مؤسسة افــاق للتعليم والثقافة – هولندا
هولندا وفزاعة الاسلام
في الوقت الذي أصبحت فيه الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا, مرغمة على تقبل الأحزاب الاسلامية الفائزة في الانتخابات في البلدان العربية , ليس قناعة منها ولكن بفضل الله  أولا, وبسبب تأثيرات الربيع العربي وانتفاضة الشعوب العربية في وجه الظلم والاستبداد والقهر ثانيا. تبقى دولة هولندا تغرد خارج السرب, وتستمر في انتهاك حرمات الاسلام والمسلمين, خصوصا الحكومة اليمينية الحالية وعلى رأسها الحزب اليميني المتطرف « حزب الحرية  » الذي يتزعمه فيلدرس. بعبارة أخرى , هولندا تسير الان في الاتجاه المعاكس أي مثل ذلك الذي ذاهب الى الحج والناس راجعون .
اذا رجعنا الى السنوات القليلة الماضية, نتذكر جميعا الضجة الكبيرة التي قامت آنذاك , لما كان الشيخ الامام خليل المومني يؤم بالناس في مسجد النصر بمدينة روتردام. الامام المومني كان محبوبا لدى الجميع, ليس فقط لاستقامته وتواضعه الكبيرين , بل كذلك لشجاعتة وتناوله مختلف المواضيع وخصوصا القضية الفلسطينية والقدس الشريف. حيث كان عدد المصلين المغاربة والعرب والمسلمين الاخرين, يتجاوز3000 مصلي كل صلاة جمعة.
أمام كل هذا , قام صحافيان مشبوهان باستدراج الشيخ المومني الى استجواب مبني على الغذروالمكر , لمعرفة رأي الاسلام في الشذوذ الجنسي. ولان تناول القضية الفلسطينية والتحدث عن المجازر التي ترتكبها اسرائيل في فلسطين, تعتبر من المحرمات في هولندا,  ولايمكن الغوص فيها. لانها بمثابة خطوط حمراء عند أغلب السياسيين الهولنديين سواء كانوا يمينيين أو يساريين , تم  نشر تصريحات الشيخ حول الموضوع المذكورعلى أوسع نطاق لغرض في نفس يعقوب. وقامت الدنيا ولم تقعد , واصبحت صورة الامام تعرض على كل القنوات والجرائد الهولندية وأصبح الجميع يطالب بطرده من هولندا أو محاكمته . لكن القدرة الالهية من جهة , ونزاهة القضاء الهولندي من جهة أخرى, حكمت المحكمة على الشيخ بالبراءة التامة , وخرج الامام منتصرا. وللتاريخ فقط , لابد أن نذكر هنا بما قاله لنا آنذاك السيد هرمان مايير من حزب اليسار الأخضر ورئيس مجموعة الشواذ بروتردام, اذ قال بالحرف الواحد: » اني أعتبرهذا الامام انسانا صادقا, لأنه عبرعن ما جاء في الدين الاسلامي. ولو كان قد قال قولا مغايرا, لعتبرته انسانا منافقا ولايصلح أن يصلي وراءه هذا العدد الهائل من المسلمين. »
بعد هذه القضية المثيرة , ظهر الحزب اليميني المتطرف  » حزب الحرية » الذي يتزعمه فيلدرس, وفي ظرف وجيز استطاع أن يكتسح الساحة السياسية الهولندية , حيث وجد الجوملائما لطرح أفكاره العنصرية  ,خصوصا بعد  مقتل  بيم فورتاون والمخرج السنمائي تيو فان خوخ اضافة الى أحداث 11 شتنبر.
أمام هذه الأرضية الخصبة  ولزرع  أفكاره الهدامة, ونشر الكراهية في المجتمع الهولندي , قام فيلدرس بغروره المعتاد , مدفوعا  وممولا من طرف بعض الجمعيات اليمينية المتطرفة الأمريكية  , وخصوصا الجمعيات الصهيونية, كما جاء  ذلك في برنا مج هولندي, بثته احدى القنوات التلفزيونية السنة الماضية , حيث لم ينكر فيلدرس مصادرأمواله وعن اتصالاتة الدائمة باسرائيل بل عكس ذلك, قالها علانية ودون عقدة. نقول قام هذا الأخير بجمع  بعض الصور من أحداث 11 شتنبر وأضاف اليها لقطات من أحداث مدريد وختمها بحرق القرآن الكريم واعتبر هذه الفعلة الشيطانية بالانجازالكبير, مدعيا أنه صنع فيلما  أطلق عليه اسم  » فـتنة Fitna » .
بطبيعة الحال, مدة هذه اللقطات التي سرقها لاتتجاوز عشر دقائق , وكان الغرض من ذلك هو تشويه صورة الاسلام والاساءة الى المسلمين وتصدير بضاعته الكاسدة الى الدول الغربية و أمريكا واسرائيل بالدرجة الأولى.ورغم التنديد الشديد من طرف الجالية المسلمة وخصوصا الجالية المغربية بهذه الأفعال الدنيئة ورفع دعوة قضائية ضده,الا أن المحكمة الهولندية برأت فيلدرس واعتبرت مايقوم به , يدخل في حرية التعبير وبالتالي لايمكن ملاحقته.
لنترك هذا  جانبا وننتقل الى موضوع الامام محمد المغراوي. حيث قامت السلطات الهولندية بمنع دخوله الى هولندا للحضور الى ندوة مبرمجة يوم 23 الى 27 دجنبر بجانب أئمة آخرين , تنظمها مؤسسة مسجد السنة بمدينة لاهاي . وجاء رفض منحه الفيزا  للامام حتى قبل أن يقدم طلبا للحصول عليها, بعد ضجة كبيرة تزعمها اليميني المتطرف فيلدرس في البداية,ثم التحقت به فيما بعد, نائبة برلمانية من أصل مغربي وتنتمي الى حزب العمل حسب مانشرته جريدة التلغراف الهولندية في صفحتها الأولى يوم 19 دجنبر 2011.
أما فيما يخص موضوع منع الذبيحة على الطريقة الاسلامية , فالحمد لله أن مجلس الشيوخ     – الغرفة الأولى –  صوت ضد منع الذبيحة, ليس لسواد عيون الجالية المسلمة, بل بسبب ضغط الجالية اليهودية من جهة لأن الموضوع يهمها هي الأخرى , و من جهة أخرى ,هناك معطى آخــر يتعلق بالجانب الاقتصادي , لأن المستفيد الأول ,هم الفلاحون و مربوالماشية , اضافة الى الدولة الهولندية التي تذر عليها هذه العملية أموالا طائلة نظرا لكون الجالية المسلمة التي يقدرعددها بأزيد من مليون نسمة , تستهلك اللحوم بكثرة خصوصا في الأعياد والمناسبات .هذا ولقد سبق للبرلمان الهولندي- الغرفة الثانية- أن صوت بالأغلبية المطلقة لصالح منع الذبيحة على الطريقة الاسلامية,وكان ينوي  اصدار قانون لمنع ختانة الأطفال المسلمين, مستغلا في ذلك ضعف وتشردم الجالية المسلمة, وعدم وجود أي اطار يوحدها ويتكلم باسمها .
أخيرا , ننهي هذا المقال بالخبر الذي أوردته جريدة Dagblad De Pers الهولندية يوم الجمعة 16 دجنبر من الشهر الحالي  بقلم السيد Peter Wierenga, حيث قام النواب في البرلمان الأوروبي و البالغ عددهم 700 نائب , بالوقوف دقيقة صمت ترحما على كل الشهداء الذين سقطوا في الثورات العربية الأخيرة,  ما عدا نواب حزب فيلدرس و البالغ عددهم 7 نواب ,  الذين امتنعوا عن الوقوف ترحما على الشهداء وعللوا موقفهم الشاذ هذا,  كون الديموقراطية   في الوطن العربي لن تتحقق أبدا مادامت هذه الشعوب تعتنق الديانة الاسلامية. مما جعل  الكاتب يختم مقاله بالقول : » اذا كان هؤلاء النواب لايحترمون الأموات, فكيف سيحترمون الأحياء ». انها فعلا قــمـة الــــوقــاحة .