حضرت بعض حفلات اختتام السنة الدراسية بتتويج التلاميذ المتفوقين دراسيا ومنحهم جوائز تحفيزية.إلا أن ما أثار انتباهي رغم ضخامة الجوائز والتي قدرت بالملايين في جل مؤسسات التعليم, حضور محتشم للأساتذة والإداريين والآباء والمهتمين.
ان التركيز على الجانب الكمي والمادي في كل شيء من المسببات التي أفقدت التعليم نكهته وقيمته وطراوته.فقد نكتفي بشواهد تقديرية أحيانا ,مع اعتبار للتلميذ المتفوق وإحساسه بالتقدير من طرف المسئولين لما حققه من نتائج ,أكثر نجاعة من تسليمه سلة كتب بطريقة محتشمة لا تسمن بطنه ولا تغني عقله , للاعتراف بالمجهود المبذول.
– ان التلميذ المتفوق في حاجة الى دعم نفسي ومعنوي ,أكثر مما هو في حاجة الى كتب قد يرمي بها في سلة المهملات.
– ان التلميذ المتفوق ينتظر حضور أساتذة قسمه وأولياء أمره وجمع من الآباء والأمهات ,يحسونه بدفء المكافأة وقيمتها.

– ان التلميذ المتفوق ينتظر أن تقال في حقه كلمات حلوة ,وأن يقول كلمات عن سنوات قضاها مع ما حملت من جذ وهزل ومشاكسة أحيانا.
نركز كثيرا على القشور وننسى الأصول.كلماتنا مصطنعة وعباراتنا منمقة غير صادقة نتصنع كل شيء ,ونتهرب من كل شيء,وننتقد أي شيء.حضورنا محتشم,وشعورنا بالامتعاض واللامبالاة والانتقاص من أي عمل يقدم ,يزيد من لا زال يحتفظ ببعض الأمل لاستعادة المدرسة عذريتها إحباطا . حتى التطوع ينتقد,والمساهمة الايجابية لا تمجد .

فإلى أين نحن نسير؟
نحن بحاجة الى وقفة تأملية لتصحيح وضع يزداد كارثية يوما بعد يوم ,وسنة بعد سنة. حتى المتقاعدون يتركون فراغات لا تعوض لعدم وجود بدائل في مستوى الطموحات.
كيف يحضر حفل تتويج التلاميذ المتفوقين أقل من عشرة أساتذة؟
– كيف يحضر حفل تزكية التلاميذ المتفوقين عدد من الآباء يحسبون على رؤوس الأصابع؟ألهذا الحد أصبحت جمعيات الآباء ميتة ومتواضعة؟ألهذا الحد أصبح الآباء غير معنيين بالمدرسة العمومية؟كيف يحضرون بكثافة عند إقامة مثل هذا الحفل بالمؤسسات الخاصة,ويتغيبون عن المؤسسات العمومية؟أهي مسألة مظاهر وبروتوكولات ونفاق اجتماعي؟
– أين السلطات العمومية من هذا الحفل؟لماذا يحضرون الحفلات التي تقيمها النيابات الإقليمية ,حيث يتربعون على الكراسي الأمامية ويقدمون الجوائز ,وكأنهم ساهموا فيها ,أم واعون بمعانيها؟
– أين المنتخبون من حفلات آخر السنة بالمؤسسات التعليمية؟أم لا يحضرون إلا في سنة الانتخابات؟أو بتواجد ابن لهم, فقدمت لهم وقدموا لها كل المساعدات لمصالح ومأرب ضيقة ومؤقتة؟

ان الشكل الذي تقام به حفلات آخر السنة بالمؤسسات التعليمية لا يرقى الى طموحات التلاميذ ولا يحفزهم كما يعتقد ذلك الكثير.كلنا مسئولون عن التردي,وكلنا نحسن الهدم ولا نتقن البناء.مع استثناءات هنا وهناك ,الا أن الاستثناء لا يعتد به ولا يقاس عليه……