إنقاذ الشعب الليبي رهين بتمكينه من وسائل الدفاع عن نفسه وليس بمجرد فرض حظر جوي
لقد تأخر التفات العالم إلى الشعب الليبي حتى أباد منه النظام الليبي الآلاف ولا زالت الحصيلة غير معروفة لحد الساعة ، ولا زال الشعب في العديد من الجهات إما محاصرا أو رهينة يستخدم كدروع بشرية يحتمي بها مرتزقة النظام . ولما اضطر العالم للالتفات إلى هذا الشعب المقهور بعد تردد وتلكؤ ولقاءات هنا وهناك ، وخلافات بسبب حرص العديد من دول العالم على مصالحها الاقتصادية أو السياسية حيث قاومت الدول المستفيدة من البترول الليبي كل إجراء من شأنه إنقاذ الشعب الليبي جاءت مبادرة إسعاف الشعب الليبي جد محتشمة عبر قرار مجلس الأمن 1972 الذي تحدث عن حظر جوي من أجل حماية الشعب الليبي مع رفض بعض دول الفيتو التصويت حتى على هذا الإجراء غير الكافي لحماية شعب يبيده نظام جائر حرصا على مصالحها وليس انزعجا أو خوفا على شعب ليبيا من الاحتلال كما تدعي. وقد يؤدي الحظر الدولي الجوي إلى تعطيل عدوان النظام الليبي العسكري الجوي على الشعب ، كما أن مراقبة الشواطىء قد تمنع تسليح النظام ، ولكن النظام الليبي يملك من السلاح ما يدير حربا تمتد لسنوات. والشعب الليبي ليس بيده سلاح يدافع به عن نفسه، لهذا يعتبر قرار مجلس الأمن قرارا ناقصا وغير كاف لأنه قام على أساس حماية الشعب الليبي ، وحماية الشعب الليبي تقتضي تجريد النظام الليبي من كل أسلحته مما يتطلب تمكين الشعب الليبي من أسلحة مكافئة لأسلحة النظام ليستطيع الدفاع عن نفسه دون الحاجة إلى تدخل عسكري أجنبي يرفضه الشعب الليبي قبل أن تدعي الدول ذات المصالح رفضه . وما دام العالم لم يعترف بالثورة الليبية التي بدأت سلمية كالثورتين التونسية والليبية ثم اضطرت لحمل السلاح دفاعا عن نفسها فإنه لا يمكن القول بأن هذا العالم يريد حماية الشعب الليبي.
إن الإشكال المطروح اليوم أمام المجتمع الدولي هو تمكين الشعب الليبي من الدفاع عن نفسه إذ لا يكفي الحظر الجوي الذي لا يمكنه إنقاذ الشعب من عصابات المرتزقة وهم يتخذون من هذا الشعب دروعا بشرية يحمون بها أنفسهم من القصف الجوي الدولي
والشعب الليبي لا بد أن يكون له من يمثله وهو ما سمي بالمجلس الوطني الانتقالي ، وهو مجلس يسد الفراغ في بلد كان النظام الليبي قد جرده من كل المؤسسات ليستبد بالسلطة فيه مع رفع شعارات فارغة بأن الشعب يحكم نفسه بنفسه. وكانت النتيجة وجود بلد بلا مؤسسات وبلا جيش يحمي هذه المؤسسات، لهذا من الصعب وجود حالة شبيهة بما كان عليه الوضع في تونس ومصر في ليبيا. ومن أجل ذلك لا بد أن يتعامل العالم مع المجلس الوطني الليبي الانتقالي في انتظار تحرر الشعب من النظام المستبد لينتقل بعد ذلك إلى بناء المؤسسات وبناء الجيش الذي يحمي هذه المؤسسات . إن الإشكال المطروح اليوم أمام المجتمع الدولي هو تمكين الشعب الليبي من الدفاع عن نفسه إذ لا يكفي الحظر الجوي الذي لا يمكنه إنقاذ الشعب من عصابات المرتزقة وهم يتخذون من هذا الشعب دروعا بشرية يحمون بها أنفسهم من القصف الجوي الدولي. فلا بد من إجراء أو قرار دولي مكمل للقرار 1972 يجيز تسليح الثوار الليبيين بأسلحة مكافئة لأسلحة النظام من أجل حسم المعركة على الأرض ، وتحرير الشعب الليبي من الظلم والطغيان . فالقضية ليست قضية حلف الناتو أو غيره بل هو واجب المجتمع الدولي لإنقاذ شعب بدأ التظاهر السلمي وهو من حقه ، فتم قمعه بقوة السلاح الثقيل ، وهو إجراء يمنعه المجتمع الدولي. أما إذا كان غرض بعض الدول العظمى تأمين وصول نظام إلى سدة الحكم يسد مسد النظام الليبي الذي لم تعد له مصداقية والذي يلعب نفس الدور الذي كان يلعبه النظام المرفوض من طرف الشعب فإن ما يحدث هو مؤامرة لتصفية الثورة التي بدا أن أبناءها يعبرون عن رفضهم لكل وصاية أجنبية ، ويريدون تحرير بلدهم من الهيمنة الغربية التي كانت عليه ، ومن ابتزاز ثرواتهم كما كان عليه الحال خلال حكم النظام الفاسد الذي دأب على شراء صمت الغرب بالرشاوى الفاحشة التي افتضح أمرها مقابل احتفاظه بالسلطة. ولا شك أن الخلاف حول الوضع في ليبيا بين الدول التي تنفذ الحظر الجوي مرده البحث عما يؤمن مصالحها المختلفة ، والتأكد من أن مساعدة الشعب الليبي سيكون على طريقتها لا وفق رغبة هذا الشعب ، وهذه أكبر مؤامرة تشهدها ليبيا التي صارت بلدا يسيل لعاب الدول الطامعة في ظروف أزمة اقتصادية عالمية خانقة يحاول الكل الخروج منها وعلى حساب دول ضحية .
Aucun commentaire