بلاغ حول قرار إحداث كليات الطب الخاصة بالمغرب
في إطار تتبع اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة المرتبطة بالجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الإتحاد المغربي للشغل لمسارات التكوين في المهن الصحية والأهداف المتوخاة منها، وفي خضم النقاش المصاحب لقرار إحداث كليات الطب الخاصة بالمغرب، وكذلك في ظل المزيد من الترخيص لمعاهد التكوين في المهن التمريضية الخاصة ؛
واعتبارا لكون التكوين بصفة عامة يعد أحد اللبنات الأساسية التي تترجم من خلالها التصورات العامة لأي مشروع مجتمعي، لارتباطه بتأهيل الأفراد والمجموعات المفروض أن يوجهوا للمساهمة في خدمته وتنميته والرقي به، وحيث أن التكوين في مجال المهن الطبية يستحق أن يحظى بالخصوصية على مستوى الاهتمام والآفاق التي يجب أن يبلغها، نظرا لارتباطه الشديد بالمنظومة الصحية التي تهم المجتمع برمته تتطلب تكوين أطر صحية كفئة مندمجة وفعالة ومنتجة (بالمعنى الواسع والعلمي للإنتاج).
وبما أن التكوين في المجال الصحي (وكذلك المنظومة الصحية) يهم المجتمع برمته فإن أي « إصلاح » لا يمكن أن يحقق أهدافه ما لم يكن نتاج موضوعي لنقاش مجتمعي حقيقي دمقراطي تشارك فيه مختلف القوى الحية، وألا ينبي على المصالح المرحلية الضيقة أو أن يكون استجابة لضغوط » لوبيات » معينة.
إن اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة، تستغرب الكيفية التي تريد أن تعالج بها دوائر القرار الحكومية هذا الملف، وكذلك منهجية » الحوار » التي تنهجها الوزارتين المعنيتين، خصوصا في ظل الرفض القاطع لمختلف المعنيين بالموضوع من طلبة وخريجين ومهنيين لـ » مشروع قرار إحداث كليات الطب الخاصة « ، وتستهجن جعل » الحوار » فضاء لترويج للسياسات الحكومية، بل واتخاذ جزء منه كشكل من أشكال الدعاية الحزبية والمرتبطة بالزمن الحكومي، وليس بالمصلحة العميقة للمواطنين والوطن أولا.
إن اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة، تعتبر هذا المخطط – لا علاقة له بما يمكن وصفه بالإصلاح– بل أنه لا يتجاوز أن تكون حلقة في سلسلة / دورة الإجهاز على الحق في خدمات صحية ذات نوعية، وأن السعي لشرعنة إحداث كليات الطب الخاصة، بعد تكريس المعاهد الخاصة بالمهن التمريضية، ويندرج كذلك في إطار الاجهاز على مطلب تعليم عمومي ودمقراطي. ويتجه نحو المزيد من المصادرة لحق أبناء الطبقات الشعبية في تكوين ذو جودة، وآفاق مهنية ممكنة.
إن اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة، تتساءل حول الأهداف الحقيقية للاستعجال في طرح مثل هذه « الإصلاحات » في ظل غياب المجلس الأعلى للصحة ودون » استشارة المجلس الأعلى للتعليم « ، وأن الآمر لا يتجاوز السعي لتعميم مساوئ « الإصلاح الجامعي » ولتمديد مأزقه ليشمل تكوين أطباء وطبيبات المستقبل.
إن هذا المخطط سيخلق نظاما تكوينيا بسرعات متفاوتة، وسيعمق حتما من الأزمة الراهنة للتكوين ويحرم البلاد من الاستفادة الملائمة من طاقاتها ويعرقل نموها المناسب.
إن اتجاه الحكومة نحو خوصصة التكوين الطبي، وعدم مراعاتها لخصوصية قطاع الصحة، لن تنتج إلا المزيد من الخريجين الذين يعززون صفوف المعطلين، خصوصا وأنه، يأتي كذلك في ظل غياب استراتيجية وطنية للتكوين، وبذلك نرى أن إحداث كليات الطب الخاصة لن يعدو أن يكون متنفسا قصير المدى لتطويل أمد أزمة التكوين وقطاع الصحة بشكل عام. ولا في تحقيق الإضافة النوعية المفترضة والضرورية للرقي بالتكوين في هذا القطاع الحساس.
كما أن أي » إصلاح » في هذا المجال لايمكن أن تتوفر له مقومات النجاح ما لم يوضع في إطار مشروع مجتمعي يتوخى الرقي بالخدمات الصحية لضمان وتكريس الحق في الصحة لكافة المواطنات والمواطنين.
إن اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة المرتبطة بالجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الإتحاد المغربي للشغل، إذ تؤكد أن هذا » المشروع » سيضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة المغاربة وسيتسبب في تقهقر مستوى التكوين بكليات الطب العمومية، نظرا لرهن مصير التكوين الطبي ووضعه تحت رحمة رأس المال – نزولا عند رغبة المستثمرين – باعتباره مصدرا للربح المضمون، وكذلك لكون كليات الطب الخاصة » يصعب » مراقبتها على غرار معاهد التكوين في المهن التمريضية الخاصة ..
كما أن » المشروع » سيمثل إغراء حقيقيا، يساهم في استنزاف خبرات حقيقية وسط أساتذة كليات الطب العمومية.
وإذ تعبر اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة عن رفضها لهذا » المشروع » الذي يهدد التكوين الطبي ويرهن مستقبل الأجيال المقبلة من الأطباء، ويربك مزاولة مهنة الطب. ويساهم في المزيد من التدهور لقطاع الصحة الذي يوجد في وضعية حرجة أصلا، فإنها تنوه وتنخرط في المجهودات الرامية للتصدي له، وتدعو وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي وكافة القطاعات الحكومية المعنية، إلى:
1- إلغاء مشروع » إحداث كليات الطب الخاصة » لما له من مخاطر وتبعات تضرب عمق الخدمة الصحية وحقوق الطلبة.
2- تطوير وتوحيد مسارات التكوين والتأطير في كليات الطب العمومية وتحسينها والرفع من جودتهما.
3- اعتماد الحاجات الأساسية للطلبة ومسؤولياتهم المستقبلية كمدخل أساسي لكل إصلاح لنظام التكوين.
4- فتح حوار وطني حول منظومة التكوين مع إشراك كافة المتدخلين وضمان تمثيلية وازنة للطلبة والخريجين والأساتذة والمهنيين.
5- ربط أي إصلاح للتكوين بأفق الإصلاح الشامل للمنظومة الصحية الذي يراعي خصوصية قطاع الصحة للنهوض به ليكون في مستوى التطلعات.
عن اللجنة الوطنية للخريجين والطلبة
15 يوليوز 2014
Aucun commentaire