نقد العقل التربوي : سياسة فرنسا الاستعارية في الحقل التربوي المغربي
و قد تبين في الآن ذاته أن التعليم التقليدي السائد بالمغرب سواء في جامع القرويين بفاس أو بالزوايا و المساجد و الكتاتيب القرآنية المنتشرة عبر أرجاء المغرب غير مؤهل لمسايرة النمط التعليمي الذي أفرزته في أوربا و أمريكا عوامل الثورة الصناعية و ما أحدثته من تغييرات اقتصادية و اجتماعية خلال القرنين 18 و 19 ، لقد انحصر هدف التعليم بالمغرب في الحفاظ على نخبة محددة، الهدف منها هو تدبير شؤون المخزن من جهة، و مؤازرة السلطان المختار بين أفراد العائلة الملكية من جهة أخرى، و من بين الفئات المتخرجة من مراكز هذا التعليمي و خاصة من جامع القرويين، نجد القضاة،العدول،المحتسبين و الكتاب و الفقهاء وغيرهم، إلا أن هذا النمط من التأهيل لا يستطيع مسايرة و منافسة التعليم بالشكل الذي اعتمدته أوربا في نهضتها، و لم يتمكن من توفير الأطر الضرورية لنمط الاقتصاد الحديث، كل هذا سهل مأمورية سلطات الحماية على وضع سياسة تعليمية بالمغرب تستجيب في الوقت نفسه لنواياها التوسعية و لمصالحها الخاصة .
إن استخلاص أبعاد السياسة التعليمية المطبقة بالمغرب من لدن فرنسا إبان الحماية يستوجب الاعتماد على نصوص مختارة من أدبيات كبار منظري الحماية أمثال: ليوطي- و جورج هاردي – و لوجي – و بول مارتي، و ما يهمنا من هؤلاء أقوالهم حول التربية و التعليم، يقول هاردي: » إن انتصار السلاح لا يعني النصر الكامل، إن الرؤوس تنحني أمام المدافع حين تظل القلوب تغذي نار الحقد و الرغبة في الانتقام، يجب إخضاع النفوس بعد أن تم خضع الأبدان و إذا كانت هذه المهمة اقل صخبا من الأولى فإنها صعبة مثلها و هي تتطلب في الغالب وقتا أطول « .
هكذا يتضح أن فرنسا أقامت تخطيط سياستها التعليمية بالمغرب على أسس واضحة وذلك خدمة لمصالحها الاقتصادية، الاجتماعية و السياسية، ويظهر ذلك في الإنجازات التالية التي تبين الخريطة المدرسية الناجمة عن توجهات مارتي: » مدارس أوربية خاصة بأبناء الأوروبيين، وهم يتكونون في اغلبهم من الفرنسيين و تحدد مهمتها في خدمة الوجود الاستيطاني -الرأسمالي- الاستعماري لفرنسا بالمغرب، وذلك بإنتاج و إعادة إنتاج القوة البشرية و التقنية المكلفة برعاية الظاهرة الاستعمارية و تعميقها و توسيع مداها .
2 Comments
DOUSSTOUR 2011 LE DEBIT DE LA DEMCRATIE AU MAROC
DOUSSTOUR 2011 LE DÉBIT DE LA DÉMOCRATIE AU MAROC