الرد على شبهة الدعوة إلى المساواة في الإرث
ألباحث احميدة مرغيش
.
الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم ، وبين لنا شرائعه وأحكامه في كتابه وعلى لسان نبيه الأمين ، والصلاة والسلام على رسوله الله المبعوث هدىً ورحمة للعالمين ، أما بعد :
فإن الشبهات التي أثارها البعض من هنا وهناك حول ميراث المرأة ، وادعائهم أن الإسلام قد هضمها حقها حين فرض لها نصف ما فرض للذكر- ينمُّ عن جهل تام بأحكام وقواعد الميراث في الإسلام عامة وميراث المرأة على وجه الخصوص من طرف هؤلاء المتعالين على الدين الإسلامي وعلى منطق العلم والواقع. وإذا أراد هؤلاء أن يطعنوا في الإسلام اعتمادا على شبهة الدعوة إلى المساواة في الإرث.فسيكون هذا البحث جوابا وكاشفا لزيف ادعائهم « وهو إن الإسلام ظلم المرأة بإعطائها نصف حصة الذكر » لأنهم يعتبرون الأنثى محصورة في البنت والأخت إذا وجدن في تركة مع من هم في مستواهن واقصد الابن والأخ. والأمر ليس كذلك: حيث الأنثى في الميراث الشرعي تعني البنت والأخت وإلام والزوجة والجدة وبنت الابن والأخت للأب والأخت للام مع من يقابلها أو لا يقابلها من الذكور والرجال في الأسرة ممن يرثون،وسوف نفصل الحديث عن كل ذلك ولكن يستحسن أن نجعل لهذا البحث مقدمة تمهيدية نستعرض فيها أوضاع المرأة وارثها في المجتمعات ما قبل الإسلام وفي المجتمعات المعاصرة.ونعالج الموضوع في محاور أربعة كما يلي:
مقدمة تمهيدية:
المحور الأول: ميراث المرأة في الإسلام
المحور الثاني: المقاصد الشرعية في أحكام الإرث عموما والمرأة خصوصا
المحور الثالث: حالات ميراث المرأة
المحور الرابع: الرد على شبهة الدعوة إلى المساواة في الإرث ومناقشتها.
خلاصة
مقدمة تمهيدية
ميراث المرأة قبل الإسلام ، وفي بعض المجتمعات المعاصرة :
أولاً : ميراث المرأة عند اليهود :
يتميز نظام الميراث عند اليهود بحرمان الإناث من الميراث ، سواء كانت أماً أو أختاً أو ابنة أو غير ذلك إلا عند فقد الذكور ، فلا ترث البنت مثلاً إلا في حال انعدام الابن .
فيه تكلم نبي إسرائيل قائلاً : أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته .سفر العدد إصحاح 27 : 1-11
أما الزوجة فلا ترث من زوجها شيئاً مطلقاً .
ثانياً : ميراث المرأة عند الرومان
إن المرأة عند الرومان كانت تساوي الرجل فيما تأخذه من التركة مهما كانت درجتها ، أما الزوجة ، فلم تكن ترث من زوجها المتوفى ، فالزوجية عندهم لم تكن سبباً من أسباب الإرث ، حتى لا ينتقل الميراث إلى أسرة أخرى ، إذ كان الميراث عندهم يقوم على استبقاء الثروة في العائلات وحفظها من التفتت ، ولو ماتت الأم فميراثها الذي ورثته من أبيها يعود إلى أخوتها ، ولا يرثها أبناؤها ولو ترك الميت أولاداً ذكوراً وإناثاً ، ورثوه بالتساوي .
ثالثاً: الميراث عند الأمم السامية أو الأمم الشرقية القديمة :
ونعني بهم الطورانيين والكلدانيين والسريانيين والفنيقيين والسوريين والأشوريين واليونانيين وغيرهم ممن سكن الشرق بعد الطوفان الذي كانت أحداثه جارية قبل ميلاد المسيح عليه السلام فقد كان الميراث عندهم يقوم على إحلال الابن الأكبر محل أبيه ، فإن لم يكن موجوداً فأرشد الذكور ، ثم الأخوة ثم الأعمام …. وهكذا إلى أن يدخل الأصهار وسائر العشيرة وتميز نظام الميراث عندهم فضلاً عما ذكرنا بحرمان النساء والأطفال من الميراث .
رابعاً: الميراث عند قدماء المصريين:
أما المصريون القدماء ، فقد بينت الآثار المصرية ، أن نظام الميراث عندهم كان يجمع بين كل قرابة الميت من آباء وأمهات ، وأبناء وبنات ، وأخوة وأخوات ، وأعمام، وأخوال وخالات ، وزوجة ، فكلهم يتقاسمون التركة بالتساوي لا فرق بين كبير وصغير ولا بين ذكر وأنثى .
خامساً: الميراث عند العرب في الجاهلية:
نستطيع القول : إن العرب في الجاهلية ، لم يكن لهم نظام ارث مستقل أو خاص بهم ،إنما ساروا على نهج الأمم الشرقية .
فالميراث عندهم خاص بالذكور القادرين على حمل السلاح والذود دون النساء و الأطفال ، ذلك لأنهم أهل غارا ت وحروب ، بل أكثر من ذلك كانوا يرثون النساء كرها ، بأن يأتي الوارث ،ويلقي ثوبه على أرملة أبيه ثم يقول : ورثتها كما ورثت مال أبي .فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر ، أو زوجها من أراد ، وتسلم مهرها ممن يتزوجها أو حجر عليها لا يزوجها ولا يتزوجها .فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم حين نزل قوله تعالى :(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )) [النساء/19] ، و في حالات قليلة كان منهم من يورث الإناث ويسويهن بالذكور في النصيب كما هو الحال عند قدماء المصريين والرومانيين.
· المحور الأول: ميراث المرأة في الإسلام :
بعد أن اطلعنا على ما كان عليه حال ميراث المرأة قبل الإسلام ومبلغ الظلم الذي لحق بها من جراء تلك التشريعات والأنظمة الفاسدة ، والتي كان للطمع والهوى فيها دور كبير ، جاء الإسلام بنوره وعدله ليرفع عنها ما لحق بها من البغي والإجحاف ، وليقرر أنها إنسان كالرجل ، لها من الحقوق ما لا يجوز المساس به أو نقصانه ، كما عليها من الواجبات ما لا ينبغي التفريط أو التهاون به ، وبمقارنة سريعة بين نظام الإسلام في توريث المرأة وبين الشرائع والأنظمة القديمة والحديثة نجد :
1- أن الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى وليس البشر ، فكانت بذلك من النظام والدقة والعدالة في التوزيع ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله ، قال تعالى : ((آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )) [النساء/11]
2- الإسلام نظر إلى الحاجة فأعطى الأكثر احتياجا نصيباً أكبر من الأقل احتياجا ولذلك كان حظ الأبناء أكبر من حظ الآباء ، لأن الأبناء مقبلون على الحياة والآباء مدبرون عنها ؛
ولذلك كان للذكر مثل حظ الأنثيين في معظم الأحيان فلا شك أن الابن الذي سيصير زوجاً باذلا لمهر زوجته ، منفقا عليها وعلى أولاده منها أكثر احتياجا من أخته التي ستصير زوجة تقبض
مهرها ، ويرعاها وينفق عليها زوجها .
3- إن الإسلام قد حصر الإرث في المال ولم يتعداه إلى الزوجة كما كان في الجاهلية ، بل كرم رابطة الزوجية ، وجعل ما بين الزوجين من مودة ورحمة حال الحياة سبباً للتوارث عند الوفاة ، فلم يهملها كما فعلت بعض الشرائع .
4- الإسلام لم يهمل حق القرابة كسبب من أسباب التوارث كما فعل القانون الروماني واليوناني بل إعتبر أن قرابة الرجل من الروابط الوثيقة بينه وبين أسرته، ولها حق طبيعي من الشعور الخالص والصلة الموفورة ، والمرء يقوى بقرابته ، ويأنس بها في حياته ، ويبذل في سبيلها ما يمكنه من عطاء وخدمة ونصرة، ويجعلها في الدرجة الأولى من الرعاية .
