في الرد على مصباح ألجزائري :اسأل خرائط غوغل
رمضان مصباح الإدريسي
يبدو أن الأستاذ مصباح مناس- وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر – باغته ساكن قصر المرادية بوضعية ديبلوماسية انقلابية ،ألقت جانبا بتَقِية عمَّرت عشرات السنين ،لتقول للمغرب وللعالم »بطاي طاي » كما يقول الجزائريون: أنا سبحاني أنا ،وما في الجبة غيري أنا.
ومن هنا ارتباكه وهو يجيب على أسئلة « جزائر نيوز » إجابات » ميساجِية » أقرب إلى تصريف النازلة الأزمة ،كيفما اتفق، وأبعد ما تكون عن الرصانة الأكاديمية ،خصوصا حينما يُغفل جبل الجليد لكي لا يصف غير قمته الطافية:
» الفعل ورد الفعل ،في الديبلوماسية،يجب أن يكون متكافئا: »
منطق دبلوماسي سليم لو تعلق بأزمة طارئة في العلاقة بين دولتين ؛لكن حينما يتعلق بقضية عمَّر افتعالها ،من طرف الجزائر العميقة، قرابة الأربعين عاما، أمضتها في النفث في العقد، واستعداء هيئة الأمم ،وشغلها – وقتا، أطرا ومالا- عن قضايا إنسانية حقيقية ؛فان التسطيح والتبسيط الدبلوماسيين ينمان عن هروب من الموضوع ،وتهيب من كلمة حق تلقى في وجه الحاكم الجائر.
يعتبر الأستاذ وناس،من خلال إجابته هذه، أن الجزائر مقصرة-دبلوماسيا- وهي تدفع بالتروي والتعقل في مواجهة المغرب ،وهو يسحب سفيره للتشاور. ويفهم من كلامه أن المغرب ،بادر هكذا –مزاجيا وبدون سبب معقول- بممارسة « إرهاب » دبلوماسي في حق الجزائر؛وكان عليها أن تمارس حق الرد بالمثل. يتأسس هذا الإخراج الأكاديمي الدبلوماسي ،والغريب،على « قناعة » الأستاذ مصباح بأن رئيسه لم يأت أمرا تنكره الأعراف الدبلوماسية ،بل القوانين الدولية،وهو يتدخل في الشأن المغربي الداخلي مباشرة ،وكأنه يوجه إرشادا إلى أحد ولاته في الجزائر.
من أية جهة صدر الفعل ،ومن المقصر فعلا في رد الفعل؟ لو أنصفت يا أستاذ لقلت بأن المغرب لم يقابل تدخل الرئيس بما يتطلبه من قطع العلاقات كلية ،على الأقل؛ثم اللجوء إلى هيئة الأمم لتوثيق حالة التلبس ،وإنما فضل التروي والدفع بالتي هي أخف وأحسن.
لو تصرف المغرب وفق منطق التكافؤ الذي تقول به لما لامه أحد لأن الجزائر –وهي عسكرية شاكية السلاح في وجهنا- تجر وراءها عشرات السنين من طواف « الهالوين » حول الحمى؛تحت مسمى حق الشعوب في تقرير مصيرها،وكأن الأربعين مليون مغربي لا يشكلون شعبا قرر مصيره ،وحدود جغرافيته –وكانت الجزائر إقليما من أقاليمها- منذ قرون خلت.
ويدلي الأكاديمي مصباح بتبرير غريب ل »تعقل » الجزائر؛فهو يراه راجعا إلى كون » الحالة الداخلية في الجزائر والمغرب مختلفة ». كلام مُبهم ،وحَمَّال أوجه في نفس الوقت؛ومن هذه الأوجه ما بُث في باقي الإجابات ،ومن أهمها كون المغرب ممتعضا بفعل أزماته السياسية والاقتصادية ،ومن هنا حذر الجزائر من الوقوع في فخ تصريف هذه الأزمات.ويفصل أكثر حينما يفسر أزماتنا بإغلاق الحدود ،وتضرر المغرب ،فقط، من هذا الإغلاق.
طبعا في مقابل هذا الوضع المغربي المأزوم ،اقتصاديا و سياسيا، وضع جزائري يرفل في نعيم الوفرة ويجر ذيول الديمقراطية، و « يْزِيخ ْ بها » حسب اللسان الجزائري(يتباهى بها).
هكذا يخرج الأكاديمي من حرم الجامعة ليلج ثكنة عسكرية ،ويعب من تراثها الاديولوجي الذي كان ،في ما مضى، صدى للحرب الباردة،بمكبرات صوت ؛وحينما وضعت أوزارها كان الإدمان قد فعل فعله فأصرت الآذان على مواصلة الاستماع والرواية ،ولو عن الأشباح فقط.
قالها هواري بومدين –سنة 1975-عن « جيش الفقراء » الذين « غزا بهم الحسن الثاني الصحراء » ،ثم توالت عشرات السنين من الاعمار الراقي لهذه الصحراء ،مما عجزت الجزائر عن تحقيقه حتى لشعبها من الطوارق الذين يتحركون مسترزقين بقوافل من الملح فوق آبار الذهب.
إن المغرب يواصل اعمار صحرائه دون أن يسأل عن أعماقها ،وتواصل الجزائر إفقار أعماق صحرائها دون أن تسأل عن ساكنتها. لا مبالغة في هذا ،ولا خدمة لبلاط أحد- كما توهم أحدهم-بل هو الواقع الذي يشهد على قولي ،والقول مسؤولية،ويشهد على أن ما وراء » تامنراست » جنوبا ،وما وراء ،وما أحاط بعين أم الناس التي شاهدها العالم أجمع ،إلا الربع الخالي الآخر ،حيث لادولة غير ما يحبل به المستقبل الطوارقي،ان واصلت الجزائر نهجها التفريقي للشعوب.
المغرب الفلاحي الشبعان برزقه الحلال،وفيه فقراء ولا نخجل من هذا ؛ في مواجهة الجزائر النفطية ،حيث تتمدد « الميزيرية » جنبا إلى جنب مع الثراء الفاحش. من هنا يبدأ التحليل الصادق يا سميي.
خير شاهد على ما أقول خرائط غوغل فقط ،فحاولها لتعرف عن أي مغرب تتحدث وعن أي جزائر تصمت.ثم تشجع وأعط تبريرا صادقا لانتفاضات ساكنة الجنوب الجزائري ،شعب « تنهنان ».
قمة التناقض:
يقول الأستاذ مصباح:
« لكن الإشكال في النظام الملكي الذي لم يستوعب بعد أن في المبادئ الدبلوماسية الجزائرية تُسوى النزاعات الثنائية بين طرفي النزاع في إطار أممي، والقضية الصحراوية يشملها هذا المبدأ الدبلوماسي الجزائري »
نعم صدقت تسوى النزاعات الثنائية في إطار أممي ؛لكن من أين تثليث النزاع في صحراء المغرب؟ أمن المغرب أم من الجزائر؟ وحتى نلازم حدود النازلة الدبلوماسية ،من طال أنفه إلى أن تشمم حقوق الإنسان في صحرائنا ،وتوهم تلك الرائحة التي في باب الوأد ،وكل أبواب الفقر الجزائري الذي لم يقتله فارس اسمه النفط؟
ها أنت تؤكد صحة كونك ،وأنت الأكاديمي،قد باغتك قصر المرادية بحدائق غير حدائقه المعهودة.
نعم صدقت و ألزمت ،فاطلب من رئيسك أن يلزم،ولا تردد قول الأحذية الثقيلة فلها حساباتها خارج الأعراف الأكاديمية.
جربوا- في إطار ثنائية النزاع التي تقول بها ولا تؤمن بها الا سرا- أن تبتعدوا ،عسكريا، عن مخيمات تندوف ،وتتركوا الخيار لمحتجزيها في البقاء أو المغادرة ؛ وسترون كيف ستخرج ملكات النمل بجحافلها ،والى أين ستتجه بعيدا عن سليمان وجنوده.
جربوا واتركوا العالم يشهد، وأريحوا هيئة الأمم من صراع مفتعل على حساب مناطق الصراع الحقيقية في العالم ،ومنها فلسطين السليبة.
الحدود الموروثة عن الاستعمار:
بدأت السرعة الثانية للمغرب في إحقاق حقوقه الترابية كاملة تؤتي أكلها إذ يكشف السائل والأستاذ مصباح عن ورطة جزائرية جراء « التراخي » عن ترسيم حدودها في هيئة الأمم. لنُبَسط ،ما زحين فقط، ونقول فعلها شباط.
ويوثق الأستاذ كلامه بمرجعية ثقيلة – كجبل أحد- دون أن يرف له جفن: »الحدود التي ورثتها الجزائر عن الاستعمار ». ها قد اعترفتم بألا مرجعية ترابية لكم عدا خرائط المستعمر التي تستند الى اتفاقية لالة مغنية التي فاوض فيها مغربي برتبة قائد أو عامل،كبار جنرالات فرنسا.(من الخيمة خرج مايل).
والله منطق يستقيم لحنا مع « القصبة » الجزائرية. تُحاجُّون المغرب بغطرسة فرنسا الاستعمارية ،وجهلها حتى بمكونات القبائل المغربية التي شتت شملها ،ما بين قصبة عجرود و ثنية الساسي.
ربما لو قلتم الحدود التركية لكان أخف وأهون؛لأن الأتراك كانوا أصحاب خلافة إسلامية.
عيب أن يستقوي الجار على جاره بقبعة الجنرال اليوطي،وهو يعلم أن كل الدول التي تعاقبت على المغرب لم تعتبر نفسها أبدا – وبيننا التاريخ- محتلة للجزائر لأن الأمر كان يتعلق بجغرافية واحدة ،وستظل دولة الموحدين تجربة راقية ،ومثالا رائعا ستكرره ،ضرورة،الأجيال المقبلة ؛التي لن تدلي بوثائق ليوطي ،وإنما بأرشيفات المولى إدريس ويوسف بن تاشفين ومحمد بن تومرت و لكومي وغيرهم.
إلى أن تُصحح المرجعيات أعتقد أن المغرب على استعداد ليفتح ملف الحدود الشرقية على مستوى هيئة
الأمم المتحدة،خصوصا وأن ما جرى من اتفاق بخصوصها،بين الراحلين، لم يتضمن أن تستقبل الجزائر مواطنين مغاربة فارين من بلدهم ،وتقيم لهم دولة خيام في تندوف التي لم يتنازل عنها أبدا الشعب المغربي. عسى أن يؤدي توسيع القضية الى حل جذري لها ،ولكل شبر عالق بيننا .
وأختم بدعوة الأستاذ مصباح الى احترام أكاديميته وألا ينساق لرئيس مريض مرض الموت ؛وهو يعلم ،فِقْها ، ألا بيعَ ولا شراء ولا وصية تُقبل منه ،ودليلي –كما مرجعيتكم- الوثائق الطبية الفرنسية.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com
Aucun commentaire