هل هي مسؤولية المدير أم مسؤولية الأستاذ : تفعيل المذكرات؟
بالرغم من أن هذا السؤال يبدو الإجابة عنه سهلة، فإن نقاشات حادة أثارها في مناسبات عديدة، وفي مؤسسات مختلفة ابتدائي، إعدادي وثانوي، فالمذكرات تختلف طبعا من حيث المحتوى، ومن حيث الأهداف التي تنشدها، ومن حيث الجهة الصادرة عنها، فقد تكون محلية واردة من النيابة، وقد تكون جهوية واردة من الأكاديمية، كما قد تكون مركزية واردة من الوزارة.
فإذا كان نوع هذه المذكرات يلزم الإدارة بتنفيد مقتضياتها، فإن هناك نوع آخر يتجه نحو الاستاذ للقيام والالتزام بمحتوياتها، وهناك نوع ثالث يستهدف كلا من الإدارة والأساتذة بالمساهمة في تفعيل مضامين مذكرة معينة، وفي هذه الحالة يحاول كل طرف أن يخلي مسؤوليته، فالمدير يتمسك برأيه بأن واجبه يتوقف عند تمكين الأساتذة من الإطلاع عليها، وأن من واجبهم الالتزام بمحتواها والسعي إلى تجسيدها على أرض الواقع، أما الأساتذة فلهم رأي آخر، فالتوقيع على المذكرات لا يعدو أن يكون مجرد إعلان عن التوصل بها في تاريخ معين، أما الشروع في تنفيدها فيتطلب شروط معينة أبرزها:
– مضامين المذكرات قابلة للتنفيذ.
– أن لا تتضمن تناقضا مع مذكرات أخرى.
– أن تكون واضحة في استهداف الأستاذ.
– أن يسبق المذكرات الخاصة بالأنشطة اجتماع تهيئ لتدارس مختلف الاجراءات.
– أن ترد المذكرة قبل الآجال المحددة وإلا تصير لاغية.
– أن تتوفر الآلية اللازمة داخل المؤسسة لإنجاز مقتضياتها.
وفي غياب هذه الشروط، فإن أي سعي إلى الالتزام بمضامين المذكرات يصبح أمرا مستحيلا، ونستعرض لحالات كثيرة توضح لنا ما ذكرناه من شروط:
ما فائدة الإطلاع على مذكرة تحدد إنجاز نشاطا معينا بعد فوات الأجل المحدد؟
ما فائدة الإطلاع على مذكرة تشترط المشاركة في مباراة معينة، وردت بعد الآجال المحددة؟
ما فائدة الإطلاع على مذكرة تشترط المشاركة في فعالية نشاط معين، يتطلب المشاركة في تقديم مشروع معين في أجل محدد، يستحيل القيام به ضمن هذا الأجل؟
ما فائدة الإطلاع على مذكرة تشترط عقد الاجتماعات خارج أوقات الزمن المدرسي، خاصة في السلك الابتدائي؟
ما فائدة الإطلاع على مذكرة تشترط إنجاز نشاطا مسرحيا من أجل التباري، لم يعقد بعدها اجتماع تهييئي، يتخذ الاجراءات العملية لمثل هذا النشاط؟
ذلك أن بعض مضامين المذكرات في شأن إحياء بعض المناسبات أو القيام ببعض الأنشطة الموازية، من مسرح أو حملة توعية لا ينهض بها الأستاذ لوحده، بل لا بد من تشكيل فريق عمل، يتقاسم المسؤوليات والمهام، وإذا كنا نريد فعلا تجاوز الاختلالات التي تعشعش داخل أسوار المدرسة، فهذا جانب مهم يساهم في تعثر بل وإفشال بعض الأنشطة التي تسعى الجهات الوصية إلى تفعيلها، ويؤدي سوء التعامل مع المذكرات، سواء عن قصد أو غير قصد، إلى المساهمة في النمطية التي تقتل العمل المدرسي، والجمود على المقررات الدراسية، بدعوى الالتزام بالحصص التربوية، وكلها مبررات تعكس عقلية محافظة تتخوف من التغيير.
خلاصة القول، إن تفعيل المذكرات الواردة على المؤسسة، مسؤولية الطرفين أي الإدارة والأستاذ، خاصة ذلك النوع من المذكرات التي تدعو إلى إحياء مناسبات أو القيام بحملات، ويفرض على الإدارة ليس نشرها على الأساتذة، بل يجب أن تدعو إلى اجتماعات من أجل تهييئ الإجراءات العملية للشروع في تنفيذها، والأستاذ يحكم
انشغاله بمهام بيداغوجية داخل القسم، لا يقدر وحده على إنجازها.
Aucun commentaire