على الوزارات الوصية على الدين منع كل أشكال الاعتداء على المشاعر الدينية للأمة تجنبا للصراعات الطائفية
من المعلوم أن ظاهرة المساس بمشاعر المسلمين بدأت أول الأمر في فلسطين المحتلة على يد العصابات الصهيونية المتطرفة ،التي أساءت إلى الإسلام من خلال الإساءة إلى شخص النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال تدنيس المساجد وإحراقها . وانتقلت هذه الظاهرة إلى الدول الغربية في الولايات المتحدة ،ودول أوروبية حيث يوجد اللوبي الصهيوني الذي لا يتوقف عن استفزاز مشاعر المسلمين من خلال الروايات والأفلام والرسوم الكاركاتورية المسيئة لشخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال إحراق نسخ القرآن الكريم على يد القساوسة الحاقدين ، ومن خلال التضييق على المساجد ، ومنع اللباس الإسلامي ، إلى غير ذلك من أنواع الاستفزازات المطبوخة بشكل مكشوف من طرف جهات يحركها اللوبي الصهيوني ، واليمين المسيحي المتطرف المتصهين .
وإذا كنا لا ننتظر من هؤلاء الصهاينة ومن يواليهم إلا الإساءة لأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا بشهادة القرآن الكريم ، فالأغرب من ذلك أن تستنبت في وطننا العربي نابتة خبيثة النشأة تجاري الصهاينة والصليبيين المتصلبين في ظاهرة الإساءة إلى الإسلام . ومعلوم أن هذه النابتة الخبيثة تظهر بين الحين والآخر لاستفزاز مشاعر المسلمين إما عن طريق المطالبة بالإفطار في رمضان ، أو عن طريق أفلام مسيئة للإسلام ، أو عن طريق أفلام كارطونية كما هو شأن آخر ما وقع في تونس بسبب ما أذاعته قناة نسمة ذات التاريخ المعروف في استفزاز مشاعر المسلمين زمن حكم الطاغية الفار . وتتعدد مظاهر استفزاز مشاعر المسلمين في البلاد العربية من قبيل انتشار أماكن الانحلال الخلقي والعري ، والإعلام المتجني على الدين بشتى الطرق تحت شعارات حرية التعبير وحرية الرأي . ومقابل ظاهرة انتشار وتعدد مظاهر استفزاز مشاعر الأمة الدينية تقوم دنيا البعض ولا تقعد عندما تحدث ردود أفعال على الاستفزازات. فبالأمس تحركت الشرطة التونسية للتصدي للجموع الغاضبة التي استفزها الفيلم الكرطوني المتجاسر على الذات الإلهية المقدسة الذي قدمته قناة نسمة . وفي المقابل لم نسمع بإجراء قانوني ضد هذه القناة مع وجود وزارة مسؤولة عن الشأن الديني ـ يا حسرتاه ـ .
فلا يعقل أن يتم التصدي بالقوة لردود أفعال غاضبة بسبب استفزاز المشاعر الدينية دون التصدي للأفعال المستفزة لهذه المشاعر . وإن الحرية ليست سائبة ،بل هي مقيدة ذلك أن حرية كل شخص في المجتمع تنتهي حيث تبدأ حرية غيره . فإذا ما طاب لأصحاب قناة نسمة التونسية الذين لا يعنيهم الدين في شيء أن يعرضوا فيلمهم الكرطوني باسم الحرية ، فحريتهم يجب أن تقف حيث تبدأ حرية الشعب التونسي المتدين منذ أن دخل الإسلام تونس ، وقبل أن تحبل أمهات غير المعنيين بالإسلام بهم فيها. وما حدث في تونس يحدث في كل البلاد العربية كلما استفزت مشاعر المسلمين بعمل طائش من فئة شاذة جنسيا أو فكريا أو عقديا . وليس من قبيل الصدفة أن تتزامن أحداث أقباط مصر مع أحداث تونس ، ومع التهديدات الأمريكية بحماية أماكن عبادة الأقباط وتحذير الجيش المصري بسبب ذلك ،علما بأن الأقباط لم يشملهم تهديد منذ دخل الإسلام مصر ، ومع الكتابات العلمانية في بعض وسائل الإعلام ،والمستهدفة للدين تصريحا وتلميحا ، ومع التلويح بتصعيد الصراع الطائفي السني الشيعي بين تركيا وإيران من خلال بؤر التوتر في سوريا والبحرين ولبنان . فالقضية محبوكة بخبث من أجل زعزعة أمن واستقرار الأمة الروحي في خضم أحداث الربيع العربي الذي يخشى منه أن يأخذ صبغة دينية بسبب غبن الاحتلال الصهيوني والأطلسي للبلاد العربية والإسلامية . ففي هذه الظروف الدقيقة والعصيبة يتعين على الوزارات الوصية على الدين في الوطن العربي أن تتولى حمايته ، وحماية مشاعر المسلمين مهما كان نوعها ، ومهما كان مصدرها في الداخل أو الخارج وذلك لمنع الاحتقانات ، ومنع الانجراف نحو الصراعات الطائفية التي يخطط لها بخبث وفق أجندات أجنبية تتوجس من اليقظة العربية والإسلامية بعد عقود من الظلم الصارخ في البلاد العربية والإسلامية ، وهو ظلم مزدوج ظلم الغرب ، وظلم الأنظمة المستبدة الدائرة في فلكه ، والتي بدأت الثورات المباركة في إزالتها سلميا من أجل قطع الطريق على التهم الملفقة لها بالإرهاب ، وهي ذريعة من أجل بسط النفوذ في البلاد العربية والإسلامية والسيطرة على خيراتها ، والحيلولة دون نهضتها .
وعلى الأمة المستفزة في مشاعرها أن تكون واعية بما يحاك ضدها ، ولا تنساق وراء الاستفزازات المقصودة عن عمد وسبق إصرار من أجل تبرير التدخل في شؤونها ، وفرض الوصاية عليها بذرائع تنطلق من ردود الأفعال على الاستفزازات وهي صانعة الأفعال الاستفزازية . وعلى الأمة أن تواجه ما يحاك ضدها بمزيد من اليقظة والوعي لتفويت الفرصة على أكبر مؤامرة على إثر أحداث الربيع العربي المحرجة للغرب وللأنظمة الخاضعة له بشكل غير مسبوق . إن الوزارات المسؤولة عن الشأن الديني لم توجد لتقف موقف المتفرجة على الاستفزازات المستهدفة للدين ولمشاعر الأمة . وإذا ما حدثت ردود الأفعال على هذه الاستفزازات طلعت بفتواها ضد ردود الأفعال متجاهلة الأفعال المسببة لها . إن أشكال التطرف والتعصب إنما يسببها عدم تدخل الوزارات المسؤولة عن الدين في الوقت المناسب لمنع كل أنواع الإساءات إلى الدين . واليوم تشهد العديد من البلاد العربية استفزازات خطيرة من قبل عدة أطراف سواء المعادية للدين أصلا كالصهيونية والصليبية المتصلبة ، أو المنحرفة كما هو شأن الرافضة الذين يهددون العالم السني المسلم من خلال الدعاية المغرضة التي تسوق لتهم التخوين في هذا العالم من أجل استقطاب الناشئة والأغرار من خلال محاولة احتكار الجهاد والمقاومة ضد الكيان الصهيوني وأعوانه ، وكأن العالم السني لا يتبنى الجهاد والمقاومة ، وأنه هو المسؤول عن ضياع المقدسات ،علما بأن الواقع يشهد شهادة لا تقبل الطعن أن الرافضة كانوا وراء احتلال العراق ، وأن القوات الأطلسية سلمت لهم العراق من أجل الضغط على العالم الإسلامي السني وابتزازه من خلال تخويفه من أطماع الدولة الصفوية الرافضية في إيران ، والتي تتاجر وترتزق بقضايا العالم السني من خلال ما تبثه من طوابيرها الخامسة في هذا العالم من أجل التغطية على خدمة مصالحها في المنطقة ، ومن أجل ضمان وجودها كسرطان خبيث يهدد العالم السني إلى جانب السرطان الصهيوني والأطلسي الذي لا تعنيه سنة ولا شيعة بقدر ما تعنيه مصالحه ، وهو على وشك انهيار اقتصادي مهول لا ينقذه منه إلا بسط نفوذه على خيرات أمتنا التي اشتد بلاؤها من كل جانب في هذا الزمن الرهيب زمن نشاط الورم الرافضي الخبيث ، وورم العلمانية الخبيثة ، وكلاهما متحالف تحالف مصالح مع الكيان الصهيوني والأطلسي .
Aucun commentaire