لايعجبني أن يتم تحديد يوم ما عيدا للمدرس بقدر ما أزف له بشرى مفادها أن أيامه كلها أعياد إذا سعى أن تكون كذلك ، لايمكن تعليم كل شيء للمتعلم في يوم واحد ولكن عملية التعلم تتم شيئا فشيئا وتتطلب الصبر والحنكة والحكمة وهي عملية إخراج الكائن البشري من الظلمات إلى النور وياله من نبل وحسن عمل ، فكلما تعلم الطفل شيئا كلما كان الأمر عند المدرس عيدا ، لإحساسه بتقديم عمل يومي في صناعة العقول وتنوير أمة  ، ويكفي المدرس فخرا أن سيد الخلق عليه  الصلاة والسلام بعث معلما ومتمما لمكارم الأخلاق وهذه هي مهام المعلم أو المدرس كما يريدون أن يسمونه ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( العلم فريضة على كل مسلم ) وهذه الفريضة ملقنها الأول هو المدرس الذي يعلم الناس مفاتيح العلم وهي القراءة والكتابة ، ويكفي الآباء الذين يحرصون على تعلم أبنائهم تكميلا لعمل المعلم أن يدركوا قوله عز وجل (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))  وإن عيد المدرس يوجد في القيام بهذه الرسالة النبيلة على الوجه الأكمل ، ولايكون ذلك تاما إلا عند من يحمل هم هذه الأمة ويحمل في خلده مشروعا مجتمعيا يعمل على تنفيذه ، ولاينبغي للمدرس ولايليق به أن يكون تافها آنيا يعمل لدار واحدة هي الدنيا  وما يتعلق بها من حب الذات والجري وراءها ووراء ملذاتها وشهواتها ، وإنما الصواب ترك البصمات في كل ماهو نبيل يدفع بالأمة إلى الأمام ، نحن أمة الإسلام ولابد أن نكون محسوبين على الإسلام بحق قولا وفعلا وليس قولا فقط ونحن أولى بالعمل الدؤوب أكثر من غيرنا ، إن عيد المدرس ليس الاحتفال بيوم محدد سرعان ماينسى ولكن العيد في تمتيعه بكل حقوقه وتبويئه المكانة اللائقة به واحترامه ، لقد ابتلينا بعيد المدرس وبعبد المرأة وعيد الأم صاحبة الفضل الذي لاينسى مدى الأيام وبعيد كذا وكذا … في حين جعل الإسلام أيام المؤمن كلها أعيادا ، يقول تعالى (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ))

يريدون لنا بهذه الأعياد أن ننسى أن المِؤمن متى كان مستقيما كانت أيامه أعيادا مباركة ، يريدون لنا أن نجلس مرة في السنة نردد قول أبي الطيب المتنبي :

   عيد بأية حال عدت باعيد      بما مضى أم لأمر فيك تجديد