هل يوافق الذين ساندوا الحملة العسكرية الفرنسية على مالي دون شروط على التنكيل بالمدنيين وتدنيس المقدسات ؟
هل يوافق الذين ساندوا الحملة العسكرية الفرنسية على مالي دون شروط على التنكيل بالمدنيين وتدنيس المقدسات ؟
محمد شركي
عرضت مختلف وسائل الإعلام العالمية يوم أمس صورا لجنود ماليين يعتقلون بشكل همجي ووحشي مواطنين مدنيين ماليين لمجرد كونهم ملتحين ويلبسون الزي الإسلامي ،كما عرضت صور أخرى لمساجد ومصاحف دنست بذريعة محاربة الإرهابيين . ولعل المسؤولين عندنا قد أخطئوا الحساب والتقدير في تصريحاتهم السابقة عند انطلاق الحملة العسكرية الفرنسية في مالي بأنهم يساندون هذه الحملة دون شروط . وكان من المفروض أن تشترط شروط على هذه الحملة وعلى رأسها صيانة حقوق الإنسان المالي المسلم ، وصيانة المقدسات وعلى رأسها كتاب الله عز وجل وأماكن العبادة . ولا يعقل أن يحاسب المواطنون الماليون لمجرد أنهم عاشوا أو وجدوا في مناطق كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة التي تشن عليها فرنسا حربها . فالمواطن المالي العادي يعيش في الغالب ظروفا مادية واجتماعية مزرية ولا حول ولا قوة له أمام الجهات المتصارعة سواء كانت الجماعات المسلحة أو الجيش الفرنسي أو الجيش المالي أو الجيوش الإفريقية التي تستخدمها فرنسا في حملتها . فإذا كان المواطن المالي يقصد المساجد التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة لأداء فريضة الصلاة ، فلا يمكن أن يعتبر ذلك تعاونا منه مع هذه الجماعات المسلحة. ولقد نقلت وسائل الإعلام يوم أمس مشهد مواطن أعزل ملتح بكوفية فلسطينية وعباءة أوقفه الجيش المالي ، وقيد يديه وراء ظهره بكوفيته ، ووضعه في سيارة عسكرية إلى جانب مواطن آخر شبه عار مع التنكيل بهما أمام عدسات الكاميرا والله أعلم بما حدث لهما ولغيرهما بعيدا عن عدسات التصوير في المعتقلات العسكرية الرهيبة تحت قيادة الجيش الفرنسي . وأجرت قناة الجزيرة القطرية اتصالا مع رئيس منظمة حقوقية مالية فصرح بأن منظمته لا تستطيع أن تصل إلى المناطق التي دخلتها القوات الفرنسية والمالية والإفريقية المسخرة لمعرفة أوضاع المواطنين الماليين كما أن وسائل الإعلام ممنوعة من دخول هذه المناطق ، ومن تصوير المعارك. ونشرت وسائل الإعلام صورا لجثث بشرية ألقيت في بئر ونسبت الجريمة إلى عناصر من الجيش المالي .
ويسود الصمت المحافل الحقوقية العالمية على ما يحدث حاليا في مالي ضد العناصر الإسلامية العربية والطوارقية التي توجد في المناطق التي غزتها القوات الفرنسية . ومعلوم أن العناصر الإسلامية كانت أصلا تعاني من الميز العنصري في مالي ، وقد سنحت الفرصة للعناصر العنصرية الصليبية والوثنية في الجيش المالي لتصفية الحساب مع هذه العناصر الإسلامية وتحديدا الناطقة بالعربية . وعلى المسؤولين المغاربة في ظل حكومة محسوبة على الإسلام يا حسرتاه ـ أن تراجع موقفها من التأييد غير المشروط للحملة العسكرية الفرنسية في بلاد مالي وإلا فعليها إثم الضحايا من المواطنين المدنيين الماليين المسلمين العزل ، وكذا إثم تدنيس كتاب الله عز وجل وتدنيس المساجد. وها هي فرنسا المتحضرة تمارس الإجرام والإرهاب الرهيب ضد المسلمين العزل والمستضعفين في مالي بذريعة ملاحقة ومحاربة الجماعات الإرهابية . وها هو العالم المتحضر يتفرج على هؤلاء الضحايا ، وقد نزح منهم خلق كثير هربا من القصف الجوي الفرنسي المدمر لكل معالم الحياة . وها هي الطائرات بدون طيار الأمريكية تجوب الأجواء المالية ، ولا تميز بين حامل سلاح ، وفار بجلده وبدينه خوفا وفزعا من الآلة الحربية الغربية المدمرة، وبصبغة صليبية حاقدة مكشوفة . وها هي عناصر الجيش المالي الصليبية والوثنية والعلمانية تسخر للتنكيل بالمسلمين الماليين العزل ، وتحاسبهم على مجرد وجودهم حيث وجدت الجماعات المسلحة بتهمة التعاون معها ، وهي جماعات تبخرت ولم تعرض لنا وسائل الإعلام صورها التي كانت تعرضها قبل الحملة العسكرية الفرنسية ، وكأن فرنسا تخوض حربا دونكيشودية مع الطواحين والعفاريت ، وليس فيها إلا الضحايا المدنيين الماليين العزل الذين يسلمون لعناصر الجيش المالي الحاقدة للتنكيل بهم حسب ما يبدو عليهم من مظاهر التدين التي كانوا عليها قبل أن تغزوهم الجماعات المسلحة لأن مالي بلد إسلامي منذ أقدم العصور ، وما دخلته الصليبية إلا مع الاحتلال الفرنسي لدول القارة الإفريقية . وعلى الضمائر الحية والسلطة الرابعة والمنظمات الحقوقية المغربية والعالمية أن تفضح جرائم الحرب الدائرة في مالي ضد المدنيين المسلمين العزل .
Aucun commentaire