الحل لفوضى المناصب والألقاب في وزارة التربية هو مراكز تكوين متخصصة
من المعلوم أن وزارة التربية الوطنية تعرف فوضى عارمة فيما يتعلق بالمناصب والألقاب المرتبطة بها . و الفوضى تبدأ من منصب الوزير نفسه الذي يسند على أسس حزبية لا على أساس الخبرة والأهلية والتخصص . فلو استعرضنا تاريخ هذا المنصب وقد تجاوز عدد من تبوأه العشرات منذ بداية الاستقلال لوجدنا معظمهم ليس بينه وبين التربية والتعليم إلا الخير والإحسان على حد تعبير المغاربة ، ولا يعدو بعضهم كونهم مجرد حجامة يتعلمون الحجامة في رؤوس اليتامى كما يقول دائما الشعب المغربي الحكيم . ومعلوم أن هذا المنصب وقبل انتماء صاحبه الحزبي لا بد له من مؤهلات علمية تخصصية تمت بكبير صلة إلى قطاع التربية والتعليم . وبعد فوضى منصب الوزير في الوزارة الوصية تتوالى الفوضى في باقي المناصب على الصعيد المركزي إذ يصير المسؤول مركزيا بناء على انطباعات المحسوبية الحزبية أو الزبونية. فالمديرون المركزيون هم كذلك بقدرة قادر وليس بموجب كفاءة وأهلية يؤكدها التخرج من مراكز أو معاهد تكوين ذات مصداقية علمية وإدارية تولج بعد اجتياز امتحانات دخول وتخرج وبحوث نظرية وتطبيقية تناقش أمام لجان علمية متخصصة ونزيهة وموضوعية .
وعلى غرار فوضى المناصب المركزية تأتي فوضى المناصب الجهوية والإقليمية لمديري الأكاديميات ونواب الوزارة حيث يكون اعتبار المحسوبية الحزبية والزبونية هو معيار إسناد هذه المناصب لهذا يتهافت البعض على تغيير الجلود الحزبية كما تفعل الثعابين من أجل الحصول على هذه المناصب التي صارت في حكم التسيب ، وربما لجأ البعض حتى إلى شيوخ الزوايا يطلبون الشفاعة من أجل الحصول على ما لا يحق لهم ولا هم أهل له وما ينبغي لهم وما يستطيعون . وهذه الفوضى العارمة في مناصب التدبير المركزية والجهوية والإقليمية هي بسبب غياب مراكز ومعاهد التكوين التي تولج بالمباريات التي تقيس المؤهلات والكفاءات عند الدخول ، وبامتحانات التخرج والشواهد والدبلومات ذات المصداقية على غرار ما يوجد لدى الوزارة الوصية من مراكز ومعاهد والتي تقف عند حد مراكز تكوين المفتشين والأساتذة ، وكأن فئة المفتشين والأساتذة وحدها التي ينسحب عليها قانون اعتماد الأهلية والكفاءة أما غيرها فيلج المناصب بنعله كما يقول المغاربة لأن وزارة التربية الوطنية صارت دار « خالي موح غي كول وروح » كما يقول دائما المثل المغربي الحكيم . وفوضى المناصب المركزية والجهوية والإقليمية أغرت باقي الفئات بالطمع في تزلف المناصب والحصول على الألقاب مجانا حيث تسلقت العديد من الفئات عبر سلالم الوظيفة العمومية إلى مناصب تتبرأ منها ، لمجرد بلوغ المحطات النهاية من هذه السلالم بوضعيتها الإدارية الأصلية الحقيقية فازداد طمعها في ألقاب وصفات تعتقد أنها تناسب ما بلغته من أرقام استدلالية فطالبت بتغيير إطارها ، وصار ت لها أطر فوق مؤهلاتها العلمية والمهنية بموجب معيار الأقدمية أو معيار تغيير الإطار دون أن تعرق أو تنزف من أجل ذلك .
وهكذا صرنا أمام فئات من مفتشي الوزارة في شتى التخصصات بدون ولوج مراكز أو معاهد تكوين و بدون اجتياز مباريات ولا امتحانات دخول أو تخرج ولا بحوث تناقش ولا هم يحزنون لأن حمى الوزارة استبيح بشكل غير مسبوق . ومن الذين أباحوا حمى هذه الوزارة مستفيدون مركزيون منهم من قضى نحبه ومنهم من تقاعد ، ومنهم من ينتظر ،وهم الذين سنوا السنة السيئة التي عليهم وزرها ووزر من عمل بها واستفاد منها إلى يوم القيامة حيث استصدروا النصوص التشريعية والتنظيمية لفائدة وضعياتهم من أجل تغيير إطارهم والانتماء بموجبها إلى أطر لا تمت إليهم بصلة على غرار ما حدث بموجب ما يسمى ولوج التفتيش عن طريق مباراة انتقاء استحدثت خصيصا لتصير مجموعة من العاملين بالوزارة بأطرهم التربوية السابقة مفتشين بلا حقائب ولا تفتيش . ومنهم من قضى نحبه أو تقاعد أو لازال وقد حصل على النجاح في المباراة التي أشرف عليها صاحبه « حميدة المان وحميدة الرشام « على حد تعبير أهل المغرب الشرقي ، مع نوع من ذر الرماد في العيون عن طريق اختيار مجموعة من الأساتذة الذين صاروا مفتشين ممارسين من أجل التمويه على الذين حصلوا على اللقب بلا ممارسة . فهذه السنة السيئة هي التي أغرت كل من هب ودب للطمع في منصب التفتيش ، وما أكثر المفتشين من غير خرجي مركز تكوين المفتشين الذين استفادوا من السنة السيئة وشاركوا في وزر من سنها لأنهم عملوا بها. وعلى غرار أطماع من لا علاقة لهم ببعض المناصب ظهرت أنواع أخرى من الطمع الطاعون على حد قول أهل المغرب الشرقي أيضا لدى بعض الفئات التي تعيش عقدة إطارها الحقيقي الذي لا يرضيها ، وتريد التخلص من عقدتها هذه عن طريق النضال النقابي ، وهو ما زاد طين وضعية الفوضى بلة كما يقال .
ومما كرس هذه الوضعية فوضى أخرى يمكن أن تسمى فوضى الشواهد حيث تحاصر عقد المهام أصحابها الذين لا يرضون بالبقاء في مهامهم الأصلية ، ويرون أن دفع مستحقات شواهدهم تعني بالضرورة تغيير مهامهم ومناصبهم علما بأن هؤلاء منهم من حصل على شواهده على حساب القيام بالواجب نقوله ولا نخشى في ذلك لومة لائم لأن واقعهم في مهامهم الجديدة تؤكد ذلك بالملموس والمحسوس ، وماضيهم في مهامهم السابقة تؤكد ذلك أيضا . ومما شجع على فوضى الشواهد ترك الحبل على الغارب في المؤسسات الجامعية حيث صارت الشواهد عبارة عن صبيب دون مستوى ودون قيمة علمية ، فضلا عن غياب التخطيط بحيث يغادر أصحاب الشواهد مناصبهم السابقة ويخلفون وراءهم فراغا إلى جانب الارتباك الذي يسببونه أثناء حصولهم على مناصب جديدة . كل ذلك يحصل والوزارة تغط في سبات عميق وتراكم الفوضى من كل نوع وصنف ، حتى وجدت نفسها في مأزق غير مسبوق أمام مطالب شتى وغريبة وعجيبة . وليس أمام الوزارة الوصية سوى وضع حد لهذه الفوضى العارمة من خلال تنظيم هيكلتها ، ومن خلال ضبط حاجياتها بناء على تخطيط علمي دقيق ، ومن خلال تكوين الأطر المختلفة عبر معاهد ومراكز تكوين وعن طريق المباريات والامتحانات وبدون محسوبية أو زبونية ليعول كل طامع أو طموح على كفاءته ومؤهلاته وعرق جبينه عوض الاحتماء بالحزب والنقابة والزاوية والنسب والولاء وما لا يعلمه إلا الله عز وجل من طرق الوصولية والانتهازية التي أفسدت قطاع التربية الحيوي الذي يمد كل القطاعات بالحياة أو بالإفلاس الشامل .
2 Comments
كل ماذكر في مقالك فهويجسد الفوضى الذي تتخبط فيه وزارة التربية الوطنية
بشرط أن تكون هذه المراكز ،مختلفة عن مراكز التكوين التي خرجت بعض المفتشين الذين لا يفقهون في اي شيء و يتظاهرون بانهم يعرفون كل شيء