حركة 20فبراير و « محاولة عيش »
» انتهت اللعبة » هذا هو شعارالخلاص الذي أثث المشهد الإحتجاجي على امتداد رقعة الوطن العربي تقريبا. وهو لوحده يلخص حجم التذمر والمعاناة التي طالت بني يعرب جراء حكم متسلط وعدالة اجتماعية مفقودة. لذلك بدت الأمة العربية كأنما استفاقت على واقع لم تحلم به يوما ما. فقد جرب الشعب العربي الثورات بكل تلاوينها فلم تفلح في انتشاله من واقع التسلط والقهر, وعاش تجربة الإنقلابات العسكرية فكان مصيره مزيدا من الضغط والتحقيرمع قليل مما قد تجود به أريحية العناصر الإنقلابية. وتعايش مع سائر أساليب الظلم والتهميش طمعا في أن الأوضاع ستتصحح ذات صحوة من تلقاء نفسها، لكن لم يشفع لها ذلك من الإنفلات من القبضة الحديدية للواقع المرير. لكن لم يدر في خلد أي كان أنه في يوم من أيام الله ستهب رياح في غير موسمها المعتاد , وفي غفلة من أجهزة الرصد الحساسة لدوائر الحكم في البلدان العربية تساقط رذاذ الأمل على الأرض العربية فاهتزت وربت وأثمرت ربيعا يانعا تفاءلت به القلوب اليائسة وانفتحت له أسارير الأحرار والغيورين على مصير هذه الأمة. إنه الربيع العربي للديمقراطية والكرامة.
لقد اختاركل قطرموعد انطلاق قطاره ليزحف على بساط الربيع العربي في سباق محموم نحو الأمل . فكانت حركة 20 فبراير المغربية في الموعد رافعة شعار التغييرالذي استعصى. وإذن فإلى متى سيظل الشعب المغربي يدفع فاتورة مجاراته هؤلاء الذين يتصدرون المشهد الحزبي بمنطق الخلود،وإلى متى سيسمح لهم بتمديد هذا التفويض اللا مشروط والذي من شأنه رهن مصير الأجيال الحاضرة واللاحقة لسمسرة مفتوحة؟
إن الكل يعلم أن السياسة في بلادنا صارت بدون طعم ولا رائحة حتى، فقد استحالت لعبة قذرة بأيدي بعض محترفي السياسة الذين يبرعون في فذلكة الكلام وتوزيع الأوهام . وانحدر الأداء الحزبي جراء الإنهاك المقصود الذي لازمه منذ فترة التأسيس.وأصبحنا إزاء هيكل منخور القوى، يعبئه المغرضون وينفخون فيه الروح كلما حلت مناسبة دعائية أو محطة انتخابية.
فطبيعي إذن أن يكون لهذا الوضع الشاذ ما بعده ، فقد أصبح المواطن يتبرم كلما حدثته في السياسية وحاولت إقناعه بجدواها، حيث هو علة وجودها ومحور اشتغالها. لذا تراه يدير ظهره لكل دعوة للإنتماء الحزبي، ليس نزوعا إلى العدمية واستهتارا بالمسؤولية، بل لإنه بلغ درجة من اليأس استحال معها ترميم قناعاته بجدوى الممارسة السياسية، فتخلى طواعية عن وهم التغيير. لذا يجب أن نعلم أن هذا اليأس الذي يغذيه إصرار بعض الفرقاء السياسيين على الحفاظ على توازنات مصطنعة، بل ومتحكم فيها من عل، جعل الأداء السياسي الذي يراد له أن يكون فعالا ونزيها وذا مصداقية، يتوارى ويغرق في الشكليات لأنه يفقد عند كل امتحان جزءا من القاعدة الشعبية التي تغذيه وترسخه .
ولعل ولوج السياسيين أو بعضهم على الأقل سوق المزايدات على الناخب المفترض بآليات وأساليب ماكرة ليس أقلها شراء الذمم ، فضلا عن الترويج لوهم الديمقراطية بالسماح لتناسل الأحزاب لإحداث أغلبية متحكم فيها، وتمكين هذه الأحزاب المتحكم فيها من تسخيروسائل الإعلام لتغليط الرأي العام والسعي إلى تقزيم دور الجمعيات النشطة في المجتمع المدني تمهيدا لإلحاقها. كل هذه الحيثيات لن تسفر إلا عن تشكيل أغلبية مفبركة تخشى التغيير الذي يعني في العرف السياسي ،تحقيق لمبدأ التداول السلمي للسلطة وما يستتبعه من سيادة العدالة الإجتماعية وسحب نظام الإمتيازات المشؤوم ،والحد من تغول الأجهزة العسكرية على نظيراتها المدنية.
إن حركة 20 فبراير الوليدة من رحم المعاناة،شأنها شأن كافة الحركات التلقائية المنفلتة من الإيقاع المنتظر للأداء السياسي، لا بد وأن تلاقي صنوفا من التضييق تتراوح بين التبخيس والتيئيس. إلا أن ما يحرج حقا في مواقف هؤلاء الممارسين لهواية التضييق،أي مناهضي التغيير، هو أنهم يتجاهلونك أولا،ثم يسخرون منك، فتصر على المواجهة فيحاربونك وتنتصر عليهم ثم يأتون ليباركون لك. لهذا لم تتنتظر الحركة طويلا حتى تتجمع لديها كافة التوابل الضرورية لأعداد طبق شعبي بنكهة الديمقراطية .وهي تستخدم في إعداده طنجرة الضغط الذي يجسدها الوضع المتأزم لمعظم فئات الشعب من المأجورين و المهضومة حقوقهم و الواقفين على باب الله . هؤلاء جميعا آتروا إلا أن يتخلوا عن الوجبات السريعة والفاترة التي تقترحها عليهم الأحزاب السياسية « العتيدة ». لماذا إذن تحاصر هذه الحركة في حالها ومآلها؟ ألم تستطع أن تحقق في ظرف قياسي وبتكلفة مادية ولوجستيكية بسيطة،ما عجزت عن تحقيقه تنظيمات سياسية استفادت من الدعم الحكومي المشروط بالولاء الصريح أو الضمني لقانون اللعبة السياسية ؟.وهل ما زالت هذه اللعبة ،هي الأخرى، تغري بالممارسة بعد أن ابتذلت قوانينها وذاع سر قنها بفعل أيادي خفية تستطيع أن تخترق كل شيء وتجهضه. وهي الأيادي ذاتها التي جرجرت أطراف سياسية حتى تنكرت لقناعاتها وخذلت بالتالي قاعدتها. لذا فمن المخجل بعد الآن مسايرة حملة التشكيك والتسفيه في حق هذه الحركة التي لها مطالب بسيطة و معلنة ما من أحد يقبل تأجيلها أو نفي مشروعيتها. من له المصلحة في شل هذه الحركة ووأد طموحات الشعب الذي يريد تحقيق مطالب تقطع مع الفساد وتضمن الحد الأدنى من الكرامة التي تتمرغ في كنفها سائر البلدان التي تحترم مواطنيها.؟ لا تتوجسوا من 20 فبراير. إن قصدها نبيل وغايتها اقتراح البديل لذا فاستمرار زخمها سوف لن يحتاج إلى دليل.
3 Comments
Beaucoup de gens disent du mal du mouvement du 20 février. A chaque fois qu’on les voit réunis pour protester ,on les bombarde d’insultes et d’injures. Et cela,personnellement, je n’arrive pas à le comprendre.Car,dans notre pays, tout porte à protester et à crier dans la rue. La corruption,lé « hogra » ,le détournement de biens publics,le favoritisme,le fossé entre les riches et les pauvres qui ne cesse de s’agrandir (en faveur des riches), etc,etc,etc…….
Et le plus surprenant dans tout cela,c’est que personne n’est satisfait de sa situation,tout le monde critique la politique du gouvernement, mais d’après ces sages ,il faut protester doucement, sans le faire savoir,autour d’une bonne tasse de café,dans un des des cafés du centre ville.
شكرا الأخ اقباش على هذ المقال/ الصيحة . لماذا غابت مساهماتك عن هذا الموقع؟..
من هم بنو يعرب،؟؟؟ماهي هذه الأنعات؟، وهل تقارن المغرب بدول عربية اخرى؟المرجو التكوين قبل الشروع في التحليل السوقي