Home»International»إلى حكام الجزائر‮..‬آسف أرفض دعوتكم

إلى حكام الجزائر‮..‬آسف أرفض دعوتكم

0
Shares
PinterestGoogle+

أن تتصل بي‮ ‬وكالات فرنسية مختصة في‮ ‬التواصل لدعوتي‮ ‬لمهرجان فني‮ ‬أو ثقافي‮ ‬في‮ ‬هذه الدولة أو تلك شيء اعتدت عليه منذ أن بدأت العمل التلفزيوني‮ ‬في‮ ‬باريس،فبعض الجهات المنظمة باتت تفضل تكليف وكالات مختصة في‮ ‬التواصل مع الصحافيين بهذه المهمة بهدف الوصول إلى صحافيين دون عناء البحث عن بياناتهم واحدا واحدا‮.‬

ما لم أكن اتوقعه هو أن تتصل بي‮ ‬إحدى هذه الوكالات الفرنسية لتعرض علي‮ ‬المشاركة كصحافي‮ ‬في‮ ‬مناسبة‮ ‬يريدها منظموها تحريضية ضد بلدي‮ ‬و عدائية لوحدته الترابية‮.‬

حين رن هاتفي‮ ‬كانت مخاطبتي‮ ‬سيدة فرنسية قدمت لي‮ ‬نفسها باسم الوكالة التي‮ ‬تعمل لفائدتها،لتعرض علي‮ ‬أن أكون ضمن وفد فرنسي‮ ‬يتوجه إلى مخيمات تندوف في‮ ‬الجزائر،مع قضاء ليلتين في‮ ‬فندف فاخر في‮ ‬الجزائر العاصمة و كل هذا دون أن أدفع فلسا واحدا،بل و إن الجهة المنظمة تعدني‮ ‬بمصروف جيب و تعويض عن الرحلة و التنقل و بعض الهدايا التذكارية‮.‬

سألتها من تكون الجهة المنظمة،فردت علي‮ ‬كل شيء سيكون على نفقة الحكومة الجزائرية و‮ ‬يمكن أن أقترح عليهم أسماءا أخرى أيضا إن أردت أن تشاركني‮ ‬الرحلة‮.‬

و حسب ما فهمته من مخاطبتي‮ ‬الفرنسية أن المطلوب منهم هو دعوة مائة شخصية من فرنسا و تنظيم رحلة لها إلى مخيمات تندوف،بهدف تعريفهم على وضع من أسمتهم ب »اللاجئين الصحراويين في‮ ‬هذه المخيمات،و التضامن معهم و نقل معاناتهم إلى الخارج‮ ».‬

استغربت الأمر و سألتها قائلا‮  » ‬عفوا هل تعرفين جنسيتي‮ ‬؟‮ ‬‭ »..‬فردت‮ : « ‬حضرتك فرنسي‮ ‬الجنسية اليس كذلك ؟‮ » ‬قلت لها‮ : ‬‭ »‬بلى لكني‮ ‬أيضا مواطن مغربي‮ ‬و أدعم وحدة تراب بلدي‮ ‬حتى النخاع و لا‮ ‬يمكن أن أشارك في‮ ‬أي‮ ‬عمل عدائي‮ ‬ضده هل تفهمون هذا ؟‮ ».‬

شعرت بمخاطبتي‮ ‬و كأنها لا تعلم شيئا حتى عن موقع مخيمات تندوف و لا طبيعة القضية و أصل النزاع،و عبرت عن ذلك صراحة حين قالت لي‮ : ‬‭ »‬نحن لا نعرف أصلا الموضوع و دورنا فقط جمع الضيوف و تنظيم الرحلة‮..‬فهل حضرتك موافق حتى أرسل لك تذكرة إلكترونية للطائرة ذهابا و إيابا و سنتكفل بموضوع التأشيرة‮ ».‬

‭ ‬
اعتذرت لمخاطبتي‮ ‬بلباقة و في‮ ‬نفس الوقت تحسرت على أموال الشعب الجزائري‮ ‬التي‮ ‬تبعثر‮ ‬يمينا و‮ ‬يسارا و هو في‮ ‬أمس الحاجة إليها،فما معنى تسخير أموال طائلة لتنظيم رحلات هدفها فقط التحريض ضد بلد جار و توسيع الهوة بين الشعبين الشقيقين و إشعال الفتن و بالتالي‮ ‬جر المنطقة نحو عدم الاستقرار؟

من‮ ‬يومين أيضا أخبرتني‮ ‬صديقة فرنسية تترأس منظمة اجتماعية أن صحافية سابقة في‮ ‬التلفزيون الجزائري‮ ‬تقيم في‮ ‬باريس اتصلت بها لتعرض عليها كذلك المشاركة في‮ ‬نشاط مواز في‮ ‬تندوف،حيث تسعى السلطات الجزائرية إلى تنظيم رحلة لخمسين شخصية نسائية من فرنسا للتعريف ب »قضية الصحراويين‮ » ‬لكنها أيضا اعتذرت لأسباب مهنية‮.‬

و استغربت صديقتي‮ ‬الفرنسية من إصرار الصحافية الجزائرية و تذكيرها مرارا بأن كل النفقات مدفوعة سلفا من حكومة بلدها،و لن تنفق سنتا واحدا مع محاولة إغراءها بجمال الطبيعة في‮ ‬الصحراء و فخامة الفندق الذي‮ ‬ستقيم فيه رفقة باقي‮ ‬الشخصيات النسائية لعلها توافق‮.‬

هذه الأموال الضخمة التي‮ ‬تنثر هنا و هناك تحت اسم‮ « ‬دعم الشعب الصحراوي‮ ‬في‮ ‬تقرير المصير‮ »‬،كان‮ ‬يجدر إنفاقها في‮ ‬تحسين مستوى عيش الإنسان الجزائري‮ ‬أولا،لأن الجزائر التي‮ ‬تصنف ضمن أهم الدول المصدرة للنفط و الغاز في‮ ‬العالم‮ ‬يعيش أكثر من ربع سكانها تحت عتبة الفقر المدقع على الرغم من الأرباح الكبيرة التي‮ ‬تجنيها الدولة من خلال الارتفاع المتواصل لأسعار النفط،وهو ما‮ ‬يجعل الكثير من الجزائريين‮ ‬يتساءلون عمَّا‮ ‬يحصل في‮ ‬الواقع بالدولارات النفطية‮.‬

كيف لدولة تصنف بمداخيلها النفطية ضمن الدول الغنية،بينما شعبها تضعه الأمم المتحدة في‮ ‬لائحة شعوب العالم الفقيرة وفق تصنيف التنمية البشرية،أن تسخر كل هذا الجهد و المال لإلحاق الضرر ببلد جار و شقيق‮.‬

ما‮ ‬يقوم به النظام الجزائري‮ ‬من تبذير لأموال شعبه حتما لن‮ ‬يعود بالربح على الجزائريين،فهناك أعداد لا تحصى من المتسولين من رجال ونساء وأطفال‮ ‬يسكنون في‮ ‬العاصمة في‮ ‬أكواخ هربًا من المناطق الريفية الفقيرة التي‮ ‬لم تمسها نعمة الدولارات النفطية على الإطلاق‮.‬

كان أولى على الحكومة الجزائرية أن تنفق هذه الأموال على عدة مناطق في‮ ‬الجزائر تعاني‮ ‬عزلة تامة كما هو الحال في‮ ‬عين أميناس و عين الدفلة و‮ ‬غيرهما من المناطق التي‮ ‬تضررت كثيرا من موجة الإرهاب التي‮ ‬ضربت البلاد خلال العشرية السوداء في‮ ‬التسعينيات،فالجميع‮ ‬يعلم أن الظلم الاجتماعي‮ ‬وسوء توزيع الدولارات النفطية في‮ ‬تلك الفترة كان عاملا رئيسيا في‮ ‬فوز اجبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة بالانتخابات‮.‬

الجزائر استفادت كثيرا من فائض الميزانية السنوية في‮ ‬تسديد ديونها الخارجية قبل حلول ميعاد سدادها،‮ ‬حيث انخفضت مديونية الدولة خلال اربعة أعوام من‮ ‬23‮ ‬مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار وهو ما‮ ‬يجعل الكثير من المنتقدين‮ ‬يقولون إن الحكومة الجزائرية لم تعد تعرف ما‮ ‬يجب عليها ان تفعل بالاموال الكثيرة،لدرجة أنها عرضت حتى على صندوق النقد الدولي‮ ‬استخدام هذه الأموال كوديعة لحل أزمات أوروبا المالية،‮ ‬على الرغم من ان قسمًا كبيرًا من الشعب الجزائري‮ ‬يعاني‮ ‬نقصا في‮ ‬المواد الضرورية للحياة والمشاريع الخدمية في‮ ‬انحاء الدولة،بل و منهم من‮ ‬يحرم حتى من الماء الشروب أو انقطاعه المتكرر في‮ ‬اكبر المدن الجزائرية كوهران و الجزائر العاصمة‮.‬

باختصار بعد مرور طل هذه الأعوام الطويلة على افتعال مشكلة الصحراء،‮ ‬وبعد كل المفاوضات العسيرة دون نتيجة،‮ ‬أعتقد في‮ ‬نهاية المطاف أن الجزائر هي‮ ‬التي‮ ‬يجب أن تكون المفاوَض الرئيسي‮ ‬في‮ ‬الملف‮.‬

الجميع بات‮ ‬يعلم اليوم ان الأموال الجزائرية هي‮ ‬التي‮ ‬تدفع الشباب داخل الصحراء وفي‮ ‬المدن الجامعية المغربية الى اللجوء إلى فن حرب العصابات و مناوشة القوات العمومية المغربية،‮ ‬و جرها الى الصدامات المتكررة بهدف الوقوع في‮ ‬فخ خروقات حقوق الانسان،‮ ‬و بعد ذلك تشويه الحقائق و تزييف الوقائع على الأرض،‮ ‬عن طريق خلق ضجة اعلامية و حقوقية عالمية ضد المغرب،‮ ‬و تقديمه للرأي‮ ‬العام الدولي‮ ‬على اساس انه دولة مارقة لا تحترم حقوق الإنسان‮.‬

خطة تصدير أدوات الحرق و الذبح رغم أنها نجحت نسبيا مستغلة و جود تربة صالحة للتنفيذ إلا انها لم‮ ‬يكتب له النجاح بسبب حكمة و تعقل المغاربة،‮ ‬فالمؤامرة معقدة و المغامرة متشبعة و لها اذرع كبيرة و تفاصيلها بدأت تظهر شيئا فشيئا‮..‬و لكم في‮ ‬الرحلات المجانية المدفوعة نفقاتها سلفا خير دليل‮.‬

‭* ‬صحافي‮ ‬و إعلامي‮ ‬مغربي‮ ‬مقيم في‮ ‬باريس

‬محمد واموسي‮ /  ‬العلم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *