نيابات الأطراف وسراب المدرسة الجماعاتية
لقد ردد
الفرنسيون خلال الصدمة البترولية الأولى
شعار » إننا لا نملك البترول، لكننا نملك
الأفكار »، وهذا المثل ينطبق إلى حد بعيد
على المغاربة، الذين مهروا في إنتاج وإعادة
إنتاج الأفكار ، و مغربتها و جمركتها،
ومن أهم الأفكار القديمة عند الآخرين والجديدة
عندنا ، ما يعرف ب »المدرسة الجماعاتية »،
التي يعمل بعض المسؤولين على الترويج لها
في كل المناسبات، خاصة السادة النواب الذين
يديرون نيابات المغرب غير النافع، أو ما
يسمى ب » نيابات الأطراف »، التي تتميز
بالشساعة وانتشار الدواوير والمداشير،و
ما يتولد عنها من مركزيات وفرعيات وما تعانيه
من مشاكل مركبة ومعقدة ، بالإضافة إلى الجغرافية
القاسية التي لا تساعد على الاستقرار
البشري في ظل عوامل الجذب الحضري المختلفة،
لقد فشل هؤلاء في تدبير هذه المناطق
تربويا وبشريا، فاكتفوا بتدبير الأزمة
بشعار » العين بصيرة واليد قصيرة »،و
تحول المسؤولين على هذه النيابات إلى عطشى
في الصحراء يحسبون كل سراب ماء، مما يفسر
سقوطهم في غرام المدرسة الجماعاتية، و« للناس فيما يعشقون
مذاهب » ، كأنهم
اكتشفوا البارود ، أو توصلوا أخيرا إلى
الوصفة السحرية لمحاربة ظاهرة الهذر
المدرسي والانقطاع عن الدراسة ،و تمدرس
الفتاة، وحل المشاكل التربوية للعالم القروي،
وربما إمكانية الوقاية من أنفلونزا المعز
…
فليعلم هؤلاء أن هذه المدرسة لا زالت
حبرا على ورق، ولا زالت لم تتجاوز مرحلة
« النية »، وتعد مشاريعها على رؤوس الأصابع،
لهذا نحن مطالبين بالحذر في تقييماتنا
القبلية للمشاريع المختلفة ، ونعطى
لأنفسنا الوقت الكافي للتفكير والتعديل
والتنقيح ، يجب أن نعلم أن أي مقاربة جزئية
للفعل التعليمي في العالم القروي لن
يكتب لها النجاح مهما خلصت النوايا وصدقت.
إن هذه المدرسة فكرة جيدة ،ويمكن أن تحقق
الأهداف التي يتحدثون عنها، لكن غياب
مشروع مجتمعي واضح المعالم مبني على إستراتيجية
اجتماعية واضحة، تترجمها سياسات قطاعية
يلمسها المواطن على أرض الواقع، يجعل من
المدرسة الجماعاتية سرابا ، لهذا على الذين
يروجون للفكرة، ويجعلون منها حصان طروادة
الذي سيمكنهم من اختراق أسوار المجال الريفي،
أن يدركوا أنهم جربوا كل الوصفات المحلية
والأجنبية بدون فائدة،وأن لا ينظروا فقط
للجوانب التي تبدو إيجابية ، ويهملون الجوانب
السلبية أو يقللون من أهميتها، خاصة عندما
يتعلق الأمر بالجانب البشري، و »اللي
يحسب لوحدو أيشيط لو ». إن المسؤولين يتكلمون
عن المدرسة الجماعاتية باستعمال أفعال
المستقبل والتسويف، ويغيبون التفاصيل،
في ظل انعدام خريطة مجالية للمدرسة
المبشر بها ، إنها بكل بساطة سياسة »
الخطوة خطوة » الكسنجرية ،التي أوصلت
العرب إلى الباب المسدود ، وأفقدتهم الأرض
والعرض، يجب أن نعترف أنه في ظل المعلومات
الحالية ،لا يمكن للمتتبع للشأن التربوي،
أن يكون رأيا موضوعيا ومحايدا، فاشتغلوا
أعانكم الله، ولا داعي للمبالغة في الإشهار
لهذه المدرسة حفاظا على ما تبقى من مصداقية
وماء وجه، لقد تعودنا في هذا البلد ،عندما
يفشل المكلفون بتدبير الشأن التربوي يرمون
عبواتهم المفخخة لما يسمى »المجتمع المدني »،هذا
الكيان الهلامي غير الواضح الملامح، الموجود
على مستوى الخطاب، والمفقود والمجهول الهوية
على مستوى الممارسة، إن الجماعات المحلية
والفاعلين الاقتصاديين والساكنة المعول
عليهم، لم يحتضنوا المدرسة العمومية حتى
في المدن، حيث المستوى الثقافي والاقتصادي
مرتفع، فكيف سيحتضنها المجتمع الريفي الأمي
،الفقير، المهمش والمغلوب على أمره!؟
لقد
صرح الأستاذ الفاضل « الناجي شكري »، نائب
وزارة التربية الوطنية بإقليم اشتوكة أيت
باها، » بأن المدرسة( الجماعاتية) ستتحول
إلى فضاء منفتح على محيطه السوسيو ثقافي »،
وأضاف في مكان أخر أن « الفرعيات الفارغة
يمكن توظيفها، وبتنسيق مع الساكنة وهيأت
المجتمع المدني، في التعليم الأولي والتربية
غير النظامية ومحاربة الأمية وتأهيل المرأة
القروية »، وأقول له كم من مدرسة فارغة
في نيابة وجدة أنجاد حولتموها يا « أبا
أيوب » إلى التعليم الأولي ، حيث الإقبال
الكثيف، وعلي أي محيط سوسيو ثقافي ريفي
تتحدث يا نائبي العزيز؟ فغير بعيد عن مسقط
رأسكم ياسيدي الفاضل، ذهبت 3 معلمات لشراء
الخبز والخضر،بعد أسبوع من حصار أمطار
الخير لهن، وبعد عودتهن وجدن المجرمين
قد سرقوا متاعهن…لم نعد نسمع يا سيدي المحترم
عن الثقافة إلا في التلفزيون، ولم نعد نسمع
عن الساكنة والمجتمع المدني إلا عندما
يسبنا، و يحرض علينا ، ويحرمنا من ممارسة
حقوقنا الدستورية ،فاعلم سيدي حفظكم الله
أن سكان البوادي منشغلون بمشاكلهم اليومية
بحتا عن كيس من الدقيق الوطني، وقوالب السكر
المدعمة، وبعض خشب التدفئة، والتفكير
في حماية أسرهم من الفيضانات والبرد ومختلف
الأمراض، وتركوا رفاهية الثقافة لسكان
المدن، حيث يقضي « المثقفون » جل أوقاتهم
في المقاهي ينتظرون » الهمزات »، إنه
زمن الرداءة في كل شيء، يا « أبا أيوب »
…
إن الريف المغربي يعرف أزمة اقتصادية
واجتماعية خانقة، لم تتمكن كل برامج التنمية
الاقتصادية والاجتماعية من إخراجه من وضعه
المتأزم، كما أن المساعدات الدولية والبرامج
الأجنبية كانت نتائجها محدودة. إن المقاربة
التجزيئية للواقع المغربية أغفلت التحديات
الكبرى لإعداد التراب الوطني،وأصبحنا
مطالبين بالرفع من أداء الاقتصاد الوطني
وتنمية العالم القروي وترشيد استغلال الموارد
الطبيعية ، والتوزيع العادل والمنصف لثروات
البلاد، والتخلي على « سياسة الصدقة »،
ونخشى أن يحول مشروع «تيسير» سكان البوادي
إلى اتكاليين، ويؤدي إلى رفع نسب التزايد
الطبيعي،والمزيد من الإخلال بالتوازن
بين ساكنة الريف واقتصاده اليانصيبي الهش
، وبالتالي المزيد من الهجرة القروية،
والدخول في الحلقة المغلقة، وترحيل المشاكل
إلى المستقبل، ورهن التنمية المستدامة
.
الكل يعلم
أن مدينة وجدة ، قطب جهوي وقاطرة الجهة
، وتحظى بعناية ملكية سامية فائقة، وتعرف
كل القطاعات يقظة ونهضة ملموسة، إلا أن
قطاع التعليم فيها لا زال يعاني الكثير
من المشاكل، تزداد حدة مع التوسع المجالي
للمدينة التي أصبحت تفتقر للأوعية العقارية،
خاصة في الهوامش التي ستعرف قريبا كارثة
تربوية،بسبب قلة المؤسسات الجديدة المواكبة
للتوسع العمراني، إضافة إلى معضلة الموارد
البشرية التي يبلغ متوسط أعمار 80 في المائة
منها أكثر من 50 سنة،وسيحال على التقاعد
45 أستاذ وأستاذة، خلال الموسم الدراسي
2010 – 2011 و 43 في الموسم 2011 – 2012 و 71 أستاذ
وأستاذة2012 – 2013 ، كما يعاني أكثر من 300 أستاذ
وأستاذة من أمراض مزمنة كالسرطان، وتصفية
الكلي وانتشار الأمراض العقلية والنفسية
، والإعاقات الحركية، دون الحديث عن السكري
وأمراض الشرايين والضغط الدموي التي أصبحت
أمراضا عادية لدى الأسرة التعليمية…سنعمل
على إيصال مطالبنا الملحة ومطالب فيدرالية
إخوتنا في إقليم الناظور، التي رفض ممثلهم
في المجلس الإداري حملها، للسلطات التربوية
المركزية والمتمثلة في :
- المزيد من
الدعم والعناية لنيابات الجهة الشرقية
بصفة عامة وقطبها نيابة وجدة أنجاد بالخصوص
،واستحضروا أنها مرآة المغرب وبوابته،
واعلموا أن نساءها ورجالها يوجدون في الخندق
الأمامي . - اعتبروا
نيابة وجدة أنجاد » نيابة منكوبة بشريا »
،وزودوها بالخرجين الجدد، وبالعناصر
الشابة القادرة على التدريس بواسطة الطرق
الجديدة والكفيلة بتحقيق النتائج السارة،
وإمكانية تغيير دار لقمان ،لأن هذا « اسطاتيكو »
يحكم على العديد من زملائنا في البوادي
بالإعدام ويبقيهم في الأرياف طول حياتهم،
غير مقبول أن يكون نصيب النيابة صفرا من
الخريجين الجدد. - لقد كنت دائما
أقسو وألوم المسؤولين التربوية على صعيد
الجهة الشرقية ، الذين يمكن أن نختلف معهم
أو نتفق حول الأداء، لكن نعترف لهم بالكفاءة
والمهنية،والوطنية الصادقة ولا تعوزهم
إلا الإمكانيات المادية والبشرية،فساعدوهم،
أنتم الموجودين في المركز، على القيام
بواجبهم على أكمل وجه، وفروا لهم الإمكانيات،
وحاسبوهم حسابا دقيقا.لقد عاينا ميدانيا
ظروف اشتغال نواب الجهة والاكراهات
ومختلف الضغوط والمشاكل المعقدة التي يواجهونها
يوميا،إن وزارتنا الموقرة تريد فعل الكثير
بالقليل، ورغم ذلك سنناضل من أجل إنجاح
مدرسة النجاح، رغم الكثير من التحفظات،
وتبقى الوسيلة الوحيدة للنجاح هي الاستمرار
بقوة حتى النهاية،إنني لا أستسلم أبدا
حتى عندما يقول لي الناس إنني لن أنجح أبدا.لقد
خلقنا لنمارس الإصرار هكذا نستطيع أن نعرف
من نحن،متوكلين على الله عز وجل، » ومن
يتوكل على الله فهو حسبه
3 Comments
على اي مركز تتكلم في خاتمتك هذا المركز الذي ينبغي ان يساعد النيابات ، هل تعلم مايحذث داخل النيابات ؟؟ هل اطلعت يوما على مايجري فيما يخص الصفقات تنفيذ الميزانية ، الوزارة تلوم النواب والنواب يلومون الوزارة، فمن نتبع ، وهل تفصح النيابة عما تفعله امام الشركاء وخاصة النقطة الحمراء المتعلقة بالمالية ولو في القليل يحتاج الامر الى تدبير جيد وشفاف
c’est trop monsieur houmine, tu veux quoi exactement?? Tu dis toujours qu’on a des bons résponsables, mais c’est tout à fait le contraire…
لقد قرأنا منذ 2005 موضوع للأستاذ بنعيسى احسينات تحت عنوان: (التربية والتعليم بالعالم القروي في المغرب:
من الاختلالات القاتلة إلى البدائل المرغوب فيها) المنشور في عدد من المواقع وبعض الصحف الوطنية حيث كان البحث يتناول المركبات التربوية المسمات اليوم المدرسة الجماعاتية كبد لمجموعة مدارس في العالم القروي لكن لم تعر لهذا البحث أي اهتمام يذكر. فكيف قفز هؤلاء النواب على ذكر هذا البحث الذي كان له السبق في طرح هذا الإشكال. يمكن كتابة عنوان الموضوع على » كوكل » مع اسم كاتبه لقراءته ومعرفة تاريخ نشره