ما بقي أمام خصوم حكومات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من خيار سوى التهديد والوعيد
ما بقي أمام خصوم حكومات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من خيار سوى التهديد والوعيد
محمد شركي
كلما اجتازت حكومات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية اختبارا أمام خصومها بنجاح إلا وعمد هؤلاء الخصوم إلى مؤامرة جديدة من أجل إثبات ما لم يثبت من نسبة العجز وقلة الخبرة ، وعدم الكفاءة لهذه الأحزاب . ففي الماضي كان منع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من خوض غمار التجربة السياسية هو الأسلوب الذي تنهجه الأنظمة الفاسدة ، وأحزابها المطبوخة ، والأحزاب المستأجرة من أجل لعب دور المعارضة في مسرحية سياسية هزلية حتى جاء الربيع العربي فكشف عن فصول هذه المسرحية الهزلية . وبعدما أنهى الربيع العربي وهو إرادة شعوب لا غالب لها الحظر المفروض على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، وراهنت الشعوب الغاضبة والرافضة للفساد على هذه الأحزاب لجأت أحزاب الأنظمة الفاسدة المفبركة ، والأحزاب المستأجرة للعب دور المعارضة العابثة في المسرحية السياسية الهزلية إلى التشكيك في قدرة وكفاءة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تدبير الشأن السياسي ، وقيادة الشعوب نحو تحقيق القضاء المبرم على الفساد . وبعد مرحلة التشكيك جاءت مرحلة الإحراج من خلال مطالبة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالقضاء على فساد عقود من السنين بين عشية وضحاها . ومما يدخل ضمن هذا الإحراج جعل هذه الأحزاب وجها لوجه أمام رموز الفساد النافدة في السلطة، والتي لا يمكن أن تواجه بيسر وسهولة . وبعد أسلوب الإحراج جاء أسلوب الاتهام بالعجز والتقاعس عن مواجهة التماسيح والعفاريت ،مع أن التماسيح هي صنع أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب معارضة المسرحية الهزلية السياسية المكشوفة ، فضلا عن عفاريت وتماسيح النظام ذات السلطة والنفوذ المعروفة. وبعد أسلوب الاتهام جاء أسلوب التحرش والاستفزاز باسم ممارسة المعارضة ، وهي معارضة سوقية من أجل المعارضة في حد ذاتها ،لأن الغرض منها حدد منذ أول يوم كشفت فيه صناديق الاقتراع عن رهان الشعوب على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بعدما تأكدت هذه الشعوب من فساد أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة الصورية يمينها ووسطها ويسارها ، وهو منع ممارسة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية من تدبير الشأن السياسي مخافة أن يحالفها التوفيق ، فتصير أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية إلى سلة المهملات في نظر الشعوب . وليس من مصلحة الأنظمة الفاسدة ، ولا أحزابها المفبركة ، ولا الأحزاب المشاركة في المعارضة المسرحية ، ولا القوى الخارجية أن تنجح تجربة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، لأن ذلك يعني تغيير التاريخ لمساره ، والانتقال من مرحلة ترويض الشعوب العربية على قبول الفساد إلى مرحلة انتفاضها على الفساد والإطاحة برموزه . وبعد أسلوب التحرش والاستفزاز جاء أسلوب التهديد والوعيد ، وهو أسلوب يعكس مدى خيبة أمل أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية وانهزامها ، علما بأن أسلوب التهديد والوعيد هو أسلوب المنهزمين ، كما أنه في نفس الوقت إيذان بنهايتهم المفجعة . ألم تهدد وتتوعد الأنظمة التي سقطت شعوبها وواجهتها بالحديد والنار والشرطة والجيش ، وكان تهديدها ووعيدها نعيا لها ؟
فحال أحزاب الأنظمة المفبركة وأحزاب المعارضة المسرحية وهي تهدد وتتوعد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي راهنت عليها الشعوب كحال الأنظمة عندما هددت وتوعد شعوبها فكانت هي الراحلة . والحقيقة التي تريد أحزاب الأنظمة المفبركة وأحزاب المعارضة المسرحية تغييبها هي أن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية هي خيار شعوب ثارت ضد الفساد الذي يعني بكل جلاء ممارسات أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية للسلطة الفاسدة المفسدة . وعندما تهدد أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فهي تهدد في الحقيقة إرادة الشعوب المراهنة عليها . ومن علامات فشل أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية اللجوء إلى تغيير زعاماتها من أجل إعطاء الانطباع بأنها صارت أحزاب أخرى غير التي كانت ، وهي محاولة يائسة لذر الرماد في عيون الشعوب. ومن المضحك أن يخادع البعض نفوسهم فيعتقدون أن الخيار بين أبناء الكلبة قد يعطي شيئا آخر غير الجرو . وما ثبت أن الكلبة قد خلفت نمرا أو ليثا مكان الجرو. وآخر ما يوجد في مطبخ أحزاب الأنظمة المفبركة ، وأحزاب المعارضة المسرحية هو التفكير في توحيد الصف من أجل تكوين جبهة واحدة لمواجهة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية . وبمشروع توحيد الصف بين هذه الأحزاب تنكشف لعبة الفبركة ، ولعبة المعارضة المسرحية حيث وقع التقارب بين الذين كانوا يوهمون الشعوب بخلاف ما بين اليمين واليسار من بون ، ولا يمين ولا يسار ، بل الأمر لا يعدو مسرحيات هزلية تديرها الأنظمة الفاسدة وتساهم فيها أحزابها المفبركة ،والأحزاب المتعاقدة معها للعب دور المعارضة المسرحية الهزلية . إن محاولة اتحاد الأحزاب المفبركة وأحزاب المعارضة المسرحية عبارة عن محاولة عودة الفساد من جديد بعدما هدأت عاصفة الربيع في نظر رموز الفساد التي تحاول استغفال الشعوب التي لم تعد تستغفل بعدما أطاحت بزعامات الأنظمة الفاسدة الطاغية . وعلى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية أن تعول على ربها بصدق ، وعلى إرادة الشعوب التي راهنت عليها من أجل إحباط كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي لم يعرف التاريخ مثلها بسبب الربيع . وعلى الشعوب التي ثارت ضد الفساد أن تفشل كل محاولة لعودة هذا الفساد من جديد ، وألا تنخدع لعملية تغيير الزعامات ، وعملية سلخ الجلود لأن الحيات تظل حيات أبدا ، ولا تتغير طبيعتها بمجرد سلخ جلودها . وأخيرا إن الإسلام الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور سيظل كذلك إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها .
Aucun commentaire