الشعب يريد الركادة
سئل احد الفلاسفة عن الحرية والديمقراطية فاجاب لاي شعب وفي اي وقت ,وهو سؤال مشروع لاعتبار ان الحرية و طبيعة نطام الحكم في اي مجتمع من المجتمعات انما يعكس مدى نضج انسان هذه المجتمعات وكم راكم من تجارب في هذا المجال مجال الحريات ونظم الحكم .
قدمنا بهذه المقدمة للحديث عن الحراك العربي او ما سمي بالربيع العربي الذي جعل من الحرية مطلبا له ,لنتسائل نحن بدورنا :هل هذا الحراك يعكس نضج الانسان العربي وكذا مدى اهليته لتحقيق التغيير المنشود نحو التحرر وقيادة الامة
لتسترجع دورها الريادي في سلم الحضارة الانسانية ,ام انها رياح موسمية ليس الا ؟وهذا ايضا سؤال مشروع بالنظر ولكون اي ثورة ثورة واي حراك حراك لا يقوم على تنظير وفكر ومعرفة وعلم وادراك انما هو فوضى ليس الا مهما كانت الدوافع والاسباب التى غالبا ما تكون احتقانات وضغوطات عانت تحت وطئتها االمجتمعات المقهورة ,وبالتالي تكون مثل هذه الثورات انفجار سريع غير واضحة المعالم ولا تقدم بديلا واضحا لما هو قائم , لهذا السبب كانت الحكومات المستبدة وما زالت تحاصر المعرفة والعلم بل تغتالها بشتى الوسائل ,فالتاريخ طالعنا بالامس كما اليوم عن اغتيال مستمر للمعرفة والعلم ,فكم من مكتبة احرقت وكم من عالم زج به في السجن واخر اعدم الى غير ذلك….,فليس من قبيل الصدفة اذن ان تكون الميزانية الموجهة للانفاق على المعرفة والبحث العلمي هزيلة ومعدمة ,وعليه تضل فرص الولوج الى عالم المعرفة غير متاحة لجميع ابناء المجتمع ,وحتى الذين تتاح لهم فرصة الولوج يتم توجيههم وتقييدهم بتلقي وتلقين تعليم رسمي موجه ينتج نخبة ذات عقلية اشبه ما تكون بعقلية القطيع الذي تغذى وتروى في نفس المرعى .ومعلوم بالضرورة ان الحرمان من ولوج عالم المعرفة يعني عدم المشاركة في انتاجها وحتما الاقصاء القسري من المشاركة في القرارات المتعلقة بالمشاريع السياسية والتنموية لمجتمعاتهم ,وحتى الاستفتاءات الشعبية التي يفترض ان الجميع يدلي فيها برايه ,تكون عديمة الجدوى لان الغالبية العظمى من الشعب لا تتوفر على الادراك اللازم والكافي لتستشار في قضايا كبرى ومصيرية.
في ظل الاغتيال البشع للمعرفة وفي مجتمعات تنخر الامية اجسادها ينضاف الاعلام كاخطر وسيلة لتوجيه العامة التي تعيش على وقع الفراغ المعرفي توجيها خاطئا بقلب المفاهيم وقلب ترتيب الاولويات في عقل الانسان العربي ,واخطر ما في الاعلام قضية خلق النموذج والقدوة اذ يجعل من التافه بطلا و من الساقط شريفا بل الصورة الحسنة للوطن داخله وخارجه,ولعل المتتبع البسيط للاعلام الرسمي في الوطن العربي يلاحظ كيف ينجح هذا الاعلام في دغدغة مشاعر الناس بايهامهم ان احدا من ابناء مجتمعهم قد حقق شيئا عظيما يستحق التصفيق والتطبيل ,والواقع لا يعدوا ان يكون مجرد وهم وسعي الى خلق النموذج الفاسد ,والاسف ان الامر انطوى على الشباب فاضحى المغني نموذج وكرة القدم الهم الاكبر للامة ,واضحى حجز مكان في المهرجانات الغنائية امرا صعبا بالنظر الى الكم الهائل الذي يحج اليها ,فمثل هذا الحضور الى المهرجانات الغنائية والتصفيق والتطبيل للنموذج الفاسد نكون قد رفعنا ضمنيا بل واقعيا وبالملموس شعار: »الشعب يريد الركادة »
Aucun commentaire