Home»Enseignement»رسالة التربية على القيم : بين المدرسة والمجتمع

رسالة التربية على القيم : بين المدرسة والمجتمع

0
Shares
PinterestGoogle+

رسالة التربية على القيم : بين المدرسة والمجتمع

ذ. عبد الحفيظ زياني

إن المجتمع باعتباره مؤسسة رمزية، وبنية سسيولوجية ثقافية تستمد تكوينها وكنهها من حضور الذات الفردية وتفاعلها، مشكلة بذلك دينامية جماعية تلعب دور السيطرة والتأثير لإنتاج الوعي الجمعي والتأسيس لطابع الرقابة و التوجيه، استنادا على سلطة عناصر ثلاث : الطابوهات    

الدين، والعادات، وهي عوامل تشكل، مجتمعة، نظاما رمزيا لا يقبل التعديل، الثورة، أو الاختلاف.

ان العوامل المشكلة لهذا النظام، كخليط  غير متجانس، تلعب دورا بارزا في التربية و توجيه السلوك و بناء شخصية الفرد، إلى جانب الأسرة التي تعد النواة الأولى للتربية و التنشئة .

قد لا نبالغ أو نجانب الصواب في حديثنا عن التربية على القيم، كمنظومة تندرج ضمن مسمى الأخلاق، وكفلسفة شمولية لها بعدا يتحكم في السلوك الفردي و يوجهه، بل يروم خلق شخصية سوية لا تتعارض مع توجيهات و رغبات القواعد المسطرة سلفا .

لعل غياب التجاوب و الانسجام بين متطلبات المجتمع ورغبات الفرد هو، بالذات، ما يحدث خللا يتسع باستمرار ليحدث هوة عميقة يصعب علاجها، بل حتى تشخيصها أحيانا، فالعلاقة الثنائية هي علاقة جدلية تنبني على التأثير والتأثر، مما يجعلها متشابكة، و في حركية دائمة، الشيء الذي يساهم وافرا في استبعاد عاملي التدخل أو التوجيه، إذ أن المجتمع هو الموجه الأصل بعد أن تغدى على أفكار الأفراد، ميولاتهم و رغباتهم،  فأضحى يمتلك سلطة نفوذ لا تقاوم، الغريب في الأمر أن الفرد يصبح في فترة معينة راغبا في الثورة على هذه السلطة في اتجاه أولى محاولات التغيير، خلقا للانسجام مع ميولاته و رغباته، لكنه سرعان ما يصطدم بجدار أقوى، بل الأغرب من ذلك أنه في أحيان كثيرة لا يحاول سوى مقاومة كيان قد ساهم سابقا في بناءه و تشكيله .

حتما فإن التربية على القيم تعد من الأدوار الغالبة على المجتمع، الذي يضفي عليه طابع السلطة والرقابة، فنجده في سيرورته قد سن طقوسا وفرض محرمات لا يمكن بأي حال تجاوزها أو محاولة اختراقها، فبالكاد الثورة عليها أو محاولة تغييرها، فالطفل يفضل الفضاء الأوسع، محاولة منه التمرد على مجتمعه الأسري، الذي يجده ضيقا، وقد يهدده بالانعزالية لغياب الأدوار الأساسية: كالتعلم، واكتساب المهارات المستمدة من القرناء، من خلال العلاقة التواصلية الأفقية، قوية التأثير والاستجابة الشرطية السلوكية .

من هنا يكتسب القيم و قد لا يكتسبها، حسب اندماجه في المحيط الخارجي أو نفوره منه، القدرة على التكيف أو التفاعل معه، من خلال دينامية قيمية يلعب فيها الأفراد دور البناء و التأسيس لمنظومة بيداغوجية تستمد طابعها الإيجابي من قدرة الفرد على التأثير، التوجيه، البناء، من خلال الرصيد والحصانة المتراكمة من المؤسسة الأسرية كمنطلق تكوين و صنع لنموذج إنسان يمتلك لقيم الأخلاق .

تبدأ التربية على القيم من الأسرة، كمرحلة أولى، لتكتمل بفعل تدخل المدرسة، التي تملك دور الترميم و تقويم الاعوجاج، فلا يمكن أبدا الإنكار أن المؤسسة التربوية لها أكبر الفضل في تربية الطفل على القيم، إذا ما انتصرت على حساب المجتمع الذي قد يشوش على مسارها، حين يحدث الاختلاف و التجاذب بينهما، مما يهدد بخلق حالة الانفصام الناتج عن تناقض الأهداف و الآليات، و اصطدام الأدوار وتنافرها، فغياب الانسجام   و التكامل في أداء الأدوار كفيل بإحداث اضطراب على مستوى القيم كمنظومة لازالت تتخبط في الوقت الراهن .              

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *