النوم في العسل
النوم في العسل شريط سينمائي مصري بطله عادل إمام ،يعالج بطريقة كوميدية مشكلة القلق النفسي و الضغوطات على الحياة الزوجية.ولكن ما يهمنا في الفلم هو العسل بدون نوم.لان الموضوع له علاقة باليقظة و الانتباه و التركيز و الاهتمام والحافز و الرغبة…وغيرها من العبارات الإنشائية في مجال التربية و التعليم.
يقول أولياؤنا الصالحون »من يعمل في العسل لا بد أن يلعق أصابعه »،ولكن الأصابع توجد في اليد.والحقيقة انه يلعق الأصابع و الكف و ما وراءهما. و في كثير من الأحيان، من يعمل في العسل، يلعق سرواله و قميصه و رأسه وكل جزء من جسمه لحلاوته ..انه العسل …فمن يكره العسل شربا و وطعاما و لعقا؟ وان كان بعض الناس سمى الأيام الأولى من الزواج بشهر العسل يعقبه شهر البصل ثم شهر حصل(وقع في المصيدة)؟….
كان الأولون من المسلمين في عهد الخلافة الراشدة اخترعوا بيتا أطلقوا على تسميته ببيت مال المسلمين.فيه توضع الغنائم و منه توزع ،على الفقراء و المساكين و ابن السبيل و المحاربين و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمين…وتحول بيت مال المسلمين إلى بيت مال خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان وشركاؤه من نسله وبعده العباسيون وغيرهم…..به يشترون السلطان الو لاءات و الذمم و أمداح الشعراء ،وفقهاء السلطان الذين يخيطون له ألبسة من الأحاديث الملفقة عن الرسول الكريم و التأويلات للآيات القرآنية تسبغ الشرعية و الشعبية على ما يفعل و ما يأمر به السلطان.فكل ما يفعله من جرائم في حق الرعية هو من القدر المقدر..وما على الرعية إلا الدعاء لولي نعمتهم…؟؟؟
من يكون خازنا للمال لا بد أن يكون من اللاعقين الفطنين اليقظين.فالعسل كثير و الحمد لله.و أورعهم و أتقاهم يلعق أصابعه..فما بالك من (أبونهم)كما يسميه الفنان الساخر (بزيز أو خالد السنوسي) الذي اقتبس منه هذا اللفظ.أبو نهم مثل ثعبان(الاناكوندا) الذي التهم بشرا بلباسه في دفعتين ،والتهم كل مخلوق يتحرك بشرط أن يكون ضخم الجثة و الوزن،و يتطاول على التماسيح.هذا الثعبان يصل طوله الى7امتار.تحتل معدته مساحة كبيرة،انه منزل للخزن متحرك .
(أبو نهم) ضعيف أمام المال(خاصة مال الغير)…وإذا حضرت الشياطين ذهبت الملائكة.ماذا تفعل امرأة العزيز و نسوة أعالي القوم في مصر أمام فتى يشبه الملائكة في أدبه و كرمه و جماله؟ لقد عبر القران الكريم عن هذا »فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن و اعتدت لهن متكئا واتت كل واحدة منهن سكينا و قالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملاك كريم » آية31 من سورة يوسف…هذا ما فعلته غريزة الحب في النسوة المتزوجات.فماذا تفعل غريزة حب المال و التملك في الأفراد الذين يسيرون خزائن من المال العام. وهي خزائن الدولة و صناديقها السوداء و كل الالوان… و المال يجري فيها كأنهار من العسل الحر غير المغشوش، تمر أمام أعين الخازن الأعظم وزير المالية و تمر أمام أعين الوزراء فالمدراء وهكذا، وكلها عيون منفتحة و متفتحة و تراقب كل صغيرة و كبيرة .إنها عيون( الاناكوندا) الشرهة و الشبقة.وكل واحد يرى هذه الأنهار من العسل تمر بين يديه، و يطلب منه أن يكون ناسكا متعبدا و معتكفا شريفا عفيفا،و يكف يديه عن لمس العسل الحر.و يغض الطرف عنه… انه العسل الذي فيه شفاء للجيوب الفارغة ،يا عباد الرحمن… و بلاء للقلوب التي لا يملأها إلا التراب…
من اخذ المال العام فلا جناح عليه(وهذه فتوى من شيخ الديار العسلية الحرة من بلاد الوقواق)،وخاصة من الرؤوس الكبيرة،لأنها بكل تواضع رؤوس كبيرة و تسع للمال الكثير.وحتى إذا الشعب يوما أراد الحياة و استفسر عن ماله، قيل له بهميسة في أذنه اليسرى وغميزة بعيونهم اليمنى :(هزك الما يا بوعمامة، وأكلك الحوت).وكفى المؤمنين شر القتال. فلينعم بالمحصول الوفير، و لينم في العسل.فهذا مال لن يسأل عنه احد « المال السايب كيعلم السرقة « هذا قول حكيم الزمان و المكان…فكل الذين سرقوا… ذهبوا غانمين، و رجعوا إلى قواعدهم سالمين ..سرقوا وعفا عنهم الرجل الصالح لأنهم من(الاناكوندا البشرية) وخوفا أن تلتهمه.
ينقل الجاحظ عن سابور ذي الأكتاف قوله أن سلفه من الملوك الفارسيين كانوا يقولون « من شره بين يدي الملوك إلى الطعام كان إلى أموال الرعية و السوقة والوضعاء اشد شرها »… من مقال(الملك ،العامة،الطبيعة،الموت.وضاح شرارة.ص 27 من مجلة دراسات عربية.العدد12 السنة16اكتوبر1980.
هذا يعني أن ملوك الفرس قد اكتشفوا طريقة لامتحان من تسند له جباية الأموال من الرعية، بوضع كل أصناف الطعام أمامه. فان اخذ منها حتى الشبع و الشره، كان ذلك علامة على رسوبه في الامتحان.و غير مؤتمن على مال الملك.
وحاضرا ،وبسبب العدد الرهيب من الفاسدين و السارقين و المبذرين للمال العام، الشعب في حاجة إلى وسائل دقيقة و نزيهة ،لضبط الشرهين و الجشعين و النهمين إلى المال العام، كوضع جهاز التفتيش(سكانير) و كاميرات مراقبة في كل الإدارات التي يدور فيها المال العام . ومن قبض عليه متلبسا، ينال جزاءه بالقانون أمام المواطنين، مهما كانت الوظيفة التي يشغلها اجتماعيا(وزير أو غفير) وإرجاع كل العسل المسروق…
فإذا كانت بعض الأوساط الاجتماعية تنادي بوضع كاميرات مراقبة في كل حجرة دراسية لضبط الغشاشين من رجال و نساء التعليم.. فلماذا لا تكون هذه الوسائل مثبتة في كل إدارة و مؤسسة، خاصة التي يوجد فيها المال العام…..هذه فكرة للمناقشة….
ولكن قد أكون حالما لهذا الواقع الذي لن يأتي ابدأ… و لكني مقتنع بالحكمة التي تركها لي احد المغاربة المغمورين،واشكره جزيل الشكر على هذا الإهداء اللطيف: » بقرة المغرب الحلوب دائما ضرعها في أفواه الفاسدين بالتناوب و الشعب المغلوب على أمره في الوراء يجمع الروث »…الروث لا شيء غير الروث…و كل عام وعسلكم الحر بألف خير..
انجاز: صايم نورالدين
1 Comment
لقد أصبحت سرقة و نهب مال الشعب هواية قذرة يتسلى بها ذوي النفوذ وكل من له سلطة على الطبقة الفقيرة.