما يطلب منه فهو قادر على استيعاب العملية التعليمية المملة والروتينية جزءا جزءا ومن تم فهو يعيد تركيبها وترتيبها حسب ما ينتظر منه وسيطلب منه( وهذه الفئة غالبيتها فتيات) …أما التلميذ الحيوي الحركي الناقد المحلل الذي يدرك الأشياء بكلياتها تم يعمل على تجزيئها ويتعامل معها بعصف منطقي وعقلاني فهو مرفوض وغالبا ما يسأم من التعليم ابتداء من السنة الثامنة أساسي مع بداية فترة المراهقة لأنه يرفض الملل والروتين والتقيد والتملق وعدم مجاراة واقع يصبح يوما بعد يوم غريبا عنه وببحت عما يلبي رغباته فلا يجده في القسم الذي يرغم على الذهاب إليه ولا يحقق فيه ما يلبي رغباته ويثبت به ذاته (وغالبية هذه الفئة من الذكور) إن تعليمنا عنوانه : يوم الامتحان يعز المرء أو يهان وتلميذ ينفر من طريقة تعليمه ومحكوم عليه بالاهانة تلميذ نحكم عليه نحن بعدم التوافق مع الدراسة وننفره منه ، وفي غياب تعليم وتعلم يستهدف التلميذ وكينونته ويحترم خصائصه ورغباته ويكون الجميع وراءه تربويا ولا نجعله وراءنا، عندها سنتمكن من خلق نوع من التوافق بين مجموعة من تلاميذنا ـ وبالخصوص الذكور منهم ـ والدراسة وستكون نتائجهم مميزة…خصوصا أننا ندرك من خلال متابعة التلاميذ الذين درسناهم عندما يبلغون سنا معينة بعد انتهاء الجميع من الدراسة تصبح تلك المراتب التي كنا نصنفهم بها غير صحيحة فعندما يمارسون حياتهم في المجتمع يصبح من كنا نعتبره بليدا متفوقا ومن كان متفوقا أقل تفوقا…