هل صحيح أصبح للعرب ربيع أم أن الأمر مجرد كلام في غير موضعه ؟ إذا كانت هذه المرحلة حقا ربيعا فإن أول زهرة قطفتها الشعوب هي الإطاحة ببعض الرؤساء حماة الفساد ، ولايزال أمامها عمل كثيرمن أجل اجتثاث مسامير الفساد التي تمثل الجذور الخفية والظاهرة للرؤساء المخلوعين ، وثاني زهرة قطفت هي ثقة الشعوب بأن الخلاص في الدين فأعطت أصواتها للتيارات الإسلامية لأن الحق حق والباطل باطل ، فقد أمضى الرئيس التونسي المخلوع ابن علي كل حياته يحارب الإسلام والإسلاميين ولم يستطع أن يؤثر في عقيدة الشعب التونسي والاستحقاقات الأخيرة   شاهدة على ما نقول ، وكذلك مصر ، وكذلك ليبيا التي فيها عدد كبير من حفظة القرآن، ولن يستطيع أحد محاربة الله وتعطيل خير هذا الدين فالله عز وجل هو القائل (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) وثالث زهرة قطفتها الشعوب هي إدراك الجمبع أن الشعوب إذا هبت حققت مرادها ، وجعلت كل حاكم يأتي من هنا فصاعدا يضع نصب عينيه أن الأمة تنتظر منه العمل الصحيح كالعدل والمساواة والنهضة الحقيقية ، وإلا سيطاح به بالثورات الشعبية ، لقد تأخرت نهضة العديد من الأقطار العربية التي بدأت مع دول تعد الآن من الدول الرائدة في العالم مع وجود فارق في المؤهلات البشرية والجغرافية والاقتصادية وغيرها ، وغابت عند العرب إرادة العمل من أجل إقلاع حقيقي ، فتم تغليب المصلحة الشخصية التي تمثل منظورا ضيقا للحياة ونحن أمة فيها نموذج الفاروق عمرابن الخطاب رضي الله عنه الذي أرسل ابنه عبدالله إلى السيدة عائشة رضي الله عنها وجرح عمر ينزف قال : قل لها إن عمرولا تقل لها أمير المؤمنين – يريد أن يخرج من الدنيا وليس معه شيء منها – يريد أن يدفن مع صاحبيه ، قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أدخره لنفسي والآن لأوثرنه على نفسي فلما عاد عبد الله قال : لقد كان ما تريد ، فقال عمر رضي الله عنه : الحمد لله لم يكن عندي افضل منها .

 الخطر المحدق الآن بالربيع العربي هو جيوب المقاومة من أبناء جلدتنا الذين يغيضهم هذا الحل الإسلامي لأنهم يعلمون جيدا أن هؤلاء الإسلامييين يريدون العمل بحق ولذلك يبذلون قصارى جهدهم ليفشل المشروع وينسون أن الحل لهم ولغيرهم ولجميع الأمة إنما يكون في العمل الصادق وفي مصلحة الأوطان وترتيبها المتقدم بين الأمم فلم تعد الغلبة اليوم إلا للقوي في كل مناحي الحياة