5- أما المساواة بين الأقارب في القانون المصري القديم فأمر يرفضه الإسلام أيضاً لتعلق توارث الأقارب بمفهوم القرب والبعد من المورث ، وعليه فالبنوة مقدمة على الأبوة وهذه مقدمة على الأخوة وهكذا … كما لم يقر الإسلام المساواة في الإرث بين الأخوة بالشكل الذي ذهب إليه القانون الفرنسي والروماني بل جعل الأخوة على درجات ثلاث ( لأبوين ، للأب ،لأم ) وقد راعى تلك الدرجات وورث الأقوى والأقرب .
6- إيثار أرشد الذكور وتمييزه عن باقي أخوته في النصيب الإرثي مبدأ لم يقره الإسلام كما درجت عليه شرائع الأمم الشرقية القديمة والعرب في الجاهلية .
7- ليس للابن كونه بكراً أية أفضلية على باقي الأبناء في الإسلام ، على النحو الذي ذهبت إليه الشريعة اليهودية ، حيث خصت البكر بنصيب اثنين من أخوته .
8- لقد ضمن الإسلام حق مشاركة البنات للأبناء في الإرث من والدهن ولم يحجبهن بالأبناء كما ذهبت إليه الشريعة اليهودية ، قال تعالى ((لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا )) [النساء/7] .
و بعد هذه المقارنة يتبين لنا حقيقة ساطعة وهي أن نظام الإسلام في الميراث عامة وما يتعلق منه بالمرأة خاصةً هو النظام الوحيد الذي يوافق حركة السعي والنشاط في الجماعات البشرية ، ولا يعوقها عن التقدم الذي تستحقه بسعيها ونشاطها .
· المحور الثاني: المقاصد الشرعية في أحكام ميراث المرأة
يتميز نظام الارث في الاسلام بخصائص – كما سبق- تميزه عن غيره من انظمة التوارث التي ذكرناها في التمهيد.وهي الربانية والشمولية والعدالة والواقعية وانه نظام متوازن.
وانطلاقا من هذه الخصائص وغيرها يمكن استخلاص مجموعة من المقاصد التى قصد ها الشر عواء هذه الاحكام الارثية الخاصة بالمرأة بالاضافة الى المقاصد العامة في تشريع احكام الأرث.وهي:
إن المتأمل في مسألة تشريع الميراث للمرأة يجد لذلك حكماً كثيرة نورد منها :
1- التأكيد على إنسانية المرأة وأنها شق الرجل ، وأنها أهلاً لاستحقاق والتملك والتصرف كالرجل تماماً ، وفي هذا من التكريم للمرأة ما فيه
2- ثم إن الله عز وجل قد جعل الإنسان في الأرض خليفة ، وشرفه فوكل إليه مهمة عمارتها واستنباط خيراتها ، وزوده بقدرات تمكنه من القيام برسالته ، ولفظ الإنسان عام يشمل الذكر والأنثى على حدٍٍّ سواء .
3- تلبيةً لنداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها ذكوراً وإناثا من حب التملك للمال .
قال تعالى : ((إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) [العاديات/6-8]
وقال تعالى : ((وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )) [الفجر/19، 20] .
4- تمليك الإسلام للمرأة فيه عون لها على قضاء حوائجها .
5- وفيه إعطاء المرأة فرصة لتتعبد الله عز وجل بمالها كالرجل عن طريق إنفاقه في وجوه الخير المختلفة .
6- إن حصر الميراث بالذكور قد يؤدي بهم أو ببعضهم إلى الشعور بالعظمة ، ويربي لديهم الإحساس بالأنانية والتسلط فيقعون في ظلم النساء ، إما بإنقاصهن حقوقهن أو بحرمانهن مم لهن مطلقاً.
7- التنصيص على حق المرأة في الميراث – كبيرةً كانت أو صغيرة – في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الكريم يشكل رادعاً للمسلم يمنعه من التهاون في إعطائها ما لها من حق في مال المتوفى .
8- القضاء بتوريث النساء مع الرجال كل حسب درجته من المتوفى ، فيه تفتيت للثروة ، وتوزيع لها على أكبر عدد ممكن من الذرية ، وهذا يوسع دائرة الانتفاع بها ، ويمنع تكديسها وحصرها في يد فرد أو أفراد معدودين .
9- كما ويحقق معنى التكافل العائلي ، فلا يحرم ذكراً ولا أنثى ، لأنه مع رعايته للمصالح العملية يراعي مبدأ الوحدة في النفس الواحدة ، فلا يميز جنساً على جنس إلا بقدر أعبائه .
· المحور الثالث: حالات ميراث المرأة :
من المعلوم من خلال النصوص الواردة في حق ميراث الأنثى في الإسلام أن ميراثها يختلف باختلاف حالها و لهذا سنتعرض في هذا الجزء إن شاء الله تعالى حالات ميراث المرأة باختلاف أنواعها .
فالشائع لدى العديد من المتناولين لهذا الموضوع هو أن مسألة المواريث محكومة بالقاعدة التالية: للذكر ضعف نصيب الأنثى واعتبارها القاعدة الأصل.وفقط.
والحال؛ أن هذه القاعدة -وان كانت هي الأصل- فانها لا تعدو أن تكون مجرد صورة لوضعية قانونية معينة لا تسري على كافة حالات المواريث؛ إذ بالرجوع إلى أحكام المواريث في الإسلام، نجد بأن هناك:
1- حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل
2- وحالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
3- وحالات أخرى ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل.
4- حالات أربع فقط ترث فيها المرأة نصف حصة الدكر
الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل »سبع حالات »
1-ميراث الأم و الأب مع وجود ولد ذكر أو بنتين فأكثر أو بنت أحيانا.لكل منهما السدس.
2-الإخوة للأم مع أخوات الأم. فلكل واحد منهما السدس على الانفراد واذا تعددوا اقتسموا الثلث.
3-زوج وأم وإخوة للأم وأخ شقيق فأكثر.للزوج النصف وللام السدس وللاخوة للام مهما تعددوا والاخ الشقيق ومن معه الثلث يقتسمونه بالتساوي.وهذه الفريضة تسمى بالحمارية والحجرية واليمية عرضت على عمر فسوى بين الاخوة كلهم.
4-عند انفراد الرجل أو المرأة بالتركة.فاذا مات شخص وترك أمه فقط أخذت التركة فرضا وردا وكذا اذا مات وترك اباه.
5-الأخت الشقيقة مع الأخ للاب فللشقيقة النصف فرضا والباقي نصف ياخذه الاخ للاب.
6-الجد والجدة لكل منهما السدس
7-البنت والعم للبنت النصف والباقي نصف للعم
8-بنت الابن مع الاخ الشقيق لبنت الابن النصف فرضا والباقي نصف للاخ الشقيق وهذه حالات على سبيل التمثيق لا الحصرفقط.
الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل « ست حالات »
لقد تطرق إلى هذه الحالات بأسهاب المتخصصون في فن الميراث ونحن نذكر منها بعض للتمثيل لا الحصر
1- ومنهاالحالة التي خلفت فيها امرأة زوجا وأبا وأما وبنتين فإن الثلثين للبنتين يمكنهما من أن يأخذ أكثر من الابنان إذا وجد مكان البنتين،
2- وكذا الحالة التي تخلف فيها امرأة زوج وأم وأخت شقيقة فإن الفارق يكون كبير جدا إذ تأخذ الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نظيرها الأخ الشقيق.
3- أضف حالة كون الزوج مع البنت فان الزوج ذكر يأخذ الربع والبنت أنثى تأخذ النصف .
4- اذا وجدت بنت واحدة مع عشرة أخوة للميت فانها تأخذ النصف بوحدها والنصف يقسمه الاخوة بينهم.
الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث فيها نظيرها من الرجال « ثلاث حالات »:
وهذه الحالات تتميز أيضا بتعقد العمليات الحسابية، نمثل لها بالحالة التي توفيت فيها امرأة عن زوج وأب وأم وبنت وبنت ابن ترث بنت الابن بالفرض، ولو جعلنا ابن الابن مكان بنت الابن فإنه لا يرث شيئا، وكذا حالة ميراث الجدة أم الأم فكثيرا ما ترث ولا يرث نظيرها أب الأم من الأجداد، وقد ترث الجدة ولا يرث معها زوجها الجد.أضف حالة وجود البنت او بنت الابن ومعها أخت شقيقة أو اكثر ووجود ا خاو اخوة لاب فللبنت النصف والباقي للاخت او الاخوات ولا شيئ للاخوة للاب حيث حجبتهم الأخت الشقيقة لوجودها مع البنت.
الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل حصرها القرآن الكريم في أربع حالات فقط وهي:
1-وجود البنت مع الابن. وان تعددوا
2-وجود الأخ والاخت الشقيقة وان تعددوا.
3-وجود الأخت للأب مع الأخ للأب.
4-وجود بنت الابن مع ابن الابن وان تعددوا
وعموما فإن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال فى مقابل أربع حالات واردة على سبيل الحصر ترث فيها المرأة نصف الرجل، والأكثر من ذلك أن القرآن الكريم لم يجعل مسألة الأنصبة وتقسيم الإرث مجرد عملية تقنية حسابية خاضعة لقواعد قانونية جافة، بل إن أمر الإرث وقضاياه ترتبط بالنظام المالي للأسرة في الإسلام.فيوزع المال أو التركة بعد موت مالكها توزيعا يراعى فيها القريب والبعيد ويراعى فيها هل الوارث صغيرا ام بلغ من العمر عتيا وخير مثال على هذا ان الوالدين يستحق من تركة ابنهما السدس لكل منهما والباقي وهو الثلثان يستحقه أولاده لان الولد لا زال في حاجة الى ما يستقبل به الحياة واما الوالدين فسيكونون في مرحلة من العمر لايحتاجون الى مال أكثر من الصغير وكذلك لهما أولادهم تجب علهم نفقة أبويهما.
· المحور الرابع:. الرد على شبهة الدعوة الى المساواة في الارث ومناقشتها.
إن من الشبهات التي أثيرت حول الإسلام وعدالته ، مسألة إنصاف المرأة في الميراث وإحقاقها حقها أسوةً بالرجل .
حيث أخذ على الإسلام من قبل المستشرقين غير المنصفين ، وأعداء الإسلام المشككين محاباته للرجل على حساب المرأة ، وانحيازه له دونها ، وذلك حين جعل نصيبها من مال المورث على النصف من نصيب الذكر . وظنوا أنهم بهذه الفرية قد أصابوا من الإسلام مقتلا ، وما دروا أنهم إنّما سفهوا بذلك عقولهم ، وعابوا على أنفسهم وما يدّعون من العلم والمعرفة والعدالة .
وليس التحقق علمياً وموضوعياً من مسألة إنصاف الإسلام لكل من الرجل والمرأة في كل مجالات الحياة ، وعلى رأسها ما يتعلق منها بأمر الأموال وقسمة التركات بالأمر العسير لمن أراد لحق أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ فمزية الإسلام الكبرى أنه واضح وواقعي بكل ما فيه ، ويراعي الفطرة دائماً ولا يصادمها أو يحيد عنها .
وهو في الوقت الذي يدعوا الناس فيه لتهذيب طبائعهم والارتقاء بها ، ويصل بهم إلى نماذج تقرب من الخيالات والأحلام ، لا يدعو لتغيير الطبائع ، ولا يضع في حسابه أن هذا التغيير ممكن ، أو مفيد لحياة البشرية حتى إذا أمكن .
إنما يؤمن بأن أفضل ما يستطيع أن تصل البشرية إليه من الخير ، ما يجيء متمشياً مع الفطرة بعد تهذيبها ، وهو كذلك يسير في مسألة الرجل والمرأة على طريقته الواقعية تلك، فيسوي بينهما حيث تكون المساواة هي منطق الفطرة الصحيح ، ويفرق بينهما حيث تكون التفرقة أيضاً هي منطق الفطرة الصحيح .
ومن أهم مواضع التفرقة هذه تقسيم الإرث .
فالإسلام يقول في الميراث : ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )) [النساء/11] ، فلماذا كانت هذه القسمة ؟ وما وجه العدالة فيها ؟ وهل دوماً كان للذكر مثل حظ الأنثيين ؟
وللرد على هذه الشبهة وهذه الاستفسارات نقول وبالله التوفيق :
* إن نظام الإسلام في الميراث نظام حكيم فضلاً عن كونه عادلاً، وضّح من هم الورثة الشرعيون ، وأنزلهم منازلهم في تركة المورَّث حسب قرابتهم منه ، وحسب وضعهم الاجتماعي في الحياة وما تفرض عليهم هذه الأوضاع من تبعات وأعباء يتلقونها عن المورث كما تلقوا عنه تركته أو بعض تركته .
وهذه التهمة التي رمى بها مفكروا الغرب ومن نهج نهجهم الشريعة الإسلامية والتي من أجلها اعتبروا الشريعة متخلفة لا تساير المدنية ولا تصلح للسير معها في المستويات العليا للحياة تهمة باطلة وظالمة في أكثر من وجه :
* فهذه المساواة التي يقال إن المرأة قد وقفت فيها مع الرجل جنباً إلى جنب في الأمم المتمدنة ، إن صحت هذه الدعوى على إطلاقها – وهي غير صحيحة- فإنها ما زالت في طور التجربة ولم تصدر الحياة بعد حكمها على هذا الوضع للمرأة ، أهو خير أم شر ؟، صالح للبقاء و الاستمرار أم لا ؟ ، بل إن الدلائل تشير إلى أن هذا الوضع للمرأة وضع شاذ قلب حياتها ، ومسخ طبيعتها ،وأن بوادر الضيق قد أخذت تسري في محيط المرأة نفسها ، وإن المستقبل القريب سيكشف عن ذلك ، خصوصاً أنهم حين قرروا مساواتها بالذكور في الميراث قالوا أيضاً بمساواتها لهم في العمل وفي الإنفاق ، فحملوها فوق ما تحتمل ، فهي فوق أنها تعمل في البيت ولا يعمل ، وتربي النشىء ولا يربي تعمل أيضاً في الخارج ، وتنفق على نفسها وعلى من تعول ؛ وفي هذا من الظلم والقهر للمرأة ما فيه ، عدا عما قد تتعرض له في خروجها إلى العمل من الأذى و الاستغلال والشواهد على هذا الواقع للمرأة عندهم كثير .
* إن الإسلام حين قرر إعطاءها نصف ما أعطى الذكر ، رفع عنها عبء الإنفاق ، ومشقة العمل ، ولم يكلفها شيئاً من ذلك بحال من الأحوال ، حتى ولو كانت تملك المال ، بل جعلها مكفية المؤنة والحاجة ، سواء كانت بنتاً أو أختاً فنفقتها واجبة على أبيها أو أخيها أو من يعولها من الذكور ، أو أماً فنفقتها واجبة على زوجها أو أولادها .
فالإسلام إذن قد أعفى الأنثى من كثير من الأعباء المادية و الإلتزامات الاجتماعية في الوقت الذي حمّل الرجل كثيراً من هذه الأعباء و الإلتزامات .
وباختصار فإن الرجل يدفع والمرأة تأخذ ، وشتان بين من يُعطي ومن يأخذ ؛ والعدل والإنصاف يقتضي أنّ من كانت أعباؤه المادية أكبر أن يُعطى أكثر . والأمر إنما هو أمر توازن بين أعباء الذكر وأعباء الأنثى في الحياة لا أمر محاباة لحساب جنس على جنس آخر ، على أن تفضيل الرجل على المرأة في الميراث ليس مطرداً في جميع الحالات- كما رأينا – ، فقد تتساوى معه كما في ميراث الأخوة والأخوات لأم ، وكما في ميراث الأب والأم في بعض الحالات والجد والجدة في بعض أحوالهم .
قال تعالى في ميراث الإخوة لأم : ((وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ )) [النساء/12] وقال عز وجل في ميراث الأبوين : ((وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ )) [النساء/11] ، وبالتالي فإننا نعتبر هذه الشبهة التي أثيرت على الإسلام من قبل أعدائه المتربصين ، وتناقلها بعض الجهلة والمقلدين من المسلمين لا تعدو كونها زوبعة
الخلاصة :
1- أنه ما من مبدأ أو قانون حرص على إعطاء المرأة حقها في مال مورثها بالقدر وبالتفصيل وبالإنصاف الذي حرص عليه الإسلام .
وتمثل ذلك الحرص بالنص على ميراثها في معظم حالات إرثها وبيان الكم الذي تستحقه في كل حالة في القرآن الكريم أولاً ، وهو العلم الوحيد الذي حرص القرآن الكريم على تفصيله على نحو ما فصل وعدم تركه للبشر، لتعلقه بقضية من أخطر القضايا التي تستذل الإنسان فتوقعه في شباك هواه ونفسه الأمارة بالسوء ، وهي قضية المال سيما وأن الإنسان مفطور على حبه ، ثم هو مع البنون زينة الحياة الدنيا ، ومن ثم بيّنت السنة النبوية الشريفة ما لم يتم توضيحه في القرآن الكريم وهو قليل جداً .
2- بالنظر في ميراث المرأة في جميع حالاتها يتبين لنا أن تحقيق العدالة الاجتماعية هي الأساس في تحديد نصيب المرأة أو تلك ، وأنه لم يتوقف أمر توريثها على القاعدة الشائعة للذكر مثل حظ الأنثيين وحدها ، وأن المسألة إنما هي مسألة حساب لا مسألة عواطف ولا ادعاء ، والعدل يقتضي أن يعطى كل حسب حاجته ، والأمثلة الكثيرة التي أوردناها تؤكد هذه الحقيقة وفي ذلك رد قاطع على كل من حاول أن يصور الإسلام بأنه ميز الرجل وخصه بالمزيد من مال المورث على حساب المرأة فأوقع بها الظلم لا لشيء سوى أنها أنثى .
فالإسلام نبذ وحارب مبدأ حرمان المرأة من الميراث لمجرد كونها أنثى أو للأسباب التي ذكرناها في معرض الحديث عن ميراث المرأة عند العرب في الجاهلية وغيرهم .بل فرض لها نصيبها في جميع حالات ميراثها ومنع من حرمانها إلا في الحالات التي فصَّلها كالردة والقتل ، وهي ذاتها التي تمنع الرجل أيضا من الميراث ، وتوعد من يحرمها لغير تلك الأسباب بالعذاب الشديد في الآخرة
كما رفض الإسلام مبدأ المساواة المطلقة بينها وبين الرجل في مقدار ما يأخذونه من الميراث كما فعل القانون الروماني ومن نهج نهجه لأن ذلك يخالف العدالة التي تحدثنا عنها .
كما رفض الإسلام مبدأ إيثار الذكور بالميراث إذا كان معهن إناث كما هو الحال في اليهودية المحرفة .
ورفض أيضاً أن يحوز الذكور دوما على نصيب أكبر من الإناث فجعل للميراث قواعد وأصولاً
واعتبارات لا يجوز الخروج عنها .
ولذلك فالدعوة إلى المساواة في الإرث لا تخدم مصلحة المرأة بقدر ما تظلمها. بدليل ما سبق أن اشرنا إليه من الحالات الكثيرة التي إما تستوي مع الرجل او تفوقه في الميراث او لا يرث وهي ترث. والله اعلم.والسلام عليكم..
2 Comments
اعطوا المرأة حقوقها كاملة لانها نصف الاسرة والمجتمع كما انها تصون الارث وتحافض عليه أحسن من الرجل الذي يبذره في القمار والزنا والمجون وتعدد الزوجات.
مشكور الباحث الكريم على هذ الموضوع المهم في ذاته وفي غاياته ، ولو أن الوقت الراهن يقتضي الرد على مواضيع أخرى تحتاج لمثل هذه الجهود ، لأن المشكلة ـصبحت اليوم في كيفية تطبيق الإسلام وليس في الإيمان به ، إذا كان إسلام داعش هو الإسلام الذي سيحكمنا فإن كثيرين من الناس والمثقفين سيلقون ترحيبا ممن يكتبون مثل المواضيع التي رددت عليها ، جزاكم الله خيرا