عدد الأحزاب بالمغرب وشيء من الانتخابات وحلم بديمقراطية الغرب.
أزعم بأنه اجتهاد شخصي أكثر منه قراءة جيو- سياسية. حاولت من خلال البحث وضع مقارنة بين الكثافة السكانية بالمغرب وبعض الدول العربية والأوربية مع الأحزاب السياسية المتواجدة بهذه البلدان، مع مدى تأثيرها على الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحكامة الفعالة في الحياة السياسية. وهذه المقاربة ستبدو متباعدة إلى حد التعارض بين دول غربية تسيير في الركب الحضاري وعريقة في الديمقراطية ، وبين دول عربية تتناسل فيها الأحزاب كالفطر داخل خريطة محدودة الإشعاع والتأثير، يجمعها حب التنافس على السلطة والكراسي، ولا تؤمن بالتناوب السياسي . تحتكم غالبا لانتخابات لا تعكس بالضرورة تمثيلية شعبية حقيقية تفرز مؤسسات تستطيع اتخاذ قرارات فعلية محصنة بالشرعية الديمقراطية.
ففي المغرب الذي يتجاوز عدد سكانه 34 مليون نسمة، وصلت عدد الأحزاب السياسية به إلى 34 حزبا سياسيا، تحتار وزارة الداخلية في اختيار رموزها مع اقتراب كل استحقاق انتخابي. وبذلك تجد على سبيل المثال فقط حزبا يحمل رمز الطائرة و آخر تفاحة، شمعة، سنوبر ماء، ديك.. وغيرها من الرموز المتعددة والغريبة في نفس الوقت. والمنطق السياسي يصنف الأحزاب عادة بين ( يمين – يسار – وسط ) فلا ادري لماذا لا تتكتل الأحزاب السياسية وتجتمع في عدد قليل يراعي التصنيف الذي ذكرناه والتموقع خلفه حسب السياسية والاديولوجية لكل حزب؟ لماذا تصر بعض النخب السياسية فتح دكاكين حزبية لا يتعرف عليها المواطنون إلا عبر التلفزيون ووقت الانتخابات تحديدا.
ومع ذلك، يعتبر المغرب متقدما على عدد من الدول العربية في مجال نسبة السكان وعدد الأحزاب، ففي الجزائر مثلا الذي يتعدى سكانه 39 مليون نسمة، تستغرب كثيرا من لائحة عدد الأحزاب التي تقارب 60 ، يكاد الحزب الحاكم ( حزب الجبهة التحرير الوطني) يتفرد بالحياة السياسية في حين تظل بقية الأحزاب مجرد تشكيلات ديكورية. نفس المثال ينطبق على الجمهورية المصرية التي يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة مقابل 84 حزبا. أما إذا انتقلت إلى أوربا وأمريكا أي إلى بلدان الديمقراطية الحقيقية ( وهذا ليس بأمر جديد) فتجد نسبة عالية من السكان مقابل عدد قليل من الأحزاب ولنترك الأرقام وحدها تتكلم :
البلد عدد السكان عدد الأحزاب السياسية
فرنسا 65 مليون نسمة 16 حزبا
اسبانيا 40 م/ن 16 حزبا
ألمانيا 81 م/ ن 10 أحزاب
بريطانيا 64 م/ن 11 حزبا
أمريكا 320 م/ن 02 حزبان
أمام هذا التشخيص للواقع الحزبي والسياسي والنمو السكاني يظهر الفرق شاسعا بيننا وبينهم ، يتجلى ذلك في غياب مفهوم المواطنة و الديمقراطية السياسية كما تمارس بالدولة الغربية. وهذا الموضوع يبقى مطروحا للنقاش والتقصي .
م. مشيور
Aucun commentaire