زلزال الجبهة الوطنية يضرب فرنسا
حقق حزب مارين لوبين فوزا ساحقا في الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي التي جرت الأحد 25/5/2014 , فمن أصل 74 مقعدا المخصصة لفرنسا استطاع حزب الجبهة الوطنية
الحصول على 24 منها, وتلاه اتحاد الحركة الشعبية ب 20 مقعدا, واكتفى الحزب الاشتراكي الحاكم بالمرتبة الثالثة ب13 مقعدا, وتقاسمت الأحزاب السياسية الأخرى المقاعد المتبقية.
انه انتصار تاريخي حسب الحزب اللوبيني , وصدمة أو زلزال حسب مانويل فالس الوزير الأول الفرنسي الذي جيء به بعد النتائج الباهتة التي حصل عليها الحزب الاشتراكي في الانتخابات الجهوية الأخيرة والتقدم النسبي للجبهة الوطنية , وذلك لتحريك البركة الآسنة وبعث الديناميكية في الساحة السياسية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء وجه حزب رئيس الجمهورية الفرنسية فرو نسوا اولاند الذي يبدو أن نجمه اخذ في الأفول ونتائج استطلاعات الرأي تؤكد ذلك .
في سابقة من نوعها يكتسح الحزب اليميني الساحة السياسية الفرنسية ويتمركز في الرتبة الأولى ليتحول إلى قوة يحسب لها ألف حساب, بعدما كانت – إلى الأمس القريب – لا تشكل رقما صعبا في المعادلة, رغم تواجدها في الميدان وشعبيتها الآخذة في النمو تبعا للاكراهات الراهنة , والظرفية الاقتصادية الصعبة التي تمر منها البلاد والتي ساهمت في تازيم الأوضاع اقتصاديا واجتماعيا و كان لها تأثيرا مباشرا على الحياة المعاشة كما كان للخطاب الشعبوي الذي تتبناه هذه الهيئة السياسية وقعا في النفوس خاصة وانه يلقي اللوم على أحزاب اليسار والوسط واليمين المعتدل , فكان له ما أراد وهاهو يجني المكتسبات ويحقق الانتصارات .
ولا تخفى تبعات نتائج التصويت بنسبة قاربت 25 في المائة لحزب يتبنى مواقف متطرفة في كثير من الميادين لعل أبرزها إلغاء اتفاقية شينكن للتنقل داخل بلدان الاتحاد الأوروبي , والرجوع إلى العملة الفرنسية الفرنك , والطامة الكبرى هي الاستغناء عن المهاجرين وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية , وتلك قمة العنصرية في العصر الحديث لا توازيها إلا سياسة الابارتيد التي مورست في جنوب إفريقيا قبل التحرر وتحقيق المصالحة الوطنية على يد الزعيم الإفريقي الراحل نيلسون مانديلا بعد معاناته الطويلة بسجون النظام العنصري وكفاحه المرير من اجل استقلال بلاده .
مارين لوبين وارثة عرش الحزب الوطني اليميني تسير على خطى والدها وتتبنى نفس الأفكار العنصرية , وتستمر في زحفها بشكل تصاعدي لتحتل الصدارة في المشهد السياسي الفرنسي وطموحاتها ليس لها حدود مادامت الأرضية خصبة لنمو ما زرعته من بذور الحقد والكراهية تجاه الأجانب والديانة الإسلامية , وهي الأطروحة الآخذة في التوسع والانتشار وسط المجتمع الفرنسي خاصة والأوروبي عامة , مع تنامي التيارات المتطرفة التي تتبنى العنف واللاتسامح وتروج لهما خلافا لشعار الجمهورية : حرية – أخوة – مساواة – المستمد من تصريح حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 ثمرة الثورة الفرنسية قبل الإعلان عن الجمهورية الأولى ابتداءا من 1790 , هاته العملة أصبحت نادرة أمام ظاهرة الاسلاموفوبيا والأنانية التي تطبع سلوك الإفراد والجماعات في مجتمع يسعى للانغلاق ورفض الأخر وبث
.
التفرقة والميز على حساب منظومة القيم التي تدعو للسمو بحقوق الإنسان إلى المستوى العالمي ونبذ أساليب التطرف دينية كانت أم سياسية أو أيديولوجية.
إن الصعود الصاروخي لليمين المتطرف بالقارة العجوز لا يبشر بخير, فلن نستغرب – مستقبلا- إذا رأينا من يطالب بتفكيك الاتحاد الأوروبي والتخلي عن العملة الموحدة وتقوقع كل دولة داخل حدودها الوطنية , فلا شيء أصبح مستبعدا فالتعصب والشوفينية سلعة رائجة لدى من سيتولون زمام الأمور على مستوى المؤسسات التشريعية والتنفيذية اروبيا , , فقد اقتربوا من خط الوصول وتتويجهم آت لا ريب فيه .
يجب على الدول التي ستتأثر بهذه المتغيرات المرتقبة استباق الأحداث واخذ الحيطة والحذر اللازمين لتفادي عنصر المفاجئة.
Aucun commentaire