بوزبال ….والدخول المدرسي
قصة قصيرة ……
الشهر هو شهر شتنبر…..كان أبي رحمه الله يسميه-شْهر الخْطية-وكان مبرره في ذلك….أن هذا الشهر الذي يصادف الدخول المدرسي…يجعل أبي مفلسا تماما….كنا 3 أبناء ..جميعنا مسجل
ون في المدارس العمومية….طفلان وطفلة…….أنا الآن أبلغ من العمر…13 سنة،ليس لدي حقيبة مدرسية ولا ملابس ولا دفاتر ..فقط أملك قلم رصاص وقلم-بيك-سرقته من
سوق الكلب…بعدما ترصدت بائع أدوات مدرسية بالتقسيط،أنا أيضا أريد أن أكتب وأقرأ…..هكذا بررت لنفسي -جريمتي-كنت كلما اقترب-شهر تسعود-السيء الذكر بالنسبة لأبي….كنت أتسمر أمام بائعي الكتب المدرسية في الأسواق…أتملى الكتب البراقة…وصور الأطفال الملونة المطبوعة على أغلفة الكتب،لا أستيقظ من أحلام اليقظة تلك…إلا على وقع صياح البائع…وكان غالبا يصيح في وجهي…..اتحرك من قدامي…مالي كنشطح القرودا؟؟-قد يحلم البعض منكم بامتلاك أراض وعقارات….ويحلم آخرون بامتلاك الملايير عن طريق -أوراق ياناصيب-أو -يحلم أحدهم -بترؤس الدولة……..أما أنا الآن…..فكل أحلامي أن أتملك -كتابا مدرسيا جديدا-وبأقلام جديدة…ومحفظة جديدة….أما الملابس…فقد تدبرت أمرها في العطلة الصيفية،من سوق-البال-أو سوق الملابس المستعملة،وكنت في بعض الأحيان،أقوم بتصبين سروالي الوحيد ليلا….وإذا تآمرت علي الأحوال الجوية …فإنني أتحى العالم…وأرتديه مبللا-…ذات يوم فعلتها…ارتديت سروال الدجين مبللا…وعندما سألني الأستاذ…عن الواقعة..أجبته بكبرياء…….صبات عليا الشتا-قهقه الجميع…….ورد أذكاهم…واش الشتا صبات عليك غي بوحدك……..قهقه الجميع مرة أخرى….لملمت نفسي،ورسمت على وجهى ملامح رجل في 13 من عمره،لم أعرف إلى اليوم…كيف امتلكت تلك الشجاعة وفي تلك السن الصغيرة….وقلت مخاطبا الجميع بصوت جهوري….صبنت سروالي لبارح ومانشفش….هو للي عندي …عندكم شي مشكل…يلا نتوما كتجيو للمدرسة بالسبرديلات والدجينات….أنا لا أملك حتى ثمن -ستيلو- صمت الجميع…وأصاخوا السمع….في لحظة..أصبحت أستاذا ألقن الدروس..ومحاميا أترافع دفاعا عن فقري…….رأيت في أعينهم البريئة التضامن المطلق،والتأييد المطلق….منذ تلك اللحظة،أصبح الأستاذ يعاملني باحترام مفرط بل ومبالغ فيه،ونصبني تلاميذ قمسي -زعيمهم الأبدي-حينها استطعت أن أقنع الأطفال………..بأن-بوزبال-بحالنا-هو ضحية يؤثث فضاء المدارس العمومية…فقط….وحينها…..أشعلت حربا طبقية….بين التلاميذ….حتى أصبح بعضهم يتنافس في ارتداء سراويل ممزقة….وبعضهم يتناسى كتبه….ليجيب الأستاذ كلما استفسره عن عدم إحضار كتبه…….بإن أباه فقير………ولا يستطيع توفير الكتب المدرسية…..الآن فقط…أصبح الفقر علامة على الشجاعة والكبرياء والنضال……وأصبح الغنى وصمة عار ……في مدرستي الحلوة.بينما الحكام يتهكمون علينا كل -شتنبر- بدخول مدرسي تارة يسمونه-النجاح-وتارة لا يسمونه مطلقا…..
ذات ليلة مطرة…كان الظلام حالكا….وكان أبي وقد وضع الصينية على مائدة خشبية….وبينما هو يصب الشاي الساخن،في الكؤوس، الواحد تلو الآخر….كانت الكؤوس ..بعددنا نحن….وكان البرد
قارسا…وكان فحيح الرياح يتناهي إلى مسامعنا مثل صفير الصواريخ….وفي اللحظة التي -كبست-فيها على كأس الشاي الساخن…..رشفت رشفة….ثم أخرى..ثم ثالتة….كنت أستلذ سخونة هذا المشروب الشعبي المغربي،وأستلذ حلاوته،ولكي أضفي على المشهد الرومانسي عذوبة أكبر….مسكت الكاس ببطن يدي اليمنى،كأنني أتدفأ بحرارته،نظرت إلى أبي نظرات شاخصة،وقلت مخاطبا إياه…………….
آبا…………راه قيدو لينا الكتوبا……وها الورقة…….رميتها على المائدة الخشبية بغضب مفتعل……
تأمل الوالد -ورقة الكتب-بنظرات شزراء….ثم نظر إلي بنفس الغضب،وصاح في وجهي :ياك شريت ليك غي لبارح ربعة الكتوبا……..و خمسة الدفاتر.وضع كأسه على الصينية بعنف..حتى اعتقد جميعنا أنه كُسر.
حاولت أن أشرح له،أن لكل مادة دفاترها وكتبها،وأن كل أستاذ يكتب لنا أسماء كتب مادته،كنت حينها في السنة الأولى إعدادي،لكن عبثا حاولت….فوالدي يعتقد أن دفترين فقط يكفيان للدراسة،وامتنع عن شراء كتب-مادة الرسم والفنون-والفيزياء………….حتى أنه صاح في وجهي ليلتها……………واش الطبا-جمع طبيب-كيقراو فكتاب واحد-يقصد روجيستر-ونتا جايب ليا-ورقة فيها كارطونة ديال الكتوب-غادي تسوك ليا الصوارخ…………سير تعلم ليك شي صنعة …راه هاد الرهوط غي كيضحكو عليكم وكيبيعو ويشريو فيكم……..حينها لم أكن أعير أي اعتبار ل-ملاحم أبي-فقد كنت أعتقد جازما أن كل احتجاجاته تلك…بسبب ثمن الكتب الباهض والذي يكلفه جزءا كبيرا من مدخراته….لقد كنا ثلاثة أطفال….وهذا يعني إفلاسا حقيقيا بالنسبة لأبي…….اليوم فعلا….اقتنعت أن أبي كان معه حق….لأن صبيا في الثانية عشر من عمره….يحمل حقيبة ظهر تزن أكبر من وزنه كتبا…ودون نتيجة تذكر………إنها فعلا-تريكاج-كما كما كان يسميه أبي….أو -الخدعة-بتعبير آخر.
3 Comments
احي الكريم ومع كامل الاحترام لم اقرا مقالك ولا اريد ان اقراه انعرف لماذا فقط لسبب بسيط لم تكن قط من شيم الكتاب الحقيقيين الذين يريدون لهذه اللغة العربية الرقي والازدهار ان يستعملوا الفاظا للن تفيد في شئ مثل اول لفظة لديك في العنوان وانا استحي ان اكتبها او انطق بها
احترموا اسلوب الكتابة واحترموا المجتمع الذي تعيشون فيه
هذا ما يجعل لغة عصرنا ركيكة
انشر اخي مدير وجدة سيتي فهي رسالة للعديد ممن يظنون ان الكتابة تكون بالكلمات العامية و الااخلاقية
tout a fait d accord avec TAOURIRTi
de plus ce texte est denoue de tout objectif raisonable d ecriture.
شكرا أخي من تاوريرت،، والله إنها لورطة، حينما يصبح الشعب هو المشكلة