Home»Enseignement»اصلاح منظومة التفتيش اية استراتجية؟

اصلاح منظومة التفتيش اية استراتجية؟

1
Shares
PinterestGoogle+

 

اصلاح منظومة التفتيش اية استراتجية؟

 

التقويم التطويري لمردود المؤسسة التعليمية

بين الممارسة التقليدية والحديثة (2)

 

·        في السياق

تشهد منظومة التربية الوطنية في الآونة الأخيرة حركية لها علاقة من قريب أو من بعيد بما سمي « الربيع العربي »، إذ أن التعليم يعتبر قطاعا اجتماعيا بامتياز يمس شريحة واسعة من المجتمع تأثيرا وتأثرا، لذا يمكن ملاحظة أن الدولة ممثلة في السلطة الوصية حركت بعضا من « إرادة الإصلاح » المختلف حول شدة عزمها وصوابية مقدماتها وخصائصها وكذا مآلاتها. في هذا السياق أقدمت الوزارة الوصية على فتح عدة أوراش على رأسها إصلاح نسق التقويم من خلال إعادة هيكلة هيأة التفتيش بالمنظومة، وقد عقد وزير التربية الوطنية لهذا الغرض مؤخرا، عدة لقاءات مع المفتشين بجميع تخصصاتهم حول الموضوع الآنف الذكر، ركزت أساسا وتصريحا ومن خلال ما هو معلن عنه، على نية رد الاعتبار إلى الهيئة وتوسيع مهامها مع تفعيلها ومأسسة تدخلاتها وجعل التقويم احد أهم أدوارها؛ غني عن التذكير الإشارة إلى أن هذه الهيأة ولكي تغدو فاعلة وفعالة وناجعة، لابد لها أن تباشر تدخلاتها في استقلالية عن الإدارة محليا وجهويا وتنتسب إداريا إلى المفتشية العامة وفي هذا الصدد يتم تداول مفهوم « المفتش الرئيسي » كمقترح جديد في الهيكلة المزمع إرساؤها، لكن لابد من ملاحظة أن هذا المفهوم المستورد من المنظومة التربوية الفرنسية حيث نما وترعرع ضمن سياقها يعتبر بنية ومؤسسة قائمة بذاتها وليس شخصا أو فردا يلمع نجمه بقوة شخصيته  ويخبو أو يزول فعله وأثره بضعف أو زوال إشعاع الفرد الحامل لهذا اللقب، لهذا كان من شروط إنجاح الهيكلة الجديدة اعتماد مقاربة المأسسة،  (Institutionnalisation)  ، مشكل المأسسة هذا، هو ما حصل بالضبط للمجلس الأعلى للتعليم الذي اصدر تقريرا أولا وأخيرا عام 2008، تم أخلد إلى الراحة الأبدية،إن للتقويم المؤسسي والمنتظم والشامل  وظيفة أساسية وهي توفير تغذية راجعة تقويمية حول أثر البرنامج التربوي على سلوك المتعلمين، وفي الآن نفسه، حول أداء الموارد البشرية خاصة في الممارسة الصفية، وبما أن التفتيش كما يمارس حاليا غير ناجع لأسباب معظمها موضوعي، (غياب المأسسة، عدم استثمار التقارير، التهميش، والتفييء، مشكلة الانتساب الإداري والاستقلالية، قلة الموارد وضعف التغطية…) يعتبر مغرقا في الأساليب التقليدية العتيقة للتقويم الموسومة بالشخصانية وتصنُّع الوضعيات الصفية وغيرها باتفاق مسبق بين المفتش والمفتَّش وبتزكية غير معلنة من الإدارة، هذه الممارسات لا علاقة لها بواقع التعلم والتعليم (دون تعميم طبعا، فنحن لا نتهم أحدا بعينه بالتقصير وإنما نرصد ونصف واقعا مختلا ضمن بيئة وبنية هي أيضا مختلة)، أيضا الواقع الحالي للتفتيش تعوزه الموضوعية والعلمية لذا يثير الكثير من المشاكل المرتبطة بالذاتية في إصدار الأحكام، كما تنقصه الشمولية ويعاني من الاختزال، ولا يوفر تغذية راجعة يمكن استثمارها لتطوير الفعل التربوي كما انه في معظمه جزائي غير تكويني  (Formative)، هذا فضلا عن ضعف البنية التحتية للمنظومة ككل والتي تمتص موارد جمة لكن دون افتحاص ولا صيانة وحراسة، خاصة في البادية؛ زيادة عن هذا، هناك استنزاف تتعرض له المدرسة العمومية من طرف القطاع الخاص؛ إن الإصلاح الذي لا تحكمه إستراتجية وإرادة واضحة وتشاركية، يضل حبرا على ورق ويدخل في خانة  تنفيس الاحتقانات والضبط والتحكم في ساحة تتميز بالغليان والمتناقضات والتفييء، خاصة إذا استحضرنا السياق المحلي والإقليمي، وزيادة منا في توضيح العديد من المفاهيم التي تطرحها إشكالية التقويم بمفهومه التقليدي والحديث، وكما بينا من خلال طرح بعض من أوجهها وتجلياتها، ندلي بالمقالة الثانية التالية، والتي سنتطرق من خلالها إلى مفهوم التقويم التقليدي أو غير النظامي، والتقويم بمفهومه الحديث أو النظامي،كما نعرض لنماذج التقويم المؤسسي التطويري لأداء المؤسسة وأهم وظائفه وأدواره.         

·        التقويم النظامي والتقويم غير النظامي(أو الحديث والتقليدي)

      التقويم غير النظامي حسب ستاك Stake, (1969) «يكون نتيجة لملاحظة سطحية غير علمية (أو غير معللة) أو بناء على أهداف غير واضحة أو غير معلنة ويكون تبعا للحدس والأحكام الذاتية»[1] وقد يتطابق مع الحقيقة والأهداف التي نتوخاها، لكنه يبقى في كل الأحوال غير مؤسس على معايير ومحكات محددة وموضوعية، ولا يكون وفق منهجية، وقواعد علمية، وليس له إستراتجية. وبناء عليه يعرف نادو(1988) التقويم النظامي كما يلي: «التقويم المنهجي والعلمي و »النظامي » في التربية، يقتضي تحديد قيمة الظاهرة التربوية، بطريقة نظامية»[2] ؛ وتأكيدا على أهمية الاستناد إلى معطيات في إصدار الأحكام التقويمية، يعتبر شارل حاجي (1992) أن التقويم هو نتاج وحصيلة للمجابهة بين نوعين من البيانات نوع يخص الواقع الفعلي والملاحظ للشيء أو الحدث المراد تقويمه؛ وبيانات أخرى مثالية تنبع من ما نتوخاه أو نرسمه كأهداف وانتظارات ومشاريع ترتبط بهذا الشيء[3]. هكذا إذن فميدان التربية لا يقبل « التقويم غير النظامي » بأي حال من الأحوال، نظرا للانعكاسات التي يمكن أن تترتب عنه بالنسبة لمستقبل التلاميذ، سواء تعلق الأمر بموضوع التعلم أو التسيير أو المقررات. فإصدار حكم قيمة متسرع أو مبني على الحدس والانطباعات، أو غير مؤسس على المعطيات، والمعلومات الدقيقة والموضوعية والصادقة، يمكن أن تتولد عنه نتائج غير ايجابية ولمدة غير يسيرة من الزمن.

بناءً عليه، فتقويم أداء مؤسسة تعليمية ما ولكي يكون نظاميا، يتعين أن يأخذ بعين الاعتبار جل العوامل، التي تؤثر سلبا أو إيجابا في هذا الأداء مثل: المناخ التنظيمي والتواصلي السائد بالمؤسسة؛ ما مدى ملائمة فضاءات المؤسسة للعملية التعليمية؛ مستوى تأهيل الأساتذة؛ التأطير الإداري والتقني بالمؤسسة؛ محيط المؤسسة؛ ما مدى ملائمة المقررات وتطابقها مع الأهداف؛ بالإضافة إلى الرضا المهني لدى العاملين بالمؤسسة وغيره…وفي حالة عدم اخذ كل هذه العوامل بعين الاعتبار فسنكون أمام تقويم غير نظامي أيضا. وبما أن مفهوم تقويم المؤسسة التعليمية لا ينفصل عن تقويم البرنامج التربوي ذاته، فلا بد من إيراد مجموعة من المفاهيم والنماذج[4]، المرتبطة بتقويم البرنامج التربوي، زيادة في بسط  ومقاربة موضوع تقويم المؤسسة التعليمية.

·       نماذج التقويم المؤسسي[5]

أما بالنسبة للنماذج التي اهتمت بالتقويم فتتفق معظمها على تحديد موضوع هذا التقويم في ثلاثة مستويات أساسية وهي: تقويم مدخلات المؤسسة التعليمية؛  تقويم عمليات المنهاج أو السيرورات ؛ تقويم مخرجات المؤسسة؛ وفي نفس الصدد يقدم ستافلبيم نموذجا[6]، يوضّح هذه المستويات التقويمية، كل على حدة.

Ø              نموذج (stufflbeam.1974) : ينبني على: (1) تقويم السياق العام والبيئة المحيطة والحاضنة للمؤسسة التعليمية، قصد توفير الأساس النظري السليم لتحديد الأهداف التربوية العامة، والأهداف السلوكية الخاصة بالبرنامج التربوي، كما يتم تحديد العناصر ذات الصلة بالموقف العام أو المحيط، والتي تساعد على تحديد المشكلات والاحتياجات، (2) تقويم المدخلات ويتم فيه توفير المعلومات والاستراتجيات الملائمة، وتقييم الموارد والبنايات؛ (3) تقويم العمليات، أو السيرورة،  وذالك من اجل تحديد جوانب النقص في الخطوات التنفيذية، وما يتطلب ذالك من تطوير أو تعديل؛ (4) تقويم المخرجات أو النواتج التعليمية، ويتم خلال هذه العملية قياس وتفسير ما تم تحقيقه من أهداف. لقد تم التطرق إلى مستويات التقويم وأنواعه من خلال هذه النماذج خاصة الأخير منها، لكن بنوع من الإجمال والاقتضاب دون تفصيل وسنعود إلى هذه المجالات والأنواع بقدر من التوسع فيما سيأتي من فقرات.      

Ø              نموذج (Hammond, 1973): يركز على: (1) تحديد مجالات المنهج أو البرنامج المدرسي المراد تقويمه؛ (2) تحديد المتغيرات ذات العلاقة بهذه المجالات؛ (3) تحديد الأهداف بصيغة إجرائية؛ (4) تقويم السلوك الذي تحدثه الأهداف الإجرائية؛ (5) تحليل النتائج لمعرفة مدى تحقق كل هدف على حدة.

·       أبعاد التقويم التطويري للمؤسسة

أ‌         التقويم كمرادف للقياس: ساد خلال الثلاثينات من القرن العشرين تعريف التقويم كمرادف للقياس، حيث يعرفه كل من تورنديك (Thorndike) وهاجن  (Hagen) على انه عملية تعتمد «على تقنيات جيدة للقياس من اجل توفير قاعدة صلبة وضرورية لإصدار أحكام صحيحة…»[7] أيضا آبل (Abel),  يعرف التقويم على انه: «حكم مستحق، يقتصر إصداره في بعض الأحيان، على القياس فقط، مثل المعطيات التي يمنحها قياس المردود والأداء بواسطة الروائز، لكن في معظم الأحيان يكون نتيجة لتركيب عدة قياسات وتقييمات وتقديرات، تهم أحداثا دالة وتصاحبها انطباعات ذاتية بالإضافة إلى حقائق واضحة ومتنوعة…»[8]، لكن اختزال التقويم في تكميم أداء أو سلوك أو ممارسة ما، يجعل منه مجرد تحديد محايد لوضع معين. بينما هو كما تم تعريفه سابقا، يهدف أساسا إلى الحكم على قيمة الشيء، أما القياس فيعتبر عملا حياديا لا ينطوي على أي حكم قيمة على هذا الأداء، هكذا إذن عندما نعرّف التقويم على انه مرادف للقياس والتنقيط فإننا لا نعدو أن نختزله في احد آلياته ومظاهره التي هي القياس.

ب‌  التقويم كمرادف للحكم على مدى تحقق الأهداف التعليمية والتربوية للمؤسسة:هناك تعاريف أخرى تعتبر التقويم مرادفا لقياس مدى التطابق بين الهدف والتغيُّر الذي يطرأ على مستوى السلوك إي قياس مدى تحقق الأهداف السلوكية من خلال إخضاع مدخلات المؤسسة للبرامج والمناهج المعتمدة. فحسب ستافلبيم وآخرين(1974) يذكر تايلور «أن التقويم عملية تقتضي أساسا العمل على تحديد مستوى تحقق الأهداف التربوية المسطرة في المقررات الدراسية، وبما أن هذه الأهداف ترمي أساسا […] إلى إحداث تغييرات مرغوب فيها، في سلوك التلاميذ، فان التقويم بهذا المعنى يقتضي العمل على تحديد ما مدى تحقق هذه التغييرات على مستوى السلوك»[9] هذا التعريف له بعض المزايا ولكن لا يخلو من عيوب: فهو يزودنا بمعطيات ومعلومات حول كل من التلميذ والمقررات الدراسية، وحول سير العملية التعليمية ومخرجاتها ككل، كما أنه بهذا المعنى يعتبر مندمجا في العملية التعليمية، ويجعل من إمكانية الاستدراك والمراجعة فعلا ممكنا، لأنه يرتبط مباشرة بالأهداف ومعايير تحققها، أما عيوبه فمنها: انه يختزل دور المقوم في الجوانب التقنية فقط، كما انه يختزل كل الفعل التربوي في مدى تحقق الأهداف والتي قد لا تكون شاملة، أو غير آنية ولحظية؛ لا تتبلور إلا على المدى البعيد أو المتوسط، كما يعتبر إحداث تغيير على مستوى السلوك، المعيار الأسمى للحكم على مدى نجاعة الفعل التربوي، كما انه يجعل من التقويم عملية تأتي بعد إنهاء الفعل التربوي (عملية ختامية) وليست سيرورة بنائية تطويرية تعديلية يمكن أن تصاحب العملية التعليمية من أولها إلى آخرها.

ت‌  التقويم التطويري وعملية اتخاذ القرار:ركز مجموعة من الباحثين على عملية اتخاذ القرار كبعد من أبعاد سيرورة التقويم[10] : حيث يعرف كرونباخ (Cronbach,1963) التقويم على انه «تجميع واستثمار للمعلومات بهدف اتخاذ قرارات في شأن برنامج تربوي معين». آلكن )1969(Alkin, أيضا يركز على عملية اتخاذ القرار حين يعرف التقويم كإجراء: «(1): نفحص من خلاله المجالات التربوية المعنية قصد اتخاذ القرارات في شأنها؛ (2): نحدد، نجمع، ونحلل المعلومات الضرورية لصناعة القرار؛ (3): نضع بين يدي متخذ القرار هذه المعلومات لتمكينه من المفاضلة بين مجموعة من الحلول». أيضا ستافلبيم (1974) يتبنى طرح آلكن السابق، بتأكيده على أن التقويم «سيرورة تقتضي تحديد، وتوفير وإعداد المعلومات الكفيلة بالحكم والمفاضلة بين عدد من القرارات الممكنة»[11] يتبين من خلال ما سبق أن لا فائدة ترجى من تقويم تقليدي لا يؤدي إلى اتخاذ قرارات تطويرية، تحسينية، تصحيحية وتعديلية لتجديد وتطوير أداء المؤسسة ومنظومة التربية والتكوين ككل، وتجاوز اختلالاتها وتنمية الفعل والممارسة التربويين بالمؤسسات التعليمية، وجعلها تستجيب أكثر لحاجات التلميذ المعرفية، والوجدانية، والحركية، الأمر الذي يجعلنا نستنتج أن للتقويم وجها اجتماعيا من خلال أحكام القيمة التي يتمخض عنها.

ادوار التقويم التطويري للمؤسسة ووظائفه

حسب محمود علام (2000) من خلال التقويم «يمكن التعرف على مدى فاعلية أنشطة تربوية معينة وفقا لمحكات محددة، ومعرفة ما إذا كان تأثير نشاط أو برنامج معين أفضل من تأثير نشاط أو برنامج آخر، أو التعرف على التغيرات التي حصلت من جراء تنفيذ نشاط أو برنامج معين على جماعة ذات خصائص معينة، وما إذا كان استخدام أو تنفيذ برنامج معين يوازي كلفة إعداده»[12].

وحسب الباحث السابق تتعدد ادوار التقويم في المجال التربوي: فله دور في عملية بناء المناهج الدراسية، وفي التجارب الميدانية التجديدية المتعلقة بتحسين عملية التعليم والتعلم، وفي انتقاء أفضل الاستراتجيات والتقنيات التربوية، وفي الحكم على استمرار برنامج تربوي معين أو تعديله أو إلغائه، كما أن للتقويم دورا بالغ الأهمية في متابعة التقدم الدراسي للتلاميذ، وتحديد مستواهم التحصيلي، وتوجيههم دراسيا ومهنيا. ولهذا لا يجب أن نخلط بين ادوار التقويم وأهدافه، فعادة، يكون للتقويم أدوارا متعددة، ويرتبط بكل دور من هذه الأدوار العديد من الأهداف؛ حيث على سبيل المثال، أثناء عملية بناء وتصميم برنامج تعليمي يتمثل احد ادوار التقويم، في تحسين وتطوير المنهج ويرتبط بهذا الدور العديد من الأهداف التي تفرضها أسئلة من قبيل، هل أهداف البرنامج واضحة وضوحا تاما؟ وهل تسير عملية بناء وتصميم البرنامج وفق هذه الأهداف بالفعل؟ وهل أهداف البرنامج تشمل كل مجالات التعلم من معارف وانفعالات ومجال حسي-حركي؟ وهكذا، أي أن دور التقويم يتعلق بموضوع التقويم أو النشاط المراد تقويمه، بينما أهداف التقويم تتعلق بالأسئلة التي نريد الإجابة عنها من خلال التقويم، والتي تدور حول إمكانية وفاعلية إعداد وتصميم هذا النشاط. عموما يمكن رصد دورين رئيسين للتقويم التربوي، عدا الأدوار الأخرى، وهما الدور التحسيني والتطويري، أو التكويني البنائي، والدور الإجمالي الختامي فالدور التطويري والبنائي يهدف للكشف عن مواطن الضعف ونقاط القوة في أداء المؤسسة والبرنامج التعليمي خلال تنفيذه، بغرض مراجعة مكوناته وتعديلها وتطويرها، كما نلجأ للتقويم التكويني أثناء العملية التعليمية للكشف عن مدى تحقق أهداف البرنامج ولمعالجة تعثرات تعلم التلاميذ، أو لتعديل طرق التدريس…؛ أما الدور الإجمالي الختامي فهو للكشف عن مدى تحقيق البرنامج لأهدافه بعد التنفيذ، أو نلجأ للتقويم الإجمالي من اجل تحديد مستوى التحصيل لدى التلاميذ عند نهاية طور دراسي معين، قصد اتخاذ قرارات إشهادية، حول كفاءاتهم، ولعل هذا التمييز بين أهداف التقويم وأدواره، سيكون كفيلا بإزالة «التخوف والقلق الذي يعتري كل من يسمع كلمة تقويم»[13]، وهو على أية حال تخوف وقلق مصطنعين ولا مبررا لهما إذا كان التقويم مؤسسيا وتكوينيا يتجاوز المقاربة التقليدية في المجال، حيث غالبا ما ارتبطت عملية التقويم بالكشف عن مواطن الضعف والقصور سواء في الأدوات أو الأفراد أو في المؤسسات، أو في الإمكانات المادية والبشرية، وهذه وظيفة تضل ناقصة  دون التركيز بما يكفي على الوظيفة الايجابية والبناءة لمفهوم التقويم، وعلى دوره البنائي والتكويني البالغ الأهمية. زيادة على هذا، يرصد كيرني (quernet.j.1987)[14] ستة وظائف أساسية للتقويم تتمثل في: (1) وظيفة تشخيصية: من اجل إعداد خطة لحل المشكلات، تقوم على: أولا: تحليل الوضعية، أداء الأشخاص، الموارد، المتطلبات؛ ثانيا: صياغة الوضعية على شكل معطيات وسمات محددة؛ ثالثا: تحويل هذا الوضعيات إلى مشكل. (2) وظيفة توقعية: من اجل تقييم وضعية وانتقاد وتحليل مشكل ما، ووضع حلول استباقية له تقوم على أساس: أولا: صياغة الأهداف؛ ثانيا: تنظيم عمليات حل المشكل. الوظيفتان: التشخيصية، والتوقعية للتقويم، تدخلان حسب الكاتب في إطار ما يسميه التقويم الأولي أو ألبدْئي؛ أي الذي يتم قبل الشروع في تنفيذ البرنامج أو النشاط التربوي.(3) وظيفة الضبط: أي تقدير الأحداث الجارية عن طريق تقييمها والحكم على مدى تطابقها مع التشريعات الجاري بها العمل، وذالك بترشيد العملية التربوية (الأهداف والوسائل). بالتوازي مع التعبير عن هذه المظاهر التربوية المعيشة وتحليلها.(4) وظيفة الإنتاج: وذالك بجعل الملاحظة موضوعية من خلال: أولا: الحصول على المعلومات باستمرار؛ ثانيا: إدماج المعلومات وتركيبها، ثالثا: إنتاج أدوات مناسبة للتقويم، رابعا: توقع النتائج النهائية. وظيفتا الضبط والإنتاج  تدخلان في إطار التقويم التطويري الذي يتم خلال تنفيذ البرنامج التربوي. (5) وظيفة الافتحاص: من اجل انجاز تحليل مركب، ومتعدد الأبعاد عن طريق أولا: إعطاء قيمة لمجموع الآثار المتوقعة وغير المتوقعة، التي مست المحيط والأشخاص والعمليات، اثر تنفيذ النشاط أو البرنامج التربوي؛ ثانيا: تحديد الفارق بين النتائج والأهداف؛ ثالثا: إعادة طرح المشكل. (6) وظيفة التواصل: بإعداد النتائج عن طريق تركيب وإدماج المعلومات أولا؛ ثم تبليغ النتائج إلى المعنيين ثانيا. وظيفتا الافتحاص والتواصل، تدخلان في إطار التقويم الختامي الذي يتم بعد انجاز البرنامج أو المشروع التربوي. نستنتج من خلال هذه الوظائف أن التقويم عملية تتجاوز وظيفة القياس والوصف إلى إصدار أحكام واتخاذ قرارات.     

يتبع

 

محمد مامو

Mammd70@gmail.com


[1] Nadeau, André, l’évaluation de programme, les presses de l’université lavale,Québec, 1988.p : 35

 [2] نفس المرجع السابق ص: 34.

[3] Hadji, Charles, l’évaluation règles du jeu des intentions aux outils, ESF, paris, 1992, p : 25.

[4] Nadeau, André, l’évaluation de programme, lés presses de l’université lavale,Québec, 1988.p : 106

[5] نعتمد هنا مفردة: المؤسسي،  كترجمة للمرادف اللاتيني (institutionnel) وبالتالي فالتقويم المؤسسي هو النشاط التقويمي الذي تتولاه مؤسسات ويتم بشكل منتظم ويتبع خطوات علمية معروفة في المجال، والمفردة هنا كما ترجمها د.سهيل إدريس، المنهل، دار الأدب، طبعة 28، بيروت، 2000، ص: 664.

[6]ع. الكريم غريب، ع.اللطيف الفاربي، ع.العزيز الغر ضاف، محمد ايت موحى، معجم علوم التربية، عدد (9-10)، الدار البيضاء، 1998، ص:123.

[7] Robert L.Thorndike et Elizabeth Hagen, Mesurment and Evaluation in Psychology and Education,New york:1961,p.27.

[8] Selon Robert L.Abel, cité par Stufflebeam, et al, (1974), l’évaluation en éducation et la prise de décision, p : 11

[9] Stufflebeam, et autres, (1974), l’évaluation en éducation et la prise de décision, p :13

[10]المرجع السابق ص: 46

[11]المرجع السابق ص: 46

[12] صلاح الدين محمود علام، القياس والتقويم التربوي والنفسي، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 2000، القاهرة، ص:43 

[13]صلاح الدين محمود علام، القياس والتقويم التربوي والنفسي، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 2000، القاهرة، ص:43 

[14] ع. الكريم غريب، ع.اللطيف الفاربي، ع.العزيز الغر ضاف، محمد ايت موحى، معجم علوم التربية، عدد(9-10)،الدار البيضاء، 1998، ص:121.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. متتبع
    21/04/2013 at 16:41

    تحية حارة الى موقع تفتيش سيتي الذي احتل هذه الصفحة و متمنياتنا له بالتوفيق

  2. متتبع المتتبع
    21/04/2013 at 22:46

    عندما عجزت عن فهم المضمون ايها المتتبع ها أنت تعود للهرطقة،بصح ألي فيه الفز كيقفز أما المقال فهو جدير بالمتابعة والمناقشة الجادةأما انت المتتبع فبزاف عليك باش تفهم المقال

  3. معلم قديم
    22/04/2013 at 16:25

    الافتحاص ؟ اصدار احكام وانخاذ قرارات في حق من ؟ وكيف؟

  4. متابع
    22/04/2013 at 22:35

    وما هو هذا المضمون العزيز عن الفهم يا متتبع المتتبع.؟ المقال هو مجرد ترصيف لعدد من الأقوال الغيرية لعدد من الباحثين في الحقل التربوي. ولست الوحيد القادر دون العالمين على فهمها. فلتتواضع قليلا . فبينك وبين التربية مسافات ضوئية

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *