Home»Correspondants»الخيط الأبيض لنا ولهم دار وديكور

الخيط الأبيض لنا ولهم دار وديكور

1
Shares
PinterestGoogle+

الخيط الأبيض لنا ولهم دار وديكور: بقلم عمر حيمري  

 

الصلح ، هو كل ما من شأنه أن يفض الخلاف وينهي النزاع أو القتال الواقع أو المحتمل ،  بين المتنازعين والمتخاصمين ويؤلف ويجمع  بينهم بالمودة والمحبة ، وفق الشروط التي وردت في القرآن الكريم والسنة الشريفة . وله أوجه متعددة، فقد يكون بين فئة مؤمنة وأخرى كافرة ، أو بين طائفتين مؤمنتين ، أو بين فردين مؤمنين ، أو بين فرد وطائفة من المؤمنين . وهو من فروض الكفاية ، وحكمه إما أن يكون واجبا ، أو مستحبا ، أو مباحا ، أو محرما ، أو مكروها .  وله أحكام شرعية خاصة ، ليس من اختصاصي الخوض فيها ، فهي من شأن الفقه والفقهاء .

إن للصلح أثرا عظيما على الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأفراد والأسر والمجتمعات وعلى وحدتهم وتماسكهم وقوتهم  وأمنهم … ومن ثم اعتبره القرآن الكريم خيرا مطلقا [ …والصلح خير… ](  النساء 128 )  وأوصى به [ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ] ( الأنفال آية 1) [ إنما المومنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ] ( الحجرات آية 100)  [ ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس ] ( هود آية 88 ) … كما وهب المصلحينوالقائمينبوساطة الخير  بين الناس أجرا عظيما  واحتسبه لهم عبادة عظيمة كاملة الأجر بدليل قوله  سبحانه وتعالى [ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ابتغاء مرضاة الله فسوف نوتيه أجرا عظيما ]( النساء آية 114) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة  » المقصود هو النوافل  » فقال أبو الدرداء : قلنا بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين الحالقة )  ( حديث صحيح ، صحيح أبي داود للأباني رقم 4111) .

إن نشر ثقافة الصلح ونبذ الخلاف بين الناس أمر عظيم ،وهو من الدين لاشك . ولكن هل الخصام والنزاع والتنافر والاقتتال  في مجتمعنا مكتوب على المنبوذين من الفقراء والأميين وخاص بهم ؟ هل الفضائح والتشهير وكشف أعرض الناس وحرماتهم ونشر أسرارهم على الهواء دون مراعاة للكرامة ، وتعريضهم للسخرية ،  وركوب آلام ومآسي المواطنين البسطاء ، لإضحاك المتفرجين والترويح عنهم  …من الصلح ؟  وهل تعرية الواقع الاجتماعي المر للمغاربة من الصلح ؟ وهل الصلح من اختصاص عالم النفس والمساعد الاجتماعي والمحامي ؟ أم أن المصلح لا بد أن يكون فقيها ومن الوجهاء المشهود لهم بالصلاح والورع ومخافة الله ، عالما بالقواعد الشرعية ، ملتزما بأحكامها ، محافظا على سرية المعلومات الخاصة بالمتنازعين ، لأنها حبس عليهم ، وأن يكون على دراية تامة بكيفية تكوين لجان الصلح والشروط الواجب توفرها فيهم وفي قراراتهم ، ولا بد أيضا ، أن يكون موضوع النزاع والخلاف ، لا يخالف الشرع ولا يعطل حدا من حدود الله ولا يهدر كرامة ولا يكشف عورة ولا يعرض إلى السخرية …لكن ما  يقدمه برنامج الخيط الأبيض هو جملة من  الفضائح أذكر منها  : الاعترافات بالخيانة الزوجية ، وبالزنا ، وشرب الخمر، والقمار، والنصب والاحتيال، والظلم ، والتطاول على إرث الأخت والأخ ، وعقوق الوالدين ، والنشوز، ومغادرة بيت الزوجية مع التخلي عن الأبناء  والإقامة غير الشرعية في البلاد ، وزواج الصغيرة غير الموثق ، وعدم الاعتراف بالأبناء والامتناع عن الإنفاق  … إن بعض هذه النوازل يجب فيها الحد وبعضها يجب فيها التعزير والسجن والغرامة … والقضاء هو المخول الوحيد  للفصل فيها طبقا للشريعة الإسلامية .  فما دخل عالم النفس والمحامي والمساعد الاجتماعي في مثل هذه المواضيع ولا سيما إذا كان جاهلا بالشروط الشرعية للصلح ؟ وهل يستطيع  عالم النفس والمساعد الاجتماعي والمحامي ، أن يحل مشاكل السكن والإرث والطلاق والشقاق  والعجز عن دفع النفقة وزواج الصغيرة والزنا والتخلي عن الأبناء وغيرها من المآسي التي يعرفها مجتمعنا ؟…

إن المتتبع لبرنامج الخيط الأبيض ، يستنتج حقيقة مرة هي : أن هذا البرنامج يستغل  الفقراء السذج منهم والبسطاء ، كمادة إعلامية للترويح والترفيه على  الطبقة الراقية الميسورة . وإلا كيف نفسر عدم إدراج  برنامج الخيط الأبيض في مادته ، خلافات ونزاعات وفضائح الطبقات الميسورة وعدم إثارتها ولو مرة واحدة في تاريخه  .  فهل الأسر الراقية والطبقات المتخمة ترفا  ، لا تعرف النزاع وحياتها سلام دائم ، وهي الغارقة في الخصومات ؟ والمحاكم تشهد على ذلك . أم هي الكرامة والعزة والحرص على عدم نشر الغسيل على الهواء المباشر ؟ ولو تجرأت القناة الثانية وحاولت تمرير التجربة  وإجرائها ،على فئة المترفين المعتزين بكرامتهم، لرفعت عليها قضايا ودعاوى قد تغرمها ملايين الدراهم .ولكن ذكاء القناة الثانية وحرصها على التظاهر  بالمساواة والعدل بين كافة المغاربة هداها إلى برنامج  » دار وديكور  » الذي لم يخرج أبدا من الدار البيضاء مدينة المال والأعمال ولم يستضف أبدا  » براكة  » أو بيتا متواضعا أو سكنا اقتصاديا . فزبناؤه من الأغنياء المترفين حتى التخمة ، أصحاب الشقق الكبيرة والفيلات الواسعة ، أفكارهم غربية ، لغتهم الفرنسية ، ملابسهم وزينتهم باريزية . حتى الرجل منهم يلون شعره بالألوان الزاهية ويتزين بزينة نسائهم  ويتغنج مثلهن . مطالبهم تتمثل في تغيير ديكور المنازل وإعادة تأثيثها بالطريقة التي تناسب المودة من حيث الشكل واللون والأثاث الفاخر، دون دفع سنتيما واحد . فالتكلفة على حساب  برنامج دار وديكور التي كان من الممكن أن ترمم بها الدور التي تتساقط على أصحابها بالدار البيضاء فتحصد الأرواح وتشرد العائلات . وهكذا منحتنا القناة الثانية الفضائح والتشهير والخيط الأبيض  وأعطتهم  الأثاث الفخر والزينة وأموال دار وديكور. بقلم عمر حيمري .

 

 

 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. عبد الله
    15/06/2012 at 22:01

    اشكر الاخ الكريم عمر حمري على طرح هذا الموضوح بوجهه الحقيقي ، وقد عرى استهتار هذه المخلوقة بطبقات الفقراء البسطاء السذج الذين تحاكمهم بكل وقاحة وتضحك عليهم في اعماق نفسها .وتقدمهم كمادة استهلاك لمن يشبهها ، مع العلم انها غير صالحة لأي شيء وضررها اكبر من نفعها . مرة اخرى شكرا لك كان اختيار الموضوع رائعا .

  2. حاد من فجيج
    16/06/2012 at 05:39

    رغم كل ما ابرزته من جوانب تنقص من قيمة برنامج الخيط الابيض فان علينا ان لانبخص الناس اشياءهم فقد استطاع البرنامج ان يقك العديد من المشاكل بين الازواج والابناء بل يكفيه فخرا انه استطاع ان يجمع شمل قبيلتين ‘وسط المغرب كانت تتصارع وننتازع بشكل قوي لم تستطبع المؤسسات التصالح بينهما وتوفقت نسيمة الحر وفريقها في دلك

  3. نونو
    30/07/2014 at 00:27

    موضوع رائع وانا اشكرك انا في نظري خيط بيض برنامج مفضوح لانه كفضح مستور ودار وديكور كتعامل مع طبقية

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *