أن تكون محبا للوطن

السهلي عويشي

أن تكون محبا للوطن، ذلك يقتضي أن تقدم مصلحته على مصلحتك، وأن تضعه فوق كل الشعارات، وفوق كل الاعتبارات، وفوق كل المساومات، وفوق كل شيء، لأن الوطن لا ثمن له،

أن تكون محبا للوطن ،ذلك يقتضي القيام بالواجب ،لأن ما تزرعه سيحصده الوطن ذات يوم، وأن تضع في مقدمة تفكيرك، وفي مبتغى أحلامك سؤدده ورقيه لأن المستفيد لست أنت وحدك ،بل أحفادك، فالذي يبني البناء  ويحسن ،سيذكرونه والذي لا يتقن، يمضي دون أن يذكره أحد، وإن ذكروه فهو في الهامش

أن تكون محبا للوطن ،ذلك يقتضي أن تكون أمينا فيما ائتمنت عليه، لا أن تبدي له الحب في النهار، وتسرقه في الليل ،لا أن تكون مع المصلين في النهار ومع اللصوص المفسدين في الليل ،

أن تكون محبا للوطن، ذلك يقتضي أن تكون أشد حرصا عليه من نفسك ،لأنك مؤتمن عليه، فكن حريصا على أن يبلغ مبلغ العظماء الأقوياء، لا مبلغ  الضعفاء، فإذا قدر الله وضعف، ضعفت ،وزالت همتك، وتمرغ كبرياؤك لأن قوتك من قوته،

أن تكون محبا للوطن، ذاك يعني أن تذكر تاريخه ،وتاريخ من صنعوه، وكتبوه بدمائهم،  دون أن ينتظروا أية مناصب، أو مكافآت لأنهم أحبوه بصدق الشرفاء، وبكرم النبلاء ،فقاموا وقاوموا ،وقالوا كلماتهم ،ومضوا رغم المغرضين ،والكائدين

أن تكون محبا للوطن ،ذاك يقتضي أن  لا تحبه أطراف النهار، ثم تدنسه أول الليل، لتبيعه على مائدة القمار آخره

أن تكون محبا للوطن، ذلك يعني أن تحفظه حفظك لذاتك ،لأنك إن فرطت في ذلك، فرطت في نفسك، وشرفك، فهو النفس، والشرف ،والعرض ،هو العنوان ،هو الإنسان،حتى وإن قسا عليك لأنه العزيز في كل الأحوال ،،،

وطنى وان جار على عزيز           واهلى ان ضنو على كرام

بلادى وأن هانت على عزيزة                   ولو أننى أعرى بها وأجوع
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى                                     خلاصا لها ؟ أني اذن لوضيع

فاختر لنفسك سبيلا إما كريما أو لئيما