الطائفية آفة الإعلام العربي
من المفروض في المنابر الإعلامية مهما كانت نشدان الحقيقة بكل نزاهة وموضوعية وحيادية . والحقيقة بين بني البشر متعددة وليست واحدة ، لهذا فالتعبير عنها مختلف إلى حد التناقض والتضارب ، ولهذا لا بد أن تكون المنابر الإعلامية على وعي تام بهذه الحقيقة ، ولا تسقط في الاعتقاد بوجود حقيقة واحدة ووحيدة لأن هذا الاعتقاد يوقع بالضرورة في داء التحيز ، وفي داء الطائفية. ومنابرنا الإعلامية العربية كثيرا ما يصيبها داء التحيز وداء الطائفية فتميل كل الميل إلى جهة معينة فتذر غيرها من الجهات كالمعلقة. ولنا أمثلة كثيرة لمنابر مختلفة تتراوح بين فضائيات وجرائد إلكترونية وما بينهما من وسائل أخرى.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر خلاف المذيع غسان بنجدو مع قناته الجزيرة. لقد ظل هذا المذيع لسنوات ينقل الفكر الطائفي ، ويدير الحوارات المتعلقة بطائفة معينة ورائحة الطائفية المنبعثة منه تزكم الأنوف ، ولما سارت القناة في اتجاه يعارض قناعته الطائفية شق عليها عصا الطاعة ، وصار ينتقدها ، وهو الذي عاش في حضنها لسنوات دون أن تبدو له عيوبها من قبل حتى خالفت هواه الطائفي. فما حدث بين قناة الجزيرة ومذيعها غسان بنجدو يفيد أن كلا منهما تنكب الحرفية الإعلامية ، فلا قناة الجزيرة تعرف شيئا اسمه المهنية والحياد والموضوعية والتجرد ، ولا مذيعها كان في يوم من الأيام موضوعيا ومحايدا. وليس غسان بنجدو المذيع الوحيد في قناة الجزيرة المصاب بداء الطائفية ، فأمثاله كثير نذكر منهم مثلا المذيع أحمد منصور الإعلامي المتحرش والمستفز لكل من لا يوافق هواه الطائفي. وليست الجزيرة القناة الوحيدة المكرسة للطائفية بل غيرها كثير من قبيل قناة المنار وقناة العالم ، وقنوات الخليج التي تقدم الحقائق الطائفية على أساس أنها حقائق لا يأتيها باطل من بين يديها ولا من خلفها. فالمتابع لهذه القنوات يرى حقيقة واحدة مقابل غياب الحقائق الأخرى. وقد افتضح أمر هذه القنوات عندما تعارضت الحقائق في الساحة العربية. ونسوق كمثال الحراك الشعبي في دولة البحرين . فحقيقة هذا الحراك قدمها لنا الإعلام العربي وفق الطرح أو التخريج الطائفي ، ففي حين قدمت قناة المنار وقناة العالم هذا الحراك بشكل قدمته قناة الجزيرة وقناة العربية بشكل آخر، مما يعني وجود حقيقتين مختلفتين لا حقيقة واحدة ، والقاسم المشترك بين هذه القنوات الأربع هو طغيان الطائفية عليها . وعلى المتابع العربي لهذه القنوات أن يكون مستعدا للبحث عن الحقيقة التي يريدها من خلال التغطيات الطائفية للأخبار، وعليه باستعمال مصفاة لمنع مرور الأدران الطائفية إذا ما أراد الوصول إلى الحقيقة التي ينشدها بعيدا عن الطرح الطائفي .
وكمثال على الجرائد الإلكترونية أسوق مثال موقع هسبريس المغربي الذي جربت النشر عليه ،فنشر لي بعض المقالات ، وأهمل الكثير منها لأنه يعاني من داء الطائفية أيضا ، فهو لا ينشر إلا ما يساير هواه من الحقائق. وبمجرد أن تبين للمشرفين عليه أن مقالاتي تحمل حقائق لا تناسب هواهم الطائفي أعرضوا عنها إعراضا دون مجرد اعتذارمنهم . فهذا الموقع يخيل إليه أنه يعكس حقيقة الحراك الشعبي في المغرب ، ويظن أن الحقيقة التي ينقلها عن هذا الحراك هي الحقيقة الوحيدة لهذا لا يسمح بنشر حقائق أخرى ، وهذه هي آفة إعلامنا العربي المصاب بداء الطائفية ، وهو إعلام لا زال في مرحلة المراهقة الإعلامية خصوصا عندما يحاول نهج أساليب بعض وسائل الإعلام الغربية التي لم تعرف عبر تاريخها إلا طائفية ومتحيزة للسياسات الغربية بعدوانها وجناياتها . ومشكلة إعلامنا أنه يعتقد بأن حذوه حذو هذا الإعلام الغربي هو عين الصواب ، وهو الحرفية الإعلامية . وحسب منطق إعلامنا الطائفي فعلى كل طائفة عربية أن تجد لها منابر إعلامية في ظل انعدام منابر تنقل الحقيقة المتعددة لا الحقيقة الوحيدة لأنه لا وجود لحقيقة وحيدة في عالم البشر.
2 Comments
حديثك عن غسان بنة جدو ودفاعك عن الجزيرة هو مجر د ترديد آلي لما تبرر به الجزيرة موقفها الشعبوي التحريضي من الفكر الإعلامي النزيه و المستقل
فرجاء أن تترك القضايا الشائكة للمتخصصين
المرجو من صاحب التعليق أن يتعلم أولا القراءة الجيدة ليتعلم الفهم ثم يعلق بعد ذلك فلة فهمت المقال جيدا لما جاء تعليقك شاهدا على ضعف مستواك في القراءة والفهم وبدوري أقول لك اترك التعليق لمن يعرف القراءة ويجيد الفهم