Home»International»الدكتاتوريات الصغرى إنما تنمو وتترعرع في ظل الدكتاتوريات الكبرى

الدكتاتوريات الصغرى إنما تنمو وتترعرع في ظل الدكتاتوريات الكبرى

0
Shares
PinterestGoogle+

الدكتاتوريات الصغرى إنما تنمو وتترعرع في ظل الدكتاتوريات الكبرى

 

محمد شركي

 

كثيرا من يلتفت البعض إلى النباتات الطفيلية التي تنمو تحت الأشجار الكبيرة دون التفكير في علاقة هذه النباتات الطفيلية بتلك الأشجار . فكذلك حال الذين يلتفتون إلى الديكتاتوريات الصغرى الطفيلية ، والتي تنمو في ظل دكتاتوريات كبرى . ومعلوم أن الديكتاتوريات الطفيلية إنما تتغذى من  فتات استبداد الديكتاتوريات الكبرى تماما كما تتغذى النباتات الطفيلية من مخلفات الأشجار التي تعلوها . فالنظام السوري ، وهو أقبح ديكتاتورية طفيلية في الوطن العربي إنما كان نتيجة ديكتاتوريات كبرى ، ولا زال كما كان تمده هذه الديكتاتوريات الكبرى بمخلفات الظلم الموجود فيها ليتغذى منه  ويسوقه . فمن أراد أن يفهم ما يرتكبه النظام السوري الدموي ، فما عليه إلا أن يتابع ما حدث ، وما يحدث في روسيا والصين وإيران.  ففي هذه البلدان توجد ديكتاتوريات كبرى تمارس القمع بكل أشكاله . فهذا فلاديمير بوتين يعود مرة أخرى ليجثم على صدر روسيا ،كما جثم الطواغيت من قبله ، وبأسلوب يناسب الوضع العالمي اليوم ، وهو نفس الأسلوب الذي نهجه أسلافه من الطغاة ،ولكن بالأساليب التي كانت ممكنة  في فترات حكمهم . لقد زور الانتخابات مخادعا العالم من أجل التشبث بالسلطة . فكيف لا يقلده حاكم طفيلي في سوريا  ، ووالده قد تعلم في روسيا كيف يكون مستبدا انطلاقا من الاقتيات على فتات الاستبداد الروسي ؟  وإلى جانب روسيا يقتات طاغية سوريا الطفيلي على فتات النظام الصفوي الطائفي في إيران ، وهو نظام  علمه كيف يسحق كل معارضة لتظل عمائم السوء في السلطة تعيث في إيران وما حولها فسادا ، وتشعل نيران الطائفية المنتنة فيها ، وترتزق بقيم ومفاهيم لا علاقة لها بها من قبيل الجهاد والمقاومة ، وحقيقة الأمر أن عمائم السوء نموذج من نماذج  عصابات الإجرام السياسي المختلفة في هذا العالم ،وهي عصابات تموه على مصالح مادية مكشوفة بشعارات كاذبة مزيفة  لمخادعة الرأي العام العالمي . وإلى جانب روسيا وإيران  تعلم طاغية سوريا الطفيلي من الصين كيف تسحق المعارضة السلمية التي لا زالت صورها عالقة في الأذهان ، ولا يمكن أن تنسى أبدا .

ولا يمكن أن ننظر إلى الديكتاتورية السورية الطفيلية بعيدا عن الديكتاتوريات الكبرى التي تغذيها ، وتحتضنها عن طريق فتات ظلمها الرهيب . ومن المعلوم أن الديكتاتوريات الطفيلية  يعكس نمط ظلمها ظلم الديكتاتوريات التي تغذيها . وقد يبدو للبعض أن ظلم الديكتاتوريات الطفيلية يفوق ظلم تلك التي تغذيها ، والحقيقة أنه ظلم واحد ، ومن جنس واحد ، إنما  يبدو على حقيقته  بالنسبة للديكتاتوريات الطفيلية ، في حين يبدو مقنعا ومموها في الديكتاتوريات العاتية  التي ليس من مصلحتها أن تظهر القمع على طريقة الديكتاتوريات الطفيلية التابعة لها .  فما يحدث في سوريا من مجازر إنما  يديره ضباط مرتزقة  روس ، وإيرانيون ، وميليشيات مرتزقة من إيران ، ومن حزب الشيطان اللبناني .  والانفجار الأخير الذي دبره النظام الدموي من أجل الالتفاف على  ما يسمى المبادرة العربية دليل واضح على تورط الديكتاتوريات الطاغية في سوريا. فهو بأسلوب حزب الشيطان في لبنان ، وهو أسلوب شيطان أصغر تعلمه من شيطان أكبر في طهران . ومن بلادة النظام السوري الدموي أنه  حاول التمويه على الجريمة من خلال نسبتها إلى ما يسمى تنظيم القاعدة ، علما بأنه لم يسمع من قبل بهذا التنظيم في سوريا التي لا يمكن أن يكون فيها تنظيم القاعدة ، وفيها نظام يأتي من الجرائم البشعة ،ما لا تستطيعه القاعدة ، أو غيرها من مافيات الإجرام المحترفة . ولقد كشفت المعارضة السورية عن طبيعة ضحايا انفجار دمشق ، فما هم سوى قرابين من السجناء والمعتقلين كانوا في انتظار الموت في المعتقلات ، فسنحت الفرصة للنظام المستبد لتصفيتهم بطريقة مكشوفة من أجل الدوس على دمائهم لتبرير إجرامه ، ومن أجل الإفلات من مصير محتوم ينتظره ، وهو مصير الديكتاتوريات الطفيلية التي تتخلى عنها الديكتاتوريات العاتية  بعد صفقات المصالح كما حصل  بالنسبة للديكتاتورية الطفيلية في ليبيا . وعندما نتحدث عن الديكتاتوريات الطفيلية في عالمنا العربي قد  يظن البعض أننا نقصد فقط روسيا والصين وإيران ، ونستثني من ذلك ما يسمى حلف الناتو. فهذا الحلف أيضا عبارة عن ديكتاتوريات جبارة توجد تحت ظلها ديكتاتوريات طفيلية صغرى تقتات من فتات ظلمها . ومعلوم أن الصراع بين الديكتاتوريات الكبرى من هذا المعسكر أو ذاك، تنعكس على الديكتاتوريات الطفيلية حسب تبعيتها لهذا المعسكر أو ذاك .

فالديكتاتوريات الطفيلية التابعة لديكتاتوريات الناتو  تنهج نهجها في الاستبداد المقنع  من خلال  لعبة الإعلام ، حيث  تحاول الظهور بأنها أنظمة سوية لا علاقة لها بالاستبداد ، والحقيقة أنها تمارس الاستبداد المقنن  ،والمبهرج من خلال  شعار الديمقراطية ، وهي ديمقراطية لا توصل إلى صنع القرار سوى الديكتاتوريات الطفيلية المصبوغة بصبغة الناتو. والضحية بالنسبة لكل أنواع الديكتاتوريات الطفيلية في الوطن العربي سواء كانت بلون هذا المعسكر أو ذاك، هي الشعوب العربية المسكينة التي تدفع الثمن غاليا من أرواح ، ودماء , وكرامة ، وحرية أبنائها. ومعلوم أنه لا يوجد قنفذ ، أو ضربان  بريش ناعم ، أو فروة ناعمة ، بل بأشواك تختلف في أحجامها ، ولكنها كلها تدمي من مسها أ و لامسها . فلا توجد ديكتاتورية طفيلية  أفضل من غيرها ،بل كلها من نفس النوع . وكما تعلمت الديكتاتورية الطفيلية السورية  القمع من روسيا والصين وإيران  ، فقد تعلمته أيضا من الصهيونية ، ومن الناتو في العراق ، وأفغانستان وغيرهما  . والديكتاتوريات الطفيلية المتغذية من فتات الناتو تأخذ الاستبداد المقنع من  ديكتاتوريات  الناتو ،  كما تأخذه  أيضا من ديكتاتوريات روسيا والصين وإيران  إذا اقتضى الأمر ذلك . فالقمع هو ضالة الديكتاتوريات العربية على اختلاف مصادر تمويلها ديكتاتوريا ، ولا يعنيها أن يكون القمع مستوردا من هذا المعسكر أو ذاك  ، بل كل ما يعنيها  أنه قمع يجب أن يصرف ويستثمر وفق المصالح ، ووفق الظروف المتحكمة في  سياسة العالم ، وهي سياسة اغتنام الفرص ضرب الحديد وهو ساخن كما يقال . ولقد كان العالم  دائما ، وعبر تاريخ البشرية عبارة عن ديكتاتوريات متعاقبة  يرث بعضها بعضا ، ويهلك بعضها بعضا، باستثناء فترات بعثة الأنبياء والرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم ، علما بأن دواعي الرسالات السماوية كانت  دائما هي مناهضة الاستبداد أو الديكتاتوريات عبر العصور. فالديكتاتوريات  عبر التاريخ  البشري الطويل عبارة عن  تأليه للطغاة الذين يستخدمون الجيوش  التي تقوم مقام الحيوانات  الضارية المروضة عن طريق إشباع بطونها  ، وفروجها ،  لاستخدامها للظلم ، ولتقوم بعملية قمع كل من يناهض الحكام المستبدين، الذين يصنعون عار الديكتاتوريات سواء الأصول منها أم الفروع  الناتجة عنها . ولقد كان الصراع عبر التاريخ بين أنواع الديكتاتوريات المختلفة صراع مصالح متقاطعة  أو مستعرضة . والقضاء على الديكتاتوريات الطفيلية إنما يكون بقطع خطوط إمداداتها من الديكتاتوريات الكبرى التي تغذيها ، ومن ثم يكون باستئصال هذه الأخيرة  ليسهل  استئصال الطفيليات المستظلة بها ، والواقعة في حضنها .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